لماذا لم نعد نسمع أهازيج الوحدة وأغانيها؟!
لماذا لم نعد نرى ذلك الزخم الكبير الذي كان يصاحب احتفالياتنا بعيد الوحدة؟!
لماذا أصبحت ذكرى الوحدة تمر علينا مرار الكرام كأنها لم تكن؟!
ما الذي جرى يا قوم؟
هل شاخت الوحدة؟ أم أنَّ عقولَنا هي من شاخت وأصابها الخرفُ حتى أننا لم نعد نعير أغلى مكتسباتنا وأكبر منجزاتنا أي اهتمامٍ يذكر يليق بمكانتها وقدرها؟!
أم ماذا يا تُرى؟!
هل انعكس صراعُ الإخوة الفرقاءُ سلباً على رمزية وقدسية الوحدة في نفوس الناس حتى أصبح كلُّ فريقٍ منهم يتهددنا ويتوعدنا بالنيل منها؟!
وما ذنب الوحدة؟!
الوحدة في الحقيقة ليست ملك فصيلٍ سياسيٍّ بعينهٍ أو حزبٍ بذاته أو أي مكونٍ أو تيارٍ أو حراك أو شمالٍ أو جنوب حتى يُعطي لنفسه الحق في أن يبت في أمرها أو يبحث في مصيرها، ولكنها ملكٌ للأمة وحقٌّ مكتسبٌ أصيلٌ للشعب.
كما أنها ليست ملكاً لجيلٍ بنفسه حتى يمتلك في لحظة انحطاطٍ وطني قرار الإجهاز أو الانقلاب عليها وإنما هي ملكٌ لكل الأجيال اليمنية المتعاقبة السابقة منها واللاحقة.
هي في الحقيقة ثمرة وحصاد نضالات وتضحيات أجيالٍ وأجيال عبر عشرات ومئات السنين.
ألم تكن يوماً لنا ولآبائنا وأجدادنا حلمُ الأحلام وأسمى الأماني والآمال، فمن خوَّلك أنت أو هو أن تصادروا في لحظة طيشٍ وانتهازيةٍ رخيصةٍ علينا وعلى آبائنا وأجدادنا هذا الحلم؟
لا تجعلوا منها بأي حالٍ من الأحوال أمراً قابلاً للنقاش أو المساومة أو المقامرة ولا تضيعوها فتخسروا أنفسكم وتخسروا الشعب !
فالوحدة لم تذنب بحق أحد..
نحن بصراحة من أذنبنا بحقها يوم أن فكّرنا لؤماً أن نجعل منها شماعةً نعلق عليها فشلنا وحماقاتنا وأخطاءنا بحق بعضنا البعض.
باختصار..
قد نتراجع يوماً وفي لحظة من اللحظات عن الديمقراطية أو التعددية أو أي شيء لنا ثمين في هذا الوطن إلا أنه لا يمكن لنا بأي حالٍ من الأحوال أن نتراجعَ قيدَ أنملة أو نفرِّطَ بالوحدة، فالوحدة اليمنية خطٌّ أحمرُ من اقترب منه أو حاول المساس به خاب وهلك وخسر.
عاش اليمن واحداً موحَّداً وعاش الشعبُ وعاشت فلسطينُ والأمةُ ولا نامت أعينُ الجبناء.
عيد وحدة مجيد.. وكل عام وأنتم والوطن وفلسطين بألف ألف خير وعافية.