أنعم اللهُ علينا في اليمن بالكثير من الموارد والكثير من النعم، فبلادُنا -ولله الحمد- تمتلك مواردَ طبيعية كثيرة (أراضيَ زراعية خصبة، ثروات معدنية، ثروات نفطية وغازية، ثروات بحرية متنوعة) ولدينا القوة العاملة وَهذه الثروات لا توجد في الكثير من البلدان التي تتربع على عرش الاقتصاد العالمي.
فموقعُ اليمن موقعٌ استراتيجي بامتيَاز ولديها سواحل طويلة، وتمتلك موانئ لو تم استغلالها سترفد الخزينة العامة للدولة بمليارات الدولارات سنوياً، وَتمتاز اليمن بخصوبة تربتها وتنوع مناخها وتضاريسها وجودة منتجاتها وعلى مر العصور قامت الحضارات اليمنية معتمدة على الزراعة، وفي اليمن ثروات معدنية كثيرة (ذهب، فضة، نحاس، زنك، رخام، جرانيت، وزجاج… إلخ) وتختزن في باطنها النفط والغاز بكميات تجارية كبيرة، ويوجد أكبر حوض نفطي في الجوف حسب تقارير دولية.
وأمام هذه الموارد الكبيرة هناك سؤال يطرح نفسه: لماذا لم نرتق، ولم نكتف ونصل إلى ما وصلت إليه دول العالم الفقيرة في مواردها؟
فقرنا ليس في الموارد كما تصوره لنا دول الاستعمار ومنظماتها الاستعمارية، بل مشكلتنا هي في سوء الإدارة، فلا يوجد من يستغل هذه الثروات وهذه الموارد ويوظفها في بناءِ ونهضة اليمن، فعلى مدى عقود ونحن نسمع عن تشكيل حكومة كفاءات، حكومة شراكة، حكومة معظم أعضائها خريجي كبريات الجامعات العالمية، حكومة تكنوقراط، ونسمع عن برنامج الإصلاح المالي والإداري، وعن مكافحة الفساد، و… إلخ، ولكن للأسف الشديد البلاد تتدهور والأوضاع تزداد سواءً، والفقر ينتشر، والشعب يموت جوعاً، والشباب عاطل عن العمال، والأراضي تهمل والزراعة تتدهور، والاستيراد من الخارج في تزايد حتى وصل الاستيراد إلى 95 % من احتياجاتنا، فاليوم وقد وصلنا إلى ما وصلنا إليه، ومع توجيهات قائد الثورة من الاستفادة من الموارد التي تمتلكها اليمن فَـإنَّ علينا أن نستفيد من قصة نبي الله يوسف، عندما وصل إلى مصر وسنين القحط تفتك بمصر لم يأتِ لهم بموارد جديدة وإنما بعقلية إدارية جديدة للموارد القديمة، فيوسف علية السلام استطاع أن يحل مشكلة الجوع في مصر، من خلال استغلال موارد مصر، فأدارها إدارة وفق هدى الله، وهذا ما نحتاجه اليوم، أن تكون عندنا تنمية اقتصادية (زراعية- سمكية- معدنية- نفطية- غازية) وفق هدى الله، بعيدًا عن التنظير، والقفز والشطح. وعلينا أن لا نبقى نحمل السابقين عجزنا عن تحقيق تنمية شاملة، وأن لا تظل القوانين والتشريعات هي المعيق وهي الحجّـة التي يتحجج بها الفاشلون والعاجزون، فمن وضع هذه القوانين والتشريعات هم بشر، فيجب الإسراع في تغييرها وتعديلها وبما يتواءمُ مع تطلعات المرحلة، فعيب علينا أن نسير كما سار عليه السابقون الذين كنا ننتقدهم ونتكلم عليهم، وَيجب وضع الهدف العام للحكومة، ووضع الاستراتيجية المستمدة من روح الدين الإسلامي، وأن يتم محاسبةُ الفاسدين، وأن يتم استغلال الثروات في بناء الوطن وليس في شراء السيارات والفلل، وأن تكون التعيينات وفق التخصص والكفاءة والأمانة والوطنية بعيدًا عن المحسوبية، والمجاملة والقرابة، والانتماء، فالوطن اليوم محتاج للانطلاقة نحو العمل الجماعي والتعاون بين كُـلّ فئات الشعب والتقشف، وأن يتم وضع كُـلّ ريال في مكانه الصحيح، وأن نحارب الربا في التجارة والبنوك وغيرها، ما لم فأذنوا بحرب من الله.
الأوطان تبنى بسواعد أبنائها المخلصين الشرفاء الوطنيين.