يقول المَثَلُ اليمني: (الحرب حرب الموائد) أي حرب الغذاء، حرب لقمة العيش، الحرب التي تستهدف كُـلّ البشر، لا يستثنى منها أحد، وهذه هي الحرب التي يستخدمها الأعداء بحق الشعوب العربية والإسلامية جمعاء، وكل من يناهض السياسية الأمريكية الصهيونية.
نحن في اليمن تمكّنا من الانتصار في الجبهة العسكرية بفضل الله سبحانه وتعالى وحكمة القيادة، ودعم الشعب اليمني الذي رفد الجبهات بالرجال والمال والسلاح فعجز العدوّ أن يحقّق النصر العسكري الذي حشد له وجيش الجيوش من شتى بقاع الأرض.
كذلك نجحنا في الجبهة الداخلية وحصناها وصمدت، وكان وعي الشعب هو ما أفشل مخطّطات الأعداء إلى جانب يقظة الأجهزة الأمنية، وكان للجبهة الإعلامية والثقافية أدوار كبيرة في تحصين الجبهة الداخلية وكشف مخطّطات الأعداء، وتوعية الشعب بخطورة ما يسعى إليه الأعداء، وبفضل الله تم إبطال مفعول الحرب الناعمة والتي ما زالت تشن علينا حتى الآن.
وأمام كُـلّ هذا الانتصار العظيم، بقي أمامنا أهم الجبهات وهي الجبهة الاقتصادية أَو نسميها الجبهة التنموية، وفي الحقيقة هي الجبهة الزراعية، والتي تسمى (جبهة العوافي)، نعم جبهة العوافي ليس فيها صواريخ ولا دبابات ولا مدفعية ولا طائرات، هي جبهة تحتاج إلى تشمير السواعد وشحذ الهمم والعودة للزراعة والثقة في الأرض، وهذه الجبهة سلاحك المعول والمحراث، والمفرس، وذخيرتك المياه والبذور، عليك التوكل على الله والثقة فيه، وكل واحد يزرع أرضه ويأكل من خيراتها وثمارها مثلما كان يعمل الآباء والأجداد، لا ينتظر القمح الأمريكي، ولا الذرة الشامية الروسية، ولا الزيت الإندونيسي، ولا الدجاج الفرنسي، ولا الجبن والحليب الهولندي، كُـلّ واحد يزرع ليأكل هو وأفراد أسرته، يربي الدجاج والمواشي لهم، كُـلّ أسرة تكتفي ذاتياً، تأكل من خيرات أرضها، ولحم كباشها، وبيض دجاجها، وسمن غنمها، وحليب ماعزها وبقرها، هل هذه فيها صعوبة، هل هذا مستحيل!؟
لا نتكاسل ولا ننتظر دعم من منظمات، ولا من بنكٍ دولي، ولا دولة ولا من أحد، رغم أن الدولة عليها توفير البذور المحسنة والمرشدين الزراعيين، وتوفير منظومات الطاقة الشمسية ومنظومات الري الحديث بالتقسيط بدون فوائد، ولكن في ظل هذه الأوضاع عليها أن توفر قدر الممكن والمتاح، كذلك عليها تنظيم التسويق الزراعي بحيث يجد المزارع سوقاً يبيع فيه منتجاته بعدالةٍ وإنصاف.
وعلى المزارعين أن يتجمعوا ويشكلوا لهم جمعيات زراعية وينتخبوا أشخاصاً شرفاء ومخلصين، من يرون فيه الخير والذي سيعمل لصالح المزارعين، لا نقول معنا جمعيات سابقة ماذا استفدنا منها؟ تلك الجمعيات يجب تفعيلها وانتخاب هيئات إدارية وطنية كفئات نزيهة، لا نجعل من سلبيات الماضي حجر عثرة أمامنا الآن!
لا نجعل من الحرب والعدوان وانعدام الموارد ذريعة وشماعة نعلق عليها فشلنا، وعدم زراعتنا لأرضنا؟
بل يجب أن نجعل منها فرصة للانطلاقة لتحقيق التنمية الزراعية الحقيقية، وتحقيق الاكتفاء الذاتي، لنعيش في عزة وكرامة، فانتصارنا في هذه الجبهة سيعزز انتصاراتنا في بقية الجبهات.