اللواءُ فيصل محمد رجب، ظلَّ على مدى ثلاثة عقودٍ من الزمن قائداً عسكريًّا تميَّزَ بشخصيةٍ قياديةٍ قاسيةٍ وصارمة؛ إذ كان واحداً من أبرز القيادات العسكرية اليمنية التي خَبِرَت المعاركَ والحروب, ومنها الحروبُ الستُّ التي شنها نظام الرئيس الأسبق علي صالح على أنصار الله في صعدة وعمران, حَيثُ كان اللواء رجب قائداً للعمليات الحربية في “الحرب السادسة” محور “حرف سفيان والجبل الأسود والعمشية”, وفيها تم اتّهامُه بارتكاب جرائم حرب من قبل منظمات حقوق الإنسان, وعلى وجه الخصوص تم اتّهامُه بقيادة حملة وحشية ضد المدنيين في حرف سفيان، أسفرت عن سقوطِ عددٍ كبيرٍ من الضحايا المدنيين وممتلكاتهم، كما اتهمت الأممُ المتحدة رجب ومسؤولين كباراً آخرين بتسهيلِ استخدامِ الأطفال كجنودٍ في الصراع في تلك الفترة.
في سنوات ما قبل العدوان، أصبح اللواء فيصل رجب أحدَ اللاعبين الرئيسيين في الصراع الدائر ما بين ثوَّار الـ21 من سبتمبر والحكومة المنتهية ولايتها، وكان مؤيِّدًا قويًّا للرئيس الفارّ عبد ربه منصور هادي، ولعب دوراً مهمّاً في قيادة العمليات العسكرية ضد الثوار في عدن ولحج، وكان شخصيةً رئيسيةً في جهود تحالف العدوان منذ البداية, حتى تمكّن أبطال الجيش واللجان الشعبيّة من أسره في الحوطة م/ لحج, أواخرَ مارس من العام 2015م.
لكنه وعلى الرغم من مكانته إلا أنه ظل طي النسيان, ولم يُدرج اسمُه في سجلاتِ صفقاتِ الإفراج وتبادل الأسرى بين التحالف وصنعاء؛ ما جعل قبائلَ أبين تستنكفُ وتشجبُ حكومة المرتزِقة، وعقدت العزمَ على التوسط للإفراج عنه, بوساطةٍ قبليةٍ ومجتمعية، لعددٍ من وجاهات محافظة أبين، والتي أجرت زيارةً إلى صنعاء مؤخّراً تكللت بالنجاح، في خطوة هي الأولى من نوعها منذ اندلاع العدوان.
بعد أن تم الإفراج عنه، بموجب توجيهاتِ قائد الثورة, التي عكست تسامُحَ القائد وسماحةَ المسيرة والمنهج, ظهر القائدُ العسكري اللواء، فيصل رجب، متماسِكًا كعادته، لا يكاد يخفي ابتسامتَه المتحفِّزة لملامسة الحرية التي أنهت معاناته الممتدة لأكثرَ من ثماني سنوات، قضاها بين مَن كان يعتقدُ أنهم ألدَّ خصومه؛ إذ لم يكن يتوقَّعُ يوماً أن يعودَ سالماً إلى أهله, ليتفاجأ بأن يستقبلَه رئيسُ الوزراء في صنعاء الدكتور عبدالعزيز بن حبتور، ويسلِّمَ له هديةً من قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي, ويقول له: ”يقدِّرُكم قائدُ الثورة ورئيسُ المجلس السياسي الأعلى فخامة المشير الركن مهدي المشاط والحكومة ككل؛ كقائدٍ عسكريٍّ جديرٍ بالاحترام”.