ما أخطر الضلال وما أسوأ آثار ونتائج وعواقب الضلال! وما أفضع خسارة المضلين عند الله، ما أشد خسارتهم، وما أفضع خسارتهم في هذه الدنيا ويوم يلقون الله سبحانه وتعالى، وقد أضلوا عباده!
الإمام علي (عليه السلام) هو يعلم أن أخطر شيء على الأمة، أن أخطر شيء على البشرية هو الضلال والمضلون، لذلك وهو من يعرف واجب السلطة في الإسلام، ويعرف مهمة الدولة في الإسلام، ويعرف مهمة الخلافة الإسلامية، يرى أنه لا يمكن بحال أن يقرَّ شخصًا مضلًا على منطقة في ظل دولته وإن كانت النتيجة هي تَقْويض خلافته واستشهاده؛ كان يقول: “إن خلافتكم هذه لا تساوي عندي شراك نعلي هذا إلا أن أقيم حقًا أو أميت باطلًا”.
لماذا؟ قد يستغرب أي شخص منا عندما يسمع كلامًا لأمير المؤمنين (عليه السلام) كهذا؛. أنت حريص على أن تزيل معاوية من موقعه حتى لو كان الثمن هو تقويض خلافتك، إزاحتك عن هذا المنصب، استشهادك.! الإمام علي (عليه السلام) يرى كل هذا سهلًا، ولا أن يبقى معاوية دقيقة واحدة على رقاب الأمة؛ لأن عليًا لم يكن من أولئك الذين يحرصون على مناصبهم، وليكن الثمن هو الدين، وليكن الثمن هو الأمة، ومصالح الأمة، ومستقبل الأمة، وعزة الأمة وكرامتها.
الإمام علي يعرف أن من يعشق السلطة، أن من يعشق المنصب هو نفسه من يمكن أن يبقي مثل معاوية على الشام، هو نفسه من يمكن أن يبيع دين الأمة، أن يبيع الدين الإسلامي، هو نفسه من يمكن أن يبيع الأمة بأكملها مقابل أن تسلم له ولايته، وأن يسلم له كرسيه ومنصبه.
وهل عانت الأمة من ذلك اليوم إلى الآن إلا من هذه النوعية من الحاكمين! هذه النوعية التي نراها ماثلة أمامنا على طول وعرض البلاد الإسلامية لما كانوا من هذا النوع الذي لم يتلق درسًا من علي (عليه السلام) الذي كان قدوة يمكن أن يحتذي به من يصل إلى السلطة، قدوة للآباء في التربية، قدوة للسلاطين في الحكم، قدوة للدعاة في الدعوة، قدوة للمعلمين في التعليم، قدوة للمجاهدين في ميادين القتال، قدوة لكل ما يمكن أن يستلهمه الإنسان من خير ومجد وعز. أولئك الذين لم يعيشوا هذه الروحية التي عاشها الإمام علي (عليه السلام) في اليوم الأول من خلافته، فأرى الجميع أن خلافته عنده لا تساوي شراك نعله إذا لم يقم حقًا ويمت باطلًا.
ما قيمتها إذًا! ما قيمة دولة تحكم باسم الإسلام، ويتربع زعيمها على رقاب المسلمين، وعلى عرش البلد الإسلامي، ثم لا يكون همه أن يحيي الحق ويميت الباطل؟ لا قيمة لها، ليس فقط لا قيمة لها، بل ستتحول قيمتها إلى شيء آخر، ستتحول الأمور إلى أن يكون قيمتها هو الدين، إلى أن يكون قيمتها هو الأمة.
عندما نسمع – أيها الإخوة – زعماء العرب، زعماء المسلمين كلهم يسرعون إلى الموافقة على أن تكون أمريكا حليفة، على أن تكون أمريكا هي من يتزعم الحلف لمحاربة ما يسمى بالإرهاب، وعندما نراهم جميعًا يعلنون وقوفهم مع أمريكا في مكافحة ما يسمونه بالإرهاب؛ لأنهم جميعًا يعشقون السلطة؛ لأنهم جميعًا يحرصون على البقاء في مناصبهم مهما كان الثمن، لكنهم لا يمكن أن يصرحوا بهذا، هم يقولون: من أجل الحفاظ على الأمن والاستقرار، من أجل الحفاظ على مصلحة الوطن! أو يقولون: خوفًا من العصا الغليظة، العبارة الجديدة التي سمعناها من البعض: الخوف من العصا الغليظة! وأي عصا أغلظ من عصا الله، من جهنم، ومن الخزي في الدنيا؟ هل هناك أغلظ من هذه العصا؟
الإمام علي (عليه السلام) أراد أن يعلم كل من يمكن أن يصل إلى موقع السلطة في هذه الأمة أنه لا يجوز بحال أن تكون ممن يعشق المنصب؛ لأنك إذا عشقت المنصب ستضحي بكل شيء في سبيله، وألا تخاف من شيء أبدًا فإذا ما خفت من غير الله فسترى كل شيء مهما كان صغيرًا أو كبيرًا يبدو عصا غليظة أمامك.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن
دروس من وحي عاشوراء
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي
بتاريخ: 10/1/1423 ه الموافق: 23/3/2002م
اليمن – صعدة