كثير من المفكرين والسياسيين والعلماء والإعلاميين والباحثين من مختلف انحاء العالم تحدثوا ولا يزالون يتحدثون عن حقيقة المنظمات الحقوقية الى درجة ان البعض وصف دورها انها تعمل في المجال الاستخباراتي لجمع المعلومات في ما يتعلق بالجانب العسكري والسياسي خصوصاً اثناء الصراعات العسكرية ، وهناك من وصف دور المنظمات أنه دور افسادي للمجتمعات من خلال نشر الرذيلة والانحلال وتفكيك الروابط وهدم القيم والمبادئ وعلى الرغم ان هذه المنظمات تعمل تحت عناوين براقة مثل حماية حقوق الانسان ورعاية الأمومة والطفولة وشؤون اللاجئين وغير ذلك لكن واقع عملها يختلف عن ما تروج له عن نفسها في وسائل الإعلام.
وقبل الحديث عن الدور السلبي للمنظمات الحقوقية التي تلقب نفسها أنها منظمات إنسانية بمختلف توجهاتها ومهماها وأعمالها ومسمياتها، اولاً نقف عند كلام مشحون بالحكمة ويدعو للتفكر للشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي الذي وصف المنظمات بوصف دقيق نلمسه في واقعنا اليوم حين قال ((ما يقدمونه عبارة عن طعم كما يقدم الصياد للسمكة قطعة لحم ـ يرون بأنه لا ينفع عند هذه الأمة لن يقول لك في الأخير إذا لم يقبل عندكم نحن نريد وجه الله الباري سيكتب أجرنا، هم ليسوا حول هذه يعرفون أن هذه الأمة لا تخدع بما يقدم لها أبداً وإلا فسيكون الناس أغبى من السمكة في البحر التي عندها أن الصياد ذلك فاعل خير أنزل لها قطعة لحم أنه جاء من البيت قاصدا وقد ترك شغله وعمله ليقدم للسمكة قطعة لحم وهي لا تدري أنه يريد أن يأكلها هي بكلها بواسطة قطعة اللحم تلك، إذاً ألم يستفد الصياد أكثر مما قدم ؟ كل أعمالهم لا تخرج عن هذا المثل حقيقة قطعة لحم يستفيد بدلها كيلو أو اثنين كيلو أو أكثر على حسب حجم السمكة وغبائها) وهذه حقيقة نلاحظها في واقعنا منذ بداية العدوان الى اليوم، ومن قبل ذلك لكن مرحلة العدوان كشفت دور المنظمات السلبي والمشبوه بل والمؤكد انه دور لا يخدم الإنسان بقدر ما يؤثر في واقعه ومستقبله على المدى البعيد وعلى مختلف الأصعدة.
ولو نأتي الى تقصي الحقائق التي تدلنا على الجوانب السلبية للمنظمات سنجد ما يثير الذهول والدهشة وبالنسبة لنا كشعب يمني لدينا تجربة لا بأس بها مع هذه المنظمات، بداية من الأمم المتحدة التي تلعب دور الرائد في المجال الانساني والحقوقي على مستوى العالم، وتحظى بحضور إعلامي ونفوذ سياسي ودعم مادي كبير إلا انها لم تستطع ان تعمل للشعب اليمني أي شيء يخفف عنه المعاناة نتيجة العدوان والحصار، لم تعمل على فك الحظر عن المطارات والموانئ ولم تبذل أي جهد حقيقي في سبيل تحقيق السلام ووقف العدوان، فقط يقتصر عملها في تصريحات وإدانات وتقارير لا تؤدي أي نتيجة وهذا يعني انها تمارس عملاً مشبوهاً قائماً على المكر والكذب والخداع، وليس لديها أي توجهات جادة تثبت حقيقة ما تدعيه وما تقول انها تعمل من اجله وهو حماية حقوق الإنسان.
وكذلك الحال بالنسبة لبقية المنظمات التي جزء منها يقول انه يهتم بالطفولة ، رأينا كيف ان هذه المنظمات لم تعمل أي شيء لأطفال اليمن على مدى خمس سنوات على الرغم مما يتعرضون له من قتل وحصار وتدمير لمستقبلهم التعليمي والصحي من قبل العدوان الأمريكي السعودي، جرائم فضيعة يرتكبها العدوان بحقهم يقصفهم في الطرقات والمدراس والمنازل بالطائرات والقنابل المحرمة ويحاصرهم الى درجة ان الكثير منهم يموتون بسبب سوء التغذية وانعدام الأدوية، ومع ذلك تجد دور المنظمات شحيحاً جداً ولا يرقى الى حجم المعاناة.
لقد اتضح جلياً ان هذه المنظمات لا إنسانية فيها ولا يوجد في اعمالها ما يمكن ان يثبت حقيقة انها منظمات حقوقية، لأن اسهاماتها قليلة وليست بالشكل المطلوب وسلبياتها كثيرة في مختلف المجالات التي منها استغلال الصراع والظروف وتكديس الناس في مخيمات وابعادهم عن العمل والزراعة والتجارة والاعتماد على انفسهم، فتحصل بطالة ويحصل فقر في اوساط المجتمع، ناهيك عن الأعمال الإجرامية التي تمارسها المنظمات بشكل مباشر وغير مباشر من خلال توزيع مساعدات فاسدة غير قابلة للاستخدام تنتج عنها امراض، كذلك الحال بالنسبة لإهدار المال والمساعدات في امور ثانوية بعيداً عن من يستحقونها الى مستوى ان المنظمات اصبحت تتاجر بمظلومية الشعوب ومعاناتهم.
لهذا ينبغي ان يكون التعاطي مع هذه المنظمات تعاطياً مدروساً ومنظماً بحيث لا يفسح لها المجال فتلعب بتركيبة المجتمع وتؤثر سلباً على مستقبل وحياة الإنسان، لأنهم يريدون ان تبقى الشعوب العربية في حالة ركود وصراع لا تعمل ولا تنتج ولا تطور قدراتها، يريدون ان نبقى نلهث وراء لقمة العيش وهم يتحكمون في كل شؤون الحياة بما يخدم مصالحهم ويضر ويهدم مصالح هذه الأمة، والله تعالى قد تكفل برزق عباده ونصر المجاهدين في سبيله فقال “ومن يتوكل على الله فهو حسبه ان الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا”.