الباطل يستخدم المال، المال هو وسيلة يستخدمه الحق ويستخدمه الباطل، فأنت ملزم بأن تنفق مالك في سبيل الله؛ لأن الحق لا بد من بذل المال في سبيله، وأهل الباطل يعلمون ويتأكدون بأن الباطل لا يسير إلا بواسطة المال. إذًا فالمال هو سلاح ذو حدين؛ فلهذا يجب على الإنسان أن ينظر إلى الأشياء معتمدًا على مقاييس إلهية وليس من خلال الماديات.
فرعون الذي ذكر الله سبحانه وتعالى قصته في القرآن من أول من استخدم هذا الأسلوب: {أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكَادُ يُبِينُ فَلَوْلا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ} (الزخرف:51ـ54)
المقاييس لديهم مادية، أساور من ذهب رأوها في يد فرعون، وموسى رجل لا يملك هذه، وهكذا أنهار هنا ولا يعرفون أنهار الحق هناك، وأنهار العزة والشرف، أنهار القيم المثلى. استخف فرعون قومه في مقابلة موسى، نبي من أنبياء الله يملك عشر آيات بينات رأوها هم وعايشوها هم، لتعرف كم هي الخطورة شديدة جدًا إذا ما انطلق الناس لينظروا نحو الأشياء وفق مقاييس مادية.
إن نبي الله موسى كان يمتلك آيات بينات وعايشوها هم الفراعنة وأهل مصر، الدم والضفادع والقمل والجراد، هذا مما كانوا يعانون منها حتى طلبوا من موسى أن يدعو الله أن يرفعها عنهم وأنهم سيؤمنون به وسيطلقون معه بني إسرائيل، ليست المسألة أنهم لم يعرفوا شيئًا، لكن نسوا مسألة أن لا ينظروا إلى الأشياء فتكون لها قيمة من خلال الماديات. استطاع فرعون أن يخدعهم؛ لأنهم كانوا قومًا فاسقين، يهمهم مصالح أنفسهم، يهمهم مادياتهم ومشاريع وخدمات فليكن فرعون في مقابل موسى لا توجد مشكلة.
هذا كإتمام للموضوع الذي ذكرناه بالأمس. ويمكن أنه بقي نقطة واحدة هي: حول ما في التذكير للإنسان بنعمة الله عليه، في أن ينظر أن كل ما بين يديه هو نعمة من الله وأنها ذات قيمة، هي نفسها مما تساعد على التفكير فيها كما قال سابقًا: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (الرعد: من الآية3) بعدما قال تعالى: {وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (النحل: من الآية14) {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (الجاثـية:13)
فينطلق الناس وهم يرون أن كل ما بين أيديهم له قيمته المرتبطة بمسؤوليتهم كخلفاء لله في الأرض، ومتذكرين أنها نعمة من نعم الله. فهذا هو نفسه من إحدى الدوافع بالإنسان إلى أن يغوص في أعماق مفردات هذا العالم فيبدع، وينتج، ويصنِّع، ويكتشف الأسرار التي أودعها الله في هذا العالم.
[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]
دروس من هدي القرآن الكريم
سلسلة دروس معرفة الله (3 – 15)
الدرس الثالث
ألقاها السيد/حسين بدرالدين الحوثي
بتاريخ: 20/1/2002م
اليمن – صعدة
*نقلا عن : موقع أنصار الله