بدا المشهد هزليّاً بامتياز، حين بدأ مُقدِّم برنامج الحوار المسائي على شاشة “السعودية 24″، بالإسهاب تعليقاً على تصريحات وزير خارجيّة بلاده عادل الجبير، والتي أكّد فيها الأخير أن العربيّة السعوديّة، تدرس إرسال قوّات إلى شمال سورية، والطَّريف في الموضوع لا تصريحات الجبير ذاتها، فالرَّجل يدرس الموضوع الذي أمر به الرئيس دونالد ترامب، ومن خلفه قادته، ولم يُؤكِّد لنا بعد تحقيق ذلك الطلب، وتحديداً تواجُد الجيش أو قوّات سعوديُة “الأصل والمنشأ” على أرض الشام!
ما أضحكنا حقيقةً حد نُزول الدُّموع، ولا نُبالغ، حين هبّت الحماسة في المُذيع وصوته، وحتى الأغاني أو ما يُعرف “بالشيلات” الحربيّة، وهو يستعرض صور الجيش السعودي، وفي الخلفيّة كلمات تقول: “زلزلة.. أنتم كنوق كل العرب.. سيطرة.. شوشة على القمّة طرب مفخرة… إلخ”، حيث رسم المُذيع مشهداً تخيّليّاً في رأسه لما يبدو أنه تمنيّات بتوجّه جيش بلاده إلى سورية، وعلى إثره أصابته كل تِلك الحماسة.
لا نعلم حقيقةً إن كان اطّلع زميلنا على حال “المفخرة” في الحد الجنوبي، من رجال الجيش السعودي، والحديث عن الحال الاقتصادي والحربي المُتردِّي في حربهم ضِد جماعة أنصار الله الحوثي، وهذا بحسب مقاطعهم المُوثّقة باعترافاتهم بحالهم البائِس، ولا نعلم أي من “الشيلات” الحربيّة تلك تليق بحالهم، فكما تعلمون ليس لنا خبرة في تلك الشيلات لأننا من فلسطين، و”شيلاتنا” مُقاومة، وما إذا كان فيها من الحزين الذي يليق بحالهم!
نَكتُب هذا التعليق “التهكُّمي”، لأنه واجب في محضر هكذا حماسة زائدة مُزيّفة، حاله كحال إعلامنا العربي الذي يُواصل الحديث عن الانتصارات المُزيّفة، وتوالي المديح للقادة، نكتب لأن الحق وجب أن يُقال، ولو على قطع رِقابنا، ودعونا نتحمّس كما الزميل السعودي، ونُطلق لمُخيّلتنا العنان، حين يلتقي هذا الجيش السعودي، بنظيره السوري، أو حُلفائه، “شوشة على القمّة طرب مفخرة”، وشوشة بالمُناسبة تعني ثوروا أو اصعدوا!
شكرًا ترامب على ضرب سورية!
أحد مُقدِّمي البرامج في قناة “العربية” اختتم برنامجه بتَوجيه الشُّكر للرئيس الأمريكي على ضرب سورية، وقال بالحَرف الواحِد: “شكرًا ترامب لأنّك ضربت سورية”، والشُّكر هُنا لرَجُل أوفى بكلامه، وردع من يستحق الرَّدع، كفانا انتصارات على طريقة الثورجيّة، والقوميّة!
ربّما يكون تقييم الانتصار بعد الضربة أو العُدوان على سورية مَوضِع جدل بالنِّسبة إلينا، وكما أوضحنا سابِقاً أن المشهد النهائي للضربة حَفِظ للجميع ماء وجهه باعتقادنا فقط، لكن أن يتم توجيه الشُّكر للرئيس “المعتوه” ترامب غير الأخلاقي بحسب توصيف المَسؤولين في ذاتِ إدارته لضرب سورية العربيّة الشقيقة، فهذا بحَد ذاته قِمّة الوَقاحة، والانبطاح، والفُجر في الخُصومة، ولا وما يزيد الطِّين بِلّة، أن زميلنا المذيع هذا، يقولها، ويُؤكِّد أنّه لا يستحي من قولها، فعلاً “إن لم تستح فافعل ما شِئت”!
* نقلا عن موقع رأي اليوم