لو كانوا أُسُوداً مثله، لما تكالبوا عليه وقد رأوه جريحاً وحيداً أعزلَ يحاولُ أن يعودَ أدراجَه، فالأُسودُ وكما تعلمون لا تستفردُ بالأُسُود!
لو كانوا رجالاً مثله، لما زادوا وأطلقوا عليه طلقةً واحدةً بعد أن رأوه وتأكّـد لهم أن ما يقومُ به لحظتها لم يكن سوى عملية إنقاذٍ فدائيةٍ وإخلاء للجرحى ليس إلا!
لكنهم لم يكونوا كذلك!
وهذا هو الفَرقُ الحقيقي طبعاً بين الشهيد البطل أبي فاضل الطومري ورفاقه وبين قاتليه!
هذا هو الفرقُ الحقيقي بين من يتحلّى بقواعد وأخلاقيات القتال وبين من لا أخلاقَ ولا مبادئَ له!
هذا هو الفرقُ الجوهريُّ بين من يحملُ قضية عادلة يقاتل ويموت؛ مِن أجلِها وبين من لا قضية له سوى الارتزاق والارتهان للأجنبي!
هذا هو الفرق بكل ما تحمله الكلمة من معنى بين من يدافع عن نفسه ووطنه وبين من لم يتردّد للحظةً واحدةٍ في أن يبيع نفسه ووطنه أَو يرهنهما للشيطان!
بالله عليكم..
هل سأل أحدكم نفسه ما الذي كان يفعله شابٌ في مقتبل العمر لم يبلغ العشرين من عمره بعد هنالك في ذلك المكان القاحل والأرض الخالية إلا من أصوات البنادق وأزيز الرصاص؟!
أو بمعنى آخر أما كان يفترض عليه في هذا السن المبكر أن يقضي حياته كمعظم أقرانه من شباب هذه الأيّام، إما في عالم من (الرمسسة) أَو في دنيا من الطيش والسفه والمراهقة أَو على الأقل يحجز لنفسه مكاناً ضمن أُولئك الشغوفين والشاغلين أنفسهم بتتبع أخبار الرياضة وتصفيات كأس العالم وكل ما يدور في عالم كرة القدم من أحداث؟!
أليست هي عدالة القضية يا سادة؟!
أليست هي التنشئة القرآنية التي حملها وحملته على مواجهة الموت بتلكم الطريقة الأُسطورية؟!
بلى وألف بلى.. إنها كذلك!
فلله درك أيها (الطومري) ماذا صنعت وأنت تقدم للعالم بمفردك مدرسةً (طومريةً) جديدة وفريدةً من نوعها يتعلمون منها فنون البطولة والتضحية والفداء! يكفيك أنك قد أحرجت الرجال والأسود، وأخزيتهم بعدك!
فهنيئاً لك أيها التبع اليماني العظيم.
هنيئاً لك هذه الشهادة المشرفة التي لا أظنها تتكرّر إلا مع قليلٍ من الأسود.
هنيئاً لك الخلود،
ولا نامت أعين الجبناء.