لاحظوا، من المشاكل البارزة هي: الهجرة العشوائية والكثيفة من الأرياف إلى المدن، والتكدس في داخل المدن، وهذا ينتج عنه مشاكل كبيرة جدًّا، ثم يصيح الناس- في نهاية المطاف- من الكثافة السكانية عندما يتكدسون مثلاً في صنعاء ويهاجرون من الأرياف، الأرياف التي فيها الزراعة، فيها المزارع، وفيها المساكن،
وفيها إمكانية جيدة لتربية الثروة الحيوانية، ويهاجر الناس إلى المدن، لاحظوا على مستوى الكثير من الناس الذين يهاجرون من الأرياف إلى المدن ويستقرون في المدن، يذهب إلى الريف من منزله، كان في منزل له ساكن فيه في منزله، يصل إلى المدينة يسكن بالإيجار، يحتاج إلى كلفة إضافية في حياته هي الإيجار، وكانت هذه الكلفة مخففة أو غير موجودة، كعبء عليه في الريف في منزله، أو في منزل والده في الريف، كان لا يواجه مشكلة الإيجار ودفع الإيجار يسكن بكل راحة،
ثم كلفة المعيشة في المدينة كلها كلفة كبيرة جدًّا كل شيء بثمن، تكاد حتى الشمس أن تكون بثمن، يعني تكاد، كلفة المعيشة كبيرة جدًّا، أن تكون مثلاً ساكناً في الريف أو تكون ساكناً في صنعاء تجد فارقاً كبيراً في كلفة المعيشة ومتطلبات الحياة، وهذه الكلفة تمثل عبئاً وهماً على الإنسان كيف يوفر الفارق في التكاليف، يوفر حق الإيجار، حق الماء، حق الكهرباء، حق التنقل، التنقل كله بفلوس، متطلبات الحياة تكبر،
متطلبات التغذية تكثر، أشياء كثيرة، فيجد نفسه مرهقاً بالتزامات مالية في معيشته، ويسعى إلى توفيرها بأي طريقة، في الريف كان بالإمكان أن يكون منتجاً، منتجاً على المستوى الزراعي، لم يعد منتجاً على المستوى الزراعي في المدينة، وصل في شقة يستأجر، أو في منزل، لم يعد بيده مزرعة، مزرعته في الريف، أمواله في الريف خلاص تعطلت، انتهت، يتركها البعض حتى تدمر وتنتهي، أضف إلى ذلك الثروة الحيوانية، الثروة الحيوانية في المدينة خلاص منتهية،
في الريف كان بالإمكان أن يكون لدى البعض أبقار وأغنام وماعز، وثروة حيوانية ذات قيمة مادية، البعض كان يذهب ليبيع كبشاً في آخر شهر رمضان من ثروته الحيوانية ووفر مصاريف أسرته لكل متطلبات العيد بكبش يبيعه، الثروة الحيوانية في المدينة تتعطل، المشاكل من الكثافة السكانية في المدينة تكثر: مشاكل معيشية، مشاكل أخلاقية، مشاكل اجتماعية، الترابط الاجتماعي ضعيف في المدينة، سلبيات تكثر نتيجة هذه الهجرة من الأرياف إلى المدن. لماذا يهاجر الكثير من الناس من الريف إلى المدينة؟
طبعاً، مشكلتنا على مدى عقود من الزمن أن الدولة كانت تهمل الأرياف، خدمة الطرق، يواجهون مشكلة كبيرة في الطرقات، توفير الخدمات الصحية، حتى المساندة لهم في الأرياف للعناية بالزراعة، مشاكل تتعلق بالتعليم، المشاكل الخدمية بشكلٍ عام تمثل مشاكل أساسية في الهجرة نحو المدن.
تستطيع الدولة أن تغير هذه السياسة، وأن تهتم أكثر بالريف، وهذا واجبها، وبحسب ما تستطيع، ويستطيع الكثير من التجار لو عقلوا، لو فهموا، أن يجعلوا جزءاً من استثماراتهم لصالح مشاريع انتاجية تدعم البقاء في الأرياف، وتدعم الحياة في الأرياف، وتدعم المعيشة في الأرياف، وأن يستفيدوا من ذلك، والمسألة- في الوقت نفسه – تحتاج إلى وعي لدى الناس، إذا كان هناك سبب وجيه وضروري للهجرة إلى المدينة، للانتقال نحو المدينة،
مثل: البعض اضطروا في ظل ظروف العدوان اضطروا بسبب القصف في مناطقهم، أو أصبحوا في مناطق فيها معارك وجبهات… شبيهاً من ذلك، لكن ليس الكل مضطرين لذلك، البعض أحلام وآمال وتخيلات أن الحياة في المدينة حياة مريحة، لكن عندما يتحول الملايين من أبناء هذا الشعب إلى هذه الحياة التي ليس فيها إنتاج، يعطلون النشاط الزراعي، ويذهبون للاستقرار في بيئة يريدون فيها وظائف، أو تنشأ ظواهر سيئة جدًّا، كالسرقة، والجرائم الأخلاقية، والجرائم الأمنية… وأشياء كثيرة تحصل بسبب ذلك، أو يتحول البعض في حياتهم بالاعتماد على التسول، وهذا يحصل للبعض، يذهب إلى المدينة ثم يعتمد في المدينة على التسول، وهذه كارثة.
في واقعنا البشري إذا عالجنا كثيراً من التصرفات الخاطئة سنعالج مشكلة الفقر، ونحرص على الإنتاج، ونعرف قيمة الأرياف، وأهمية الأرياف، وخطورة التكدس البشري في المدن.
الله أكبر
الموت لأمريكا
الموت لإسرائيل
اللعنة على اليهود
النصر للإسلام
السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي
المحاضرة الثانية عشر من سلسلة المحاضرات الرمضانية 1440هـ
* نقلا عن : موقع أنصار الله