قبل ما يقارب العامان، حدّدت السعودية، خلال عدوانها على اليمن والمسمّى، حينها، بـ «عاصفة الحزم»، بنك أهداف تضمّن بنى تحتية ومرافق حيوية ومجموعة مطارات وقواعد عسكرية يمنية. وتمّ تدمير بنك الأهداف هذا كاملاً. وقد برّر النظام السعودي عدوانه هذا، بحجة الدفاع عن شرعية الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي. ومن جهة أخرى، وقف تقدم «أنصار الله» والجيش اليمني ، باتجاه مدينة عدن، مقرّ الرئيس اليمني هادي، حينها.
حينها وصف بعض الساسة السعوديين، هذه العملية، بـ «الصفعة القوية للتمدّد الايراني في المنطقة العربية». في المحصلة وبغضّ النظر عن الأسباب المعلنة أو المخفية، وراء الكواليس للعدوان السعودي ـ الأميركي على الدولة اليمنية، يمكن القول اليوم وبعد عامان ، من الحرب على اليمن، أنّ النظام السعودي أخذ المنطقة العربية، برمتها، إلى مغامرة ومقامرة جديدة، ستكون لها تداعيات ونتائج خطيرة، بل خطيرة جداً.
في اليمن وداخلياً، يدرك معظم الفرقاء السياسيين اليمنيين، باستثناء جماعة «الإصلاح» الإخوانية وأنصار الرئيس هادي والمتحالفين مع السعودية، طبيعة مسار هذه الحرب التي تستهدف اليمن، فمعظم صنّاع القرار اليمنيين، على اختلاف توجهاتهم، يعون اليوم وأكثر من أي وقت مضى، أنّ اليمن أصبح ساحة مفتوحة لكلّ الاحتمالات، التي تشمل، بالإضافة إلى الحرب الخارجية، حرباً داخلية مدعومة من دول وقوى خارجية. وتتمثل هذه الحرب، بسلسلة اغتيالات وتفجيرات وانتشار للجماعات الإرهابية، خصوصاً أنّ المناخ العام في الداخل اليمني والمرتبط بالأحداث الإقليمية والدولية، بدأ يشير بوضوح، إلى أنّ اليمن أصبح عبارة عن بلد يقع على فوهة بركان، قد تنفجر تحت ضغط الخارج، لتفجر الإقليم العربي بكامله.
وهنا، لا يمكن، أبداً، فصل ما جرى وما زال يجري في سورية والعراق وليبيا، عن الأحداث في اليمن، فهناك معادلة شاملة لكلّ الأحداث والحروب والصراعات التي تعصف بالمنطقة. ومن الطبيعي، أن تكون لهذه المعادلة تداعيات مستقبلية على جميع دول المنطقة.
إنّ استباق هذه التداعيات بحرب استباقية، كما فعلت السعودية في عدوانها على اليمن، لا يمكن أن يكون الحلّ للأزمة اليمنية، عبر الحرب ومحاولة إخضاع الطرف الآخر بالقوة، لإجباره على تقديم التنازلات. ربما تصلح هذه المعادلة في دول أخرى، لكن في دولة كاليمن، لا يمكن أن تصلح أبداً، لاعتبارات عدة.
وهنا، للتاريخ، نكتب ونقول، إنّ اليمنيين فاجأوا الجميع ونجحوا في استيعاب واستقراء طبيعة العدوان السعودي. ونجحوا ببناء وتجهيز إطار عام للردّ على هذا العدوان، كما قال الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح والقائد العام لجماعة «أنصار الله» السيد عبد الملك الحوثي، في خطابيهما الاخيرين.
ونحن هنا، نتوقع مزيداً من الردود اليمنية على العدوان السعودي. لكن طبيعة هذه الردودّ وشكلها لا يزالان طيّ الكتمان ولم يفصح عنهما ساسة وعسكر اليمن. لكنّ الواضح أنّ السعوديين بدأوا، بدورهم، التحضير لاستيعاب واستقراء طبيعة هذه الردود.
يدرك السعوديون حجم الضرر والخطر اللذين قد يلحقان بالسعودية، نتيجة هذا الخطأ الفادح. كما أنهم يعلمون جيداً، أنّ استمرار تحالفهم «العشري» مع بعض الدول العربية، التي تشترك في هذا التحالف، يرتبط، في شكل قطعي، بحجم الإغداقات السعودية، التي يقدّمونها إلى حلفائهم العرب وغير العرب، في هذه الحرب.
ختاماً، يبدو أنّ الأيام المقبلة، ستحمل المزيد من التطورات على الساحة العسكرية اليمنية، فالتطورات العسكرية، من المتوقع أن تكون لها تداعيات عدة، سنشهدها مع مرور الأيام. فهل يستطيع السعوديون تحمّل تداعياتها، خصوصاً أنّ لهم تجارب عدة في الصراع مع الشعب اليمني، منذ عام 1934، مروراً بأحداث عدة، ليس آخرها ولا أولها، أحداث عام 2009، بعد الاشتباك المباشر بين «أنصار الله» والسعوديين في مدينة صعدة اليمنية. ومن هنا، سننتظر المقبل من الأيام، لنقرأ هذه المعادلة بشكل واضح.
كاتب وناشط سياسي – الأردن
نقلا عن : المراسل نت