الكلمة الحسنة التي تبدر منك ترد بها إساءته، أنت هنا تخاطب وجدانه، أليس كذلك؟ هي تنفذ إلى أعماق وجدانه رغمًا عنه، وتتجاوز مظاهر الغضب وحواجز الغضب والانفعال، فتقتحم هذه الحواجز وتغوص إلى أعماق وجدانه فتنعكس لتملأ كيانه كله عاطفة نحوك فيتحول إلى ولي حميم، بكلمة إحسان، بكلمة لينة، فكيف لا تلين قلوبنا لمن يحسن إلينا هذا الإحسان الكثير والإحسان الكبير، إحسان بالكلمة وهو يهدينا، إحسان بالنعمة وهو يسبغها علينا لدرجة أن قال لنا: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} (النحل: من الآية53) ليس هناك نعمة أنتم فيها، تتقلبون فيها في أجسادكم، وفي معيشتكم إلا وهي من الله، يبدو هنا الأثر المهم لخطاب الوجدان واستعطاف المشاعر الداخلية، ما تترك من أثر من أجل ما تترك من أثر في كيان الإنسان وفي تصرفاته وفي توجهه، وفي نظرته.
فنحن بحاجة إلى أن نعرف الله سبحانه وتعالى في توحيدنا له كإله، أن نتعرف على كماله، نتعرف عليه سبحانه وتعالى، المعرفة العملية بالتركيز، كما نركز على توحيده نركز على التعرف على ما أسدى إلينا من نعم، وعلى تقييمها وتقديرها، أن تنشدَّ أنفسنا نحوه، أن تمتلئ قلوبنا بحبه، أن تمتلئ قلوبنا خشية منه.
وهكذا يأتينا القرآن الكريم وهو يتحدث: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ} (إبراهيم:32 – 33) دائبين، باستمرار، ما تحتاج من قِبَلِكُم إلى أي وقود، ولا إلى أي شيء، ولا تتوقف ولا تنطفئ {سَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ} (إبراهيم:33- 34).
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
سلسلة معرفة الله (2 – 15)
الدرس الثاني
ألقاه السيد/حسين بدرالدين الحوثي
بتاريخ: 19/1/2002م
اليمن – صعدة
*نقلا عن : موقع أنصار الله