وما مؤدى هذه الحالة إذا قبلنا بها، وإذا سلمنا أمرنا لهم، وقبلنا بالخضوع لهم والاستسلام لهم، ومكنَّاهم من السيطرة التامة علينا، وقررنا أن نسير في كل شؤون حياتنا على حسب ما يريدون وما يفرضون وما يقررون، هل المسألة سهلة؟ |لا|، مؤدى هذا كارثي علينا، وخسارة بكل ما تعنيه الكلمة: خسارة في الدنيا، وخسارة في الآخرة، وخسارة فظيعة وقبيحة وشنيعة؛ لأنك عندما تضحي بكل شيء لصالح عدوك، في خدمة عدوك، في طاعة عدوك، العدو الحاقد، العدو المجرم، العدو الشيطاني الذي يتحرك بأجندة شيطانية، العدو الذي لا يستحق منك أن تقدِّم إليه أي جميل، ولا أن تفعل له أو تحقق له أي مصلحة، هو يتعامل معك بدافع الحقد، والاستهتار، والاستكبار، والعدوان، والطغيان، والإجرام، وهو يحتقرك بكل ما تعنيه الكلمة، فتقبل بأن تكون له: أعمالك، تصرفاتك، حياتك، حتى على مستوى حياة الناس، يريد أن يجنِّد من أبناء هذه الأمة أكبر قدر ممكن من المقاتلين، ثم يكونون هم فداءً بأرواحهم وحياتهم ودمائهم لجنوده، يُقتلون في أي معركةٍ يريد هو أن يخوضها بهم، في أي معترك مع أي طرف في هذا العالم، سواءً في داخل الأمة مع أحرارها، وضد رجالها وشرفائها وأخيارها، كما يفعل اليوم في كثيرٍ من الأقطار وفي كثيرٍ من البلدان، أو ضد أي قوة منافسة له في الساحة العالمية، سواءً مثلما فعل في الماضي في معركته مع الاتحاد السوفيتي، التي خاضها بعرب ومسلمين، فقُتِل منهم مئات الآلاف فداءً للضباط والجنود الأمريكيين، بدلًا من أن يقتل أي جندي أمريكي، أو ضابط أمريكي، فخاض معركته مع الاتحاد السوفيتي -آنذاك- بمقاتلين ومجنَّدين من أبناء الأمة، من كل بلدانها وشعوبها، وبأموال مدفوعة من ثروة هذه الأمة، دفعتها -آنذاك- أنظمة عربية، على رأسها النظام السعودي، أليست هذه خسارة؟! أن تتحول ثروتنا إلى تمويل للأمريكي، نحن كأمة مسلمة، نحن كمنطقة عربية، تتحول ثروات هذه المنطقة إلى ثروة للأمريكي، يرغد بها، يحل بها مشاكله الاقتصادية، يحل بها مشكلة البطالة في أمريكا، تنمي الميزانية الأمريكية، ثم يستفيد منها -أيضًا- لتمويل حروبه، اعتداءاته، مشاكله في داخل أمتنا، ضد الأحرار من أمتنا، وفي خارج أمتنا ضد القوى المنافسة والمناوئة الأخرى.
ويخطط مستقبلًا لمعركة مع الصين من هذا النوع، وهو اليوم يخوض معارك كثيرة في الساحة، هي معركته هو، ولو أنها تمول بمال عربي ومال الأمة الإسلامية، ويقاتل فيها ويضحى فيها بالعرب، وبعشرات الآلاف من العرب فداءً له ولجنوده ولضباطه، حتى لا يخسر جنديًا أمريكيًا أو ضابطا أمريكيًا إلا عند الضرورة القصوى، هذا الذي يسعى له.
مؤدى هذه العمالة، مؤدى القبول بهذه السيطرة، مؤدى أي خيارات للاستسلام أو للعمالة، هو مؤدى يصل بالأمة إلى الخسارة الرهيبة بكل ما تعنيه الكلمة، الخسارة والإفلاس على كل المستويات: على المستوى المالي تخسر الأمة، تنفق الكثير والكثير من أموالها، وتستنزف في مواردها الاقتصادية، وتصل إلى حافة الإفلاس، كما عليه اليوم كلٌ من النظام السعودي والنظام الإماراتي، كلٌ منهما وصل اليوم إلى درجة عجز كبير في الميزانية يحتاج للإيفاء به ولتوفيره إلى الاستدانة، النظام السعودي اليوم يتدين (يقترض)، والنظام الإماراتي كذلك فيما يقدمون مئات المليارات إلى الخزينة الأمريكية، ولصالح الأمريكيين، ويستفيد الإسرائيلي من كل ما يقدمونه للأمريكي، إن لم يكونوا يقدمون له -أيضًا- ما يخصه، كارثة، مصيبة، خسارة على المستوى الاقتصادي، خسارة على المستوى السياسي خسارة -بكل ما تعنيه الكلمة- في كل شيء، خسارة في هذه الحياة وخسارة في الآخرة، خسارة في هذه الحياة؛ لأن مؤدى الإذعان للسيطرة الأمريكية أن ينتج عنها واقع بئيس وكارثي وتدميري؛ لأن كل السياسات والمخططات والمؤامرات الأمريكية والإسرائيلية التي تقدم إلينا كأمة، وتفرض على واقعنا كأمةٍ مسلمة في المنطقة العربية بالدرجة الأولى، وفي غيرها كذلك، كلها مؤامرات لتدميرنا، كلها مؤامرات لخسارتنا، كلها مؤامرات حاقدة ومعادية تؤدي بنا إلى الانهيار.
’’’’
الله أكبر
الموت لأمريكا
الموت لإسرائيل
اللعنة على اليهود
النصر للإسلام
السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي
من كلمة السيد القائد في الذكرى السنوية للصرخة 1439 هـ
* نقلا عن :موقع أنصار الله