يقول مظفر النواب: "لعنت زمانا خصى العقل فيه تقود فحول العقول" لم يكن زمنا مبني للماضي ما اشار اليه النواب , بل هو حاضرنا الأليم الذي أنحرفت فيه قيم المواطنة بفعل الهوس السياسي المعارض والباحث عن نصيبة من الغنيمة على حساب شعبه وأرضه .
وفي ظل الصراع المحموم الذي نعيشه منذ سنوات كانت كافية لتكشف لا حقيقة النخب القيادية في نضالها النبيل او الأني الضيق ممّن غلّبوا مصالحهم الأنانية على المصالح الوطنية , لاسيما إولئك ذوي السجل المميز من الإنجازات الوطنية والمشاريع النهضوية الذين محوا جُل أعمالهم بموقف ولائي على حساب الوطن فكم من شخصيات سابحة في فضاء من وهم المثاليات الذي يروها مُحققّة حالما يتم إبادة الشعب كاملة وتطهيره ممن يقفون في طريقهم , بدأوا يتنبهون أنهم كانوا مجرد أداة تزييف للوعي إذا ما كانت أداة جريمة .
فبعد ان تم الإيحاء لجمهورهم أنهم النخبة الافضة للواقع والتي تحمل رؤية مثالية لقلب الموازين اتضح لهم انهم كانوا مجر دعاية سوداء مخالفة لطبيعة الواقع ولهذا تبدلت المواقع في الخنادق وفقدَ كل ذي حق حقه وكل ذو رؤية صائبة خسر صوابها ومصداقيتها بمجدر الاصطفاف في الخندق الخطأ , من حكايات ثوار 26 سبتمبر 1962 و14 أكتوبر .
لن أقف أمام اسماء بذاتها ولكن هذا ما ثبتته أحداث مسيرتهم الكفاحية والنضالية ضد ظلم وطغيان النظام الكهنوتي الظالم بيت حميد الدين وتطلعهم نحو إقامة نظام جمهوري شعبوي عادل ,عندما وجدوا أنفسهم امام ممارسات خاطئة وتشوهات سلوكية في ظل نظام حكومة الثورة وجدوا انفسهمم يتصرفون بردة فعل حمقاء فيبعثروا كل قيمهم الثورية طموحاتهم ليقبلوا على انفسهم أن يكونوا في الخندق الخطأ خندق الثورة المضادة لأسقاط النظام الجمهوري .
وسأسوق نموذج أقرب إلى ذاكرة الحاضر نموذج شخصية "علي سالم البيض" رجل الدولة الأول الأستثنائي في زمنه , عندما تنازل طواعيةٌ من أجل تحقيق هدف من أهداف الثورة وأصبح أسطورة جيل زمن 22 مايو 1990 المثالية الذي بدأ يتربع على عروش أمالهم وعواطفهم وتطلعاتهم , ويتقزم أمامه شخص علي عبدالله صالح ومنظومته في حكم شمال اليمن ما قبل إعلان الوحدة , لصالح مملكة علي سالم البيض , ولكن كما يقال " العبرة بالخاتمة " فعلي عبدالله صالح كبرَ وتألق وفرضَ نفسه على الشعب برغبة أو بدون رغبة لأنه تمسك بالثبات في خندقه الصحيح خندق الجمهورية اليمنية والحفاظ على وحدتها وشرعيتها بغض النظر عن التقييم لنواياه ومساره , بينما "البيض" ذاب كقطعة ثلج هو ومن أليه بمجرد إستعلاءه منصة الخندق المضاد الغير صحيح الخندق الذي لا يمثل كل خطاباته وكل المكانه التي ألتف بها الشعب حوله عندما بدأ يتلكأ في إدارة الدولة وفق نتائج انتخابات 1993 وحتى كشف عن وجه الحقيقي بإعلانه الأنفصال .
ان هذا كُله يجعل من ما استهليت به عبارة مظفر النواب التي تعني كيف تفضي بعض الأحداث إلى تغيير المواقع وتغير الخنادق , فها نحن اليوم نتابع مجرة العدوان الامريكي السعودي على الأمة العربية وبشكل مركز ومكثف في اليمن , وكيف أصبح كثيراً من كوادر الدولة اليمنية بمختلف مستوياتهم أفقياً وراسياً معاولٌ لها لأنهم في الخندق الخطأ ومكانتهم الحقيقية حملة مناجل وأقلام وكل ادوات بناء الجمهورية اليمنية التي تركوها لغيرهم سواء كانوا أهلً لذلك او لا حسب وجهة نظرهم أو لغيرهم وإياً كانت مُبرراتهم انهم أُجبروا قسراً للهروب الى احضان العدوان أو لم يُمكَنوا من البقاء او البناء ومواصلة المسير او عانوا من الأهمال والقسر والإقصاء , إياً من كل هذا قد تحدث ’ لكنها لا تعني أن ولا تُبرر الارتما بأحضان العدوان وإعتلاء منصات المواقع الخطأ ,التي ستفقدهم كل حقٌ يدَعوه بل وقد تمحي عنهم كُل سِيرةٌ نظيفة تَغفر لهم ’ فتعلمنا من ديننا الاسلامي الحنيف أنن باب جهنم مفتوح , لكل مؤمن وزاهدٌ ونقي السريرة إذا ا ارتكبا خطأ وجُرم في نهاية حياته ,فلن يغفر له الله .
وهذا هو حال البعض الذين يبحثون عن تبريرات لأستمرارهم مع العدوان دون أي ملامة أو محاسبة ضمير ويستكفون بحجة أن الحاكم اتى بقو السلاح او انه غير مرغوب عنده أو ايا من هذه الحجج التي لا تغني ولا تسمن من جوع , لا يعني ذلك أن سلطة الامر الواقع هي السلطة المثالية أو السلطة المطلوبة , هي سلطة أمر واقع فُرضت بمعرفة كل الاطراف وكلٍ يتحمل مسئوليته في ما وصلت اليه الامور بإيعاز المهام إليهم في كل جزئية , وفي كل الاحوال تظل هي سلطة لم تأتي من الفراغ هي سلطة أتت من الواقع اليمني بغض النظر عن تحميلها كل تبعات علاقاتها الخارجية مع إيران أو مع غير إيران ,فهذا حال كل الأطراف السياسية وامتدادتهم الخارجية دون إستثناء , هذه السلطة مع احترامنا لمن له تحفظ منها وهذا حق مكفول له أو من هو مسلم بها او من هو معها ومع تقديري انها لا تخلو من عيوب ومساوئ وانني ايضا لي ما لي من تحفظات إلا انها في هذه المرحلة هي ومن معها في الخندق السليم والصحيح كقوى مناهضة للعدوان كسبت شعبية وطنية أسقطت عنها الحجج وكفرت عن سوأتها أمام خسارة المقابل ممن ارتهنوا للعدوان ودنسوا حسناتهم .