في عصر الأسلحة النووية والصواريخ الذكيِّة العابرة للقارات والطائرات المقاتلة والنفاثة الفائقة السرعة والدقة في التصويب وفي عصر ما يعرف بسباق التسلُّح بين دول العالم، برز الشعب اليمني من وسط الركام والحصار ووضع لنفسه مكاناً في عالم صناعة الأسلحة وتطويرها، حيث اصبحت اليمن اليوم دولة بالستية ودولة مصنِّعة للطائرات المسيرة ودولة مصنِّعة للصواريخ الذكيِّة المجنَّحة ودولة تمتلك منظومات دفاعية متطوِّرة في مجال الدفاع الجوي، ولا تزال وحدة التصنيع العسكري التابعة للجيش واللجان الشعبية تواصل عملها في صناعة وتطوير عدد من المنظومات العسكرية في مختلف المجالات البرِّيَّة والجوِّيَّة والبحريَّة والصاروخية.
قال الله تعالى في القرآن الكريم عن الشعب اليمني في عصر نبي الله سليمان على لسان اهل اليمن (نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ) هذا وهم كانوا لا يزالون يعبدون الشمس فكيف بهم اليوم وهم يعبدون الجبار والقوي والقاهر ويثقون به ويتوكلون عليه، لا شك أن قوتهم اعظم بكثير من ذلك الوقت، كيف لا وهم يصنعون المعجزات ويطوِّرون القدرات ويحطِّمون اقوى جيوش العالم ويتغلَّبون على الطواغيت والمستكبرين، والمعطيات الميدانية تثبت ذلك، اليوم الشعب اليمني الصامد بالله اقوى من أي وقت مضى، اقوى نفسياً وايمانياً وعسكرياً واقوى بقضيته المحقّة وصموده الذي لا يقارن.
نحن اليوم أولو قوة ونحن أولو بأس شديد، نقول ذلك من منطلق الثقة بالله والاعتماد عليه ومن واقع القول والفعل والمعطيات الميدانية والتطوير المتصاعد للقدرات العسكرية والمنظومات الدفاعية التي يتم تصنيعها وتطويرها على ايدي رجال من أبناء اليمن في وحدة التصنيع العسكري التابعة للجيش واللجان الشعبية التي استطاعت بعون الله تعالى ان تصنع الكثير من المنظومات والأسلحة العسكرية في مختلف المجالات الدفاعية والهجومية والطائرات المسيرة في فترة زمنية وجيزة وفي ظل عدوان وحصار اقتصادي، والهدف الأساسي من صناعة هذه المنظومات هو ردع الغزاة والمعتدين والدفاع عن الشعب والوطن وحماية استقلال وعزة وكرامة هذا الشعب.
على مدى خمسة أعوام كانت دول تحالف العدوان على اليمن تحلم في أن ترى الشعب اليمني مستعمرا ضعيفاً هزيلاً يستجدي منها الماء والدواء والغذاء، لا يملك قرار نفسه ولا يملك أي ذرة من الحرية والعزة والكرامة، استخدمت دول العدوان جميع إمكانياتها العسكرية والمادية وجرَّبت كل أنواع الصراع وارتكبت أبشع الجرائم في سبيل تحقيق أهدافها، لكنها فشلت وحصل ما لم تكن تتوقَّعه ولم يكن يخطر لها على بال.
كانت دول العدوان تطمح في ان ترى اليمن ضعيفاً لكنه صار اقوى، كانت تحلم ان ترى اليمن مستعمراً، لكنه صار اكثر عزيمة وإرادة وتصميماً على الحرية، ليس فقط لليمن بل للأمة العربية والإسلامية بأكملها ،لم تستطع دول العدوان ان تصنع فجوة صغيرة من الهزيمة النفسية في نفوس اليمنيين على الرغم من حجم الهجمة التي تستهدفهم، بل على العكس كلّ ما استطاعت فعله هو انها عجزت عن كسر عزيمة وصمود هذا الشعب لأنه يملك مقومات عظيمة لا يمكن قهرها تكمن في الثقة بالله والقيادة الحكيمة والثقافة القرآنية والمشروع القرآني، هذه المقومات دفعت بالكثير من ابناء اليمن الى ميادين العزة والكرامة وجعلت اليمنيين يهرعون إلى مجال التصنيع العسكري والى السعي نحو الاكتفاء الذاتي في مجال الزراعة وإلى النهوض في مختلف المجالات، غير مكترثين لحجم الهجمة التي تستهدفهم، بل جعلوا من الصراع مع العدو فرصة وميداناً للإبداع والاختراع والتطوير والعمل والبناء.
لم يتبق سوى شهر واحد على انتهاء العام الخامس من العدوان، ومن يعرف اليمن قبل العدوان وفي السنوات الأولى من العدوان ثم ينظر إليه اليوم، سيجد انه صنع تحوِّلات مذهلة ومتغيرات كبيرة نحو الصعود في سلم القوة والاستقلال والإعداد والتحدي، لا مقارنة بين عامي 2015م و2020م، بل لا مقارنة بين الأعوام 2016 و2017 و2018 و2019م، ولا يزال العمل قائماً والميدان مفتوحاً، والقادم بعون الله اعظم، كل عام يختلف عن الآخر من حيث الأحداث والمستجدات ومن حيث تنامي القدرات العسكرية ومن حيث بناء النفسيات ايمانياً ومعنوياً وفكرياً وثقافياً واخلاقياً واجتماعياً وجهادياً وفي مختلف المجالات بعيداً عن حجم التضحيات والضحايا والدمار والمعاناة والحصار وغيرها من العوامل التي صنعها طغيان دول تحالف العدوان والتي لم تؤثر سلباً على الشعب الصامد بل اثرت بشكل ايجابي وصنعت حالة منقطعة النظير من حيث الهمة والنشاط والمسؤولية والعمل والجهاد والصمود.
لذا نستطيع القول ان الشعب اليمني الصامد بقيادته وجيشه ولجانه شعب فريد من نوعه، شعب عظيم قهر التحديات وتغلَّب عليها وصنع من الضعف قوة ومن المستحيل ممكناً ومن الصعب سهلاً وجعل من الصراع مع الطواغيت مسرحاً للعمليات النوعية والمعجزات الخارقة للعادة والتطوير الذاتي والبناء في مختلف جوانب الحياة.. اليوم يمكننا القول بكل فخر واعتزاز إن الشعب اليمني الصامد العظيم عندما وثق بالله وعمل معه بصدق وجاهد في سبيله، استطاع ان يتغلَّب على الأعداء وان يقهرهم وان يجعل مشاريعهم تفشل وقواتهم تحترق وتتلاشى وطموحاتهم تتبدَّد وتنهار، وان هذا الشعب الصامد ماض على هذا المنوال وهو بالله تعالى اقوى واشد.