إذا كانت أمريكا قد احتاجت إلى عشرين سنةً لتعترفَ أنها هُزمت في أفغانستان وتحمِلَ عصاها وترحل، برأيكم كم سنةً تحتاجُها السعوديّةُ لتعترفَ أخيرًا أنها هُزمت في اليمن؟!.
يعني ألم تكن سبعُ سنواتٍ من المحاولات البائسة والهزائمِ المتكرّرة والمتلاحِقةِ كافيةً لها حتى تتنبَّهَ وتستعيدَ وعيها وتستشعرَ حجم المأزق الذي أوقعت نفسها فيه وتحمل عصاها وترحل؟!
أليس من الحكمة أن تداريَ على نفسِها وتستِرَ ما ستر الله وتخرجَ من اليمن بأقل ما يمكن أن يحفظ لها ما تبقى من ماء وجه؟!
أم أنها قد آلت على نفسها أن لا تعودَ من اليمن إلا محملةً ومثقلةً بفضيحةٍ مجلجلةٍ مدوية؟!
في الحقيقة المسألةُ لم تعد اليومَ بحاجةٍ إلى آلةٍ حاسبةٍ لتقييمِ الوضع ومعرفة النتائج، فجميعُ الأرقام والنتائج باتت معروفةً ومحسومةً تقريبًا، ولا مجال للتلاعب بها، خَاصَّة وأنه لم يعد هناك في الأُفُقِ ما ينبِئُ أَو يشيرُ إلى أن بإمْكَانهم استعادةَ زمام المبادرة وتغييرَ المعادلة من جديد لصالحهم.
فقط.. ما عليهم إلا أن يتأمَّلوا قليلًا وينظروا في حقيقة وضعهم اليوم وأين كانوا بدايةَ العاصفة وكيف أصبحوا وسيدركون جيِّدًا كيف أن الأمورَ لم تعد تسيرُ في صالحهم، ليس من اليوم فحسب وإنما منذ أمدٍ غير قريب!
على أية حال.. لستُ أتمنَّى على (السعوديّة) وحلفائها في الحقيقة أي شيءٍ اليوم، فقد وقع الفأسُ في الرأس، كما يقولون، واستحقوا الهزيمةَ النكراءَ جَزاءَ ما استكبروا واستهتروا واستصغروا من شأن اليمن وقدرته على المواجهة والصمود، لولا أنني هنا أقفُ متسائلاً عن سر هذا التعنُّت العجيب وهذه الرغبة الجامحة لدى هؤلاء القوم في المُضي قدماً نحو معانقةِ الفضيحةِ والعودةِ إلى حَيثُ جاءوا محمَّلين بها!
فهل رأى الدهرُ قوماً يلقون بأيديهم وأنفسِهم إلى فضيحةٍ مجلجلةٍ ومدويةٍ كهؤلاء؟!