لم تكد مشاهد عملية “نصرٌ من الله” التي وثقت تعامل المجاهدين مع جموع الأسرى تختفي عن الشاشات ووسائل العرض التلفزيوني وغيرها ، فهي مع ما جسّدته من أخلاقيات وقيم تعبّر عن عظمة المشروع الذي يحمله المجاهدون ، أوجدت من الدروس ما يكفي لأن تكرس سلوكاً راقياً في كل الحروب وضوابطها في التعامل مع الأسرى، بالإضافة إلى ما تبعها من مبادرة لإطلاق الأسرى كخطوة إنسانية أحادية وما أنتجته تلك الخطوة من مشهد نموذجي، حتى ظهرت جرائم المرتزقة وفظائعهم في التعدي على الحرمات والأعراض كما حدث بالساحل الغربي، ثم التنكيل بالأسرى في سجون مرتزقة العدوان “الإصلاح” بمأرب.
صحيح أنهم يضعون الجميع أمام مشهدين مغايرين، لكنهم بهذه الممارسات السلوكية الشاذة، يريدون إنتاج سلوكيات منحطة وساقطة وتكريسها في الوعي الجمعي لليمنيين كحالة مقبولة أو هكذا يفترض!
يتحمّل حزب الإصلاح المسؤولية الكاملة للجريمة ، فمأرب وسجونها ومعتقلاتها تحت سيطرته ، وقد سبق وأن ارتكب المرتزقة المنتمين لحزب الإصلاح جرائم قتل وإعدامات داخل سجون مأرب وشهدت حالات قتل متعددة خلال الفترات الماضية، وتكشف الجريمة عن ممارسات همجية وموغلة في البشاعة والانحطاط، إذ أن الأسرى الثلاثة قضوا تحت التعذيب والتنكيل بسياط البوليس الأمني لحزب الإصلاح المسيطر على مأرب وسجونها ومعتقلاتها.
سبق وأن شاهدنا عناصر الإصلاح في مشاهد سابقة وهي تحتفي بالسحل والذبح في شوارع تعز، وقرأنا وسمعنا مثقفي الحزب يتلذذون بتلك المشاهد المقززة، سبق وأن تباهى هؤلاء بتلك المشاهد واعتبروها بطولات تاريخية، تلك تمظهرات الحقد والجريمة المتلبسة بعناوين وشعارات دعائية خائبة وساقطة .
من نافلة القول أن هذه الممارسات البغيضة ليست القرينة الوحيدة على قبح الارتزاق وفحش الجريمة ، لكنها كافية من تفاصيلها وهمجيتها للكشف عن حالة الانحطاط والسقوط التي يعيشها حزب الإصلاح وهو يمارس التنكيل باليمنيين إنفاذاً للأوامر الملكية والأميرية السامية من أبو ظبي والرياض، على أن تلك الممارسات لا تعبر إلا عن العجز والفشل والنقص لدى هؤلاء.
المرويات كثيرة جدا والقصص مروعة ، ما يتلقاه المعتقلون والمختطفون والأسرى في سجون العرادة وحزب الإصلاح تنكيل مكتمل الأركان ، فسوء المعاملة ووحشيتها ، إضافة إلى التعذيب بالسياط والكهرباء والضرب والركل سجلت مئات حالات الوفاة تحت التعذيب، كما أن المئات أُصيبوا بعاهات جسدية وإعاقات مستديمة جراء التعذيب والضرب بأسياخ الحديد واستخدام الكهرباء أثناء التحقيق والاستجواب ، ومن لم يمت بالتعذيب مات بالأمراض والإصابات الناتجة عن انعدام الرعاية الصحية ، والتغذية السيئة التي بالكاد يحصل عليها المخطوفون ولا تزيد عن وجبة إلى وجبتين كل 24 ساعة.
الممارسات والفظائع التي ترتكبها سلطات الإصلاح في مأرب لا تختلف عن تلك التي مارسها ضباط الاحتلال الإماراتي ومرتزقتهم في عدن والمحافظات الجنوبية ، والمؤسف أن ضحايا الإماراتيين جلهم من المحسوبين على الإصلاح ، وهذه المفارقة الصارخة الكاشفة كافية بحد ذاتها لتعريتهم وفضحهم ، لقد بالغوا في أذية اليمنيين، واقتادوهم إلى المعتقلات والسجون السرية وخطفوهم من الطرقات والأسواق والأماكن العامة ، ثم ما تركوا وسيلة من وسائل التعذيب النفسية والجسدية إلا ومارسوها ، حتى أن كثير من السجناء أصيبوا بحالات نفسية ، أما حالات الاغتصاب فما أفصح عنه التقرير الأممي كافيا ويكشف السلوك الشاذ والمريع لهؤلاء المنحطين العملاء.
لم تكن الجريمة المروعة التي ارتكبها مرتزقة العدوان في سجون مأرب بحق ثلاثة من الأسرى سابقة من نوعها ، فقد رأينا وشاهدنا فظائع مروعة مارسها العملاء المنحطون في مدن ومحافظات أخرى ، ومنها حالات إعدام الأسرى الوحشية التي شاهدناها في صور ومشاهد كان المرتزقة يتلذذون بها تكشف عن نفسيات غير سوية، فرغم ما تراكم من إرث ممارساتهم البشعة وارتكاباتهم الهمجية ، التي تعكس في مجملها السلوك الهمجي الشاذ، وتنطوي على ما يكفي لإثبات أن هؤلاء عبارة عن عصابات منفلتة ومارقة تقاتل وتقتل وتعتدي على اليمنيين بأحقاد انتقامية ثأرية ، وتستهدف الجميع بلا تفرقة ، ورغم ما سبق من ممارسات ، فإن إعدام الأسرى الثلاثة تحت التعذيب جاء في التوقيت الذي أراده المرتزقة أن يكون عكازاً للنيل من الصورة الناصعة التي عكسها مشهد التعامل الإنساني للمجاهدين في عملية “نصرٌ من الله”.
وكما يقال كل طرف يصنع الزاوية التي تشبهه دائما ، وهؤلاء الذين جمعوا بين الأدوار الوظيفية وبين الأحقاد الغرائزية على اليمنيين، في نهاية المطاف قد يجدون أنفسهم في سجون ومعتقلات من يقاتلون إلى جانبهم اليوم كعملاء ومرتزقة..ولات حين مندم.