مع أن تاريخ العالم كله مليءٌ بالتمردات والانقلابات..!
تاريخنا العربي كذلك..!
مع أن تاريخنا اليمني المعاصر وحده، وعلى مدى السبعين أَو الثمانين السنة الماضية تقريبًا، حافلٌ أَيْـضاً بالتمردات والانقلابات والثورات..
إلا أنني، بصراحة، لم أر في حياتي تمرداً أَو انقلاباً كهذا الذي أراه أمامي اليوم..
إنه تمردٌ وانقلاب من نوعٍ مختلفٍ جِـدًّا..
وليس كُـلّ التمردات أَو الانقلابات، كما تعلمون، مذمومةً طبعاً أَو غير محمودة..
أن تتمرد مثلاً على فكرة خاطئة أَو تنقلب على ثقافة مغلوطة، فأنت كمن يشعل ثورة..
أن تُعلِيَ من قيمة واحدة من قيم الحق والعدل والسلام في عالمٍ يعج بالظلم والفساد،
فأنت كمن يقود ثورة..
أن تؤسس لمشروع قيميٍّ وأخلاقي وتنويريٍ ونهضويٍّ شامل في عالمٍ يعيش حالةً من التيه والضياع والشتات الفكري، فأنت في هذه الحالة كمن ينجز ثورة ويصنع المعجزة..
أليس هذا هو بالضبط ما يهندس له السيد القائد ويعكف على الوصول إليه من خلال هذا المشروع القرآني الرائد منذ سنوات؟
الانقلاب على ثقافات وأفكار الدجل والتضليل والتزييف والانحراف..
يعني، وباختصار، هذا الحراك الثوري والزخم الجماهيري الكبير والمُستمرّ الذي نعيشه اليوم وكل يوم سواءً طوال فترة احتفالاتنا بذكرى مولد النور -عليه وعلى آله الصلاة والسلام- أَو في مناسباتٍ عديدة أُخرى لم يأتِ من فراغ..
نعم، لم يأتِ من فراغ..
وإنما جاء كحصيلةٍ طبيعية وثمرةٍ حقيقية لتحَرّك إيمانيٍ صادق وانقلاب فكري وتنويريٍ حقيقي قاده السيد المجاهد عبدالملك بدر الدين الحوثي في إطار مشروعٍ قرآنيٍ جامع يهدف إلى انتشال الأُمَّــة، كُـلّ الأُمَّــة، من براثن الضلالة والزيغ والانحراف والذي عكفت على تكريسه وتجسيده في أوساطنا ثقافاتٌ مغلوطةٌ وأفكار منحرفة ومسمومة لطالما حرفت الإسلام كَثيراً عن مساره الصحيح والسليم على مدى أكثر من قرن من الزمان..
فهلا تقول أيها السيد القائد العبقري: ماذا صنعت؟
وأية وصفةٍ سحريةٍ وصفت حتى تحدث، في بضع سنين، كُـلّ هذا الفارق العظيم وهذا التحول الدراماتيكي العجيب صعوداً في مسار استعادة علاقة الإنسان المسلم بخالقه ونبيه ودينه ووطنه..
وفي أي زمن؟
في زمنٍ رماك العالم كله عن قوسٍ واحدة؟!
أما تقل..؟
كيف استطعت من أول وهلةٍ استنفار كُـلّ هذه الجموع والإبقاء عليها في حالة تأهبٍ دائمٍ وانقلاب مُستمرّ…
انقلاب ضد كُـلّ من يحاول أَو حتى يفكر بالإساءة أَو التطاول على رسول الله صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله..
انقلاب ضد كُـلّ المفاهيم والثقافات المغلوطة والأيديولوجيات المستوردة..
انقلاب ضد كُـلّ صور العمالة وأشكال الخيانة والانبطاح والانصياع للأجنبي..
انقلاب ضد كُـلّ مظاهر الانحطاط والانحلال الفكري والثقافي والقيمي والأخلاقي..
لا شك..
إنها عظمة المشروع.. يا سادة!
إنها عبقرية وحنكة هذا القائد الذي أجبر المنصفين من خصومه وأعداءه قبل أنصاره وأتباعه أن يقروا ويشهدوا له بذلك!
فأين من قللوا من أهميّة هذا المشروع وسعوا إلى إجهاضه ووأده في المهد من هذا الثبات وهذه القدرة على التوسع والانتشار؟!
أين هم من احتفالاتنا هذه بذكرى مولد الرحمة المهداة والنعمة المسداة عليه وعلى آله الصلاة والتسليم وقد بدأت تأخذ لها اليوم بعداً وطابعاً استراتيجياً إقليمياً ودوليًّا وكذلك زخمًا شعبيًّا واسعاً وكَبيراً تخطى الحواجز والحدود.. ولا يمكن أن يحسب إلا لصالح الأُمَّــة؟!
أين هم من هذه الجموع المباركة التي نراها كُـلّ يوم تحتفي بذكرى مولد سيد الأولين والآخرين وقد تحولوا جميعاً إلى مشاريع انقلابية وثائرة كبرى ضد كُـلّ مشاريع الهيمنة الصهيونية والأمريكية وضد كُـلّ من تسول له نفسه المساس أَو العبث بمسلمات وثوابت الأُمَّــة العقائدية والفكرية؟!
أين هم..؟
تواروا جميعاً بعد سنواتٍ وسنواتٍ من النهيق والنعيق، فلم نعد نحس منهم من أحد أَو نسمع لهم رِكزا..!