«الثأر» حليب أسود تنمو معه الأجيال
الإثنين 02 ديسمبر-كانون الأول 2019 الساعة 05 مساءً / متابعات - موقع لا الإخباري :
 
ثورة 21 أيلول أنهت 106 ثارات خلال الفترة 2015-2019 .. 
غازي المفلحي/ لا ميديا 
«أنا وأخي على ابن عمي وأنا وابن عمي على الغريب»، «إذا ما لقيت الغريم لقيت ابن عمه»، «الطارف غريم»، هكذا تلخص هذه الأمثال الثلاثة مستويات الثأر الشائعة بين اليمنيين.
فالأول يحكي عن الثأر في أبسط صوره عندما يحدث بين أبناء الأسرة ذات الدم الواحد، فقد يتقاتل أبناء العمومة لخلاف مالي أو على قطعة أرض أو تركة، والمثل أيضاً يشير إلى تحالف أبناء العمومة في حالة حصل نزاع مع غريب حول مشاكل مشابهة، وطريقة تعاملهم مع الغريب يشرحها المثل الثاني، فكارثة الثأر تكمن في أن الانتقام لا يكون من القاتل بل من أي فرد من أسرته، هذا إذا كان الثأر محصوراً بين أسرتين مختلفتين، أما إذا كان ثأراً واسعاً بين قبيلة وأخرى، فيشرح ذلك المثل الثالث، عندما يكون الانتقام من أي فرد من أفراد القبيلة، وهذا أحد أخطر أنواع الثأر على السلم الاجتماعي والأمن العام، ففيه يسقط كثير من الضحايا بغير ذنب أو اعتبار لحرمة إنسانية أو دينية، وتندلع معارك شبه أهلية مصغرة بين القبائل قد يسقط فيها العشرات قتلى وجرحى.
الفتيل
قد يقتل الشخص لأسباب بسيطة كخلاف حول مبلغ بسيط أو عراك نتيجة مشادة كلامية، وقد يقتل بسبب خلافات معقدة كنزاع حول أراضٍ زراعية ووديان ومساحات كبيرة مشتركة بين منطقة وأخرى، كذلك النزاعات في قضايا تجارية ومالية كبيرة، وقطع الأرض سواء في المدينة أو الريف، وعلى مصادر المياه ومناطق الرعي المشتركة في الأرياف، وهناك عدد كبير من المشاكل في المدينة والقرية تؤدي للقتل كشجار بعد حادث سيارة أو مشاحنة على كومة «حطب»، وبهذه الطريقة يولد الثأر.
عادة، وفي البداية يطلب أولياء الدم من الأجهزة الأمنية إلقاء القبض على القاتل وإحالته للإجراءات القضائية، ويكون الاستعجال هو طابع هذا الطلب، وتعطى الأجهزة الأمنية مهلة محددة، فإذا انقضت المهلة ولم يصبح القاتل في السجن، يتجه أولياء الدم نحو المسار التقليدي لأخذ الثأر من القاتل بأنفسهم، كما أن البعض لا يلجأ للأجهزة الأمنية أساساً، إما إيمانا بعدم جدواها في إنصافه، أو بدوافع العادات والأسلاف السلبية التي تصور من يلجأ للدولة في قضية الثأر بالضعف، كما قد تكون هناك تصرفات فردية من بعض أولياء الدم الذين تكون لهم وجهة نظر مختلفة، فتحصل عمليات قتل انتقامية في الوقت الذي لازالت فيه القضية منظورة لدى الأجهزة الأمنية أو الوساطات القبلية، وقد يصبح القاتل في السجن ومع ذلك يتم قتل أحد أفراد أسرته، فالثأر ظاهرة معقدة تحكمها نزعات الانتقام والعناد والطيش، وتجعلها الاستفزازات والأحقاد الدفينة، والحسابات العالقة بين الناس، ناشبة دائماً، رغم الوساطات والتصالحات، وللثأر قواعد اشتباك عرفية، لكنها تنتهك كغيرها من قواعد الاشتباك التي تبقى حبراً على ورق بين القبائل والشعوب والدول.
معارك طاحنة
إذا كان الثأر في نطاقه الضيق بين أسرتين، فهو أسهل إلى حد ما للاحتواء عن طريق الأجهزة الأمنية والوساطات القبلية، أو قد ينتهي بعملية الانتقام (أخذ الثأر) من القاتل على يد أولياء دم المقتول، أما إذا كان بين قبيلتين مختلفتين متباعدتين جغرافياً، فحله يكون أصعب، وخروجه عن السيطرة هو الشائع، وقد يكون أي شارع أو سوق أو طريق في أية مدينة ومحافظة ساحة معركة أو عملية اغتيال، وقد يسقط ضحايا بسبب الاشتباك، وقد تسلب روح شخص بالخطأ للاشتباه به، وقد حصل هذا كثيراً، ويستهدف بالقتل أي فرد من أفراد القبيلتين دون تمييز، تحت المبدأ السابق «الطارف غريم»، وتكون المعركة واسعة، فعندما يلتقي الخصوم سواء بعد ترصد أو بالصدفة تندلع مواجهة، كما تُقام القطاعات ويتم قتل أو اختطاف أحد أو بعض أبناء القبيلتين من الطرفين، لكنه ليس النموذج الأسوأ بعد، فمعارك الثأر الأسوأ هي في الحالات التي تكون فيها القبيلتان المتحاربتان على مقربة من بعض، وتجمعهما حدود مشتركة، حيث تكون النتيجة هنا أشبه بحرب أهلية صغيرة، تحاصر فيها القرى بعضها، وتتقاتل بأسلحة ثقيلة كالمدافع، وقد وصل عدد القتلى في أحد الثارات من هذا النوع إلى 100 قتيل و100 جريح، عام 2008.
إذا شبت النار...
ما إن تندلع الحرب بين قبيلتين حتى تشتعل النزعة القبلية والعصبية بين أبناء كل قبيلة لإظهار التفوق والقوة، وبالرغم من أن الأجواء تكون مشحونة بالخوف وأخبار القتل والإصابات والتقطعات، إلا أن هناك نوعاً من الحماس والتعبئة الحربية التي تظهر على وجه الخصوص عند الشباب والمغتربين، في القبائل التي لديها مقتربين كثر، في بداية المواجهة على الأقل، حيث يتحمس الشباب للقتال، وعادة ما يكون العدد الأكبر من القتلى من هؤلاء الشباب، بينما يرسل المغتربون مبالغ تصل لعشرات ومئات الملايين كمجهود حربي لقبائلهم، وبالطبع تفرض الأغرام المالية والمشاركة في القتال على كل أفراد القبيلة القادرين، كما توكل للنساء مهمة إعداد الطعام للمقاتلين بكميات كبيرة، ويتم التمترس في الجبال والنقاط الهامة الرابطة بين مناطق عيش المتحاربين أو المطلة عليها، ويكون هناك استنفار حربي بشكل عام، وتوضع خطط للقتال وعمليات الترصد والاغتيال.
يضاف إلى ما سبق الاشتباك المباشر بالأسلحة المتوسطة والخفيفة، حيث يعتلي كل خصم الجبال المطلة على غريمه، وتبدأ المعركة والحصار، وقد تحاصر القرى لأيام قبل أن تتدخل السلطات، ويتم استهداف أي تحرك باستثناء النساء والأطفال دون 15 عاماً في أفضل الأحوال، فالرجال على رأس قائمة الاستهداف، وفي بعض الأحيان تستهدف البقر والأغنام وخزانات المياه ومولداتها، إذا كانت الضغينة كبيرة بين المتحاربين، وطغت على العرف والأخلاق.
أشهر حوادث الثأر
من أشهر حوادث الثأر الحديثة التي تطورت لحروب شاملة بين قبيلتين، المعركة التي نشبت بين قبيلة بني عواض (البيضاء) وقبيلة سنحان (صنعاء)، في إحدى ضواحي العاصمة، على قطعة أرض، عام 2007، وبدأت بقتل شخص من قبيلة بني عواض، وانتهت بمقتل وإصابة عدد من أفراد القبيلتين في معركة استمرت 3 أيام.
معركة ثأرية أخرى بسبب خلاف حول أراضٍ زراعية ومساقٍ بين قبيلة «ذو هديان» من محافظة عمران مديرية العشة، وقبيلة «الزواقر» من مديرية ظليمة حبور في المحافظة ذاتها، أودت بحياة 12 شخصاً وإصابة 13 آخرين، عام 2008.
من أكبر المعارك كانت في ذات العام ذاته أيضاً بين قبيلة «صبارة» بمديرية حرف سفيان وقبيلة «ذو محمد بن علي» بمديرية العصيمات محافظة عمران، بسبب خلافات عمرها 90 سنة، على أرض زراعية ومراعٍ، وقد أدت المواجهة بين القبيلتين لمقتل ما يزيد عن 100 شخص وإصابة العدد نفسه، واستخدمت خلال المواجهات المدفعية من نوع «B10» وقذائف «R.B.G»، والرشاشات الثقيلة.
ثأر آخر عمره أكثر من نصف قرن بين قبيلة «آل يسلم» وقبيلة «آل العقبي» في مدينة رداع محافظة البيضاء، خلف حتى الآن عشرات القتلى والجرحى، ولم ينته بعد، يقول «أ.هـ» وفضل عدم إيضاح اسمه لأنه من ابناء إحدى القبيلتين اللتين لم تضع حرب الثأر بينهما أوزارها بعد، إنه منذ كان طفلاً وهو يعرف هذا الثأر القديم الذي كلما توقف اندلع من جديد، بسبب العداوة والحساسية بين الطرفين التي كانت تعيد الثأر للحياة بعد محطات التصالح التي لم تكن تصمد. مضيفاً أنه كان يشاهد والده يأخذ السلاح ويتوجه للجبال حيث يتمترس الطرفان، واليوم زاد عمره عن الـ60، ولم ينته الثأر بعد، بل زاد، ولازال هناك 12 قتيلاً لإحدى القبيلتين تنتظر الثأر لهم.
وشهدت آخر معارك هذا الثأر عام 2012 مواجهة عنيفة بين القبيلتين أدت لمقتل شيخي القبيلتين وعدد من الأشخاص، حيث قتل شيخ إحدى القبيلتين بكمين وضع له في الطريق بين القبيلتين، فتم الانتقام من الشيخ الآخر بقصف منزله بقذائف الهاون، ليقتل الشيخ وابنه ذو الـ10 سنوات وابن أخيه وعمه، ولتندلع بعدها واحدة من أسوأ المواجهات بين القبيلتين، حيث حصلت عمليات الانتقام في كل مكان ومن كل أبناء القبيلتين حتى الذين يشتغلون في الأعمال المدنية بعيداً عن أجواء القتال والثأر، فقتل أشخاص داخل محلاتهم وفي الطرقات، وتزامنا مع إعلان التعبئة للقتال تم إعلان حالة الطوارئ بين الرجال والشباب في القرى وأماكن سكنهم في المحافظات الأخرى، وقامت كل قبيلة بمحاصرة الأخرى، كما تبادلتا القصف بالأسلحة الرشاشة حتى تدخلت وساطة قبيلة وحكومية لوضع هدنة، ولم ينته هذا الثأر حتى اليوم، ولكن المعارك تتجمد فقط في بعض الفترات، لكنها تعاود الاشتعال دائماً، حسب «أ.هـ» الذي يتمنى أن تبادر أية جهة، سواءً مكتب سيد الثورة أو المجلس السياسي الأعلى أو مجلس التلاحم القبلي، لعمل خير عظيم بالإصلاح بين المتقاتلين في هذا الثأر الذي أرهق القبيلتين لسنين طويلة وعلى مدى أجيال من أبناء القبيلتين.
نجاحك سبب قتلك
لهذا كله ربما يكون الثأر من أصعب مشاكل اليمنيين الاجتماعية التي تحتاج إلى خطط قبلية وعرفية أو خطط قانونية منهجية لحلها، أو لكليهما معا، فالثأر خطر كبير على السلم الاجتماعي والأمان العام، كما هو نكال على المتحاربين، وفيه ظلم كبير لأبنائهم وأسرهم، فقد ذكر لنا أشخاص من مدينة رداع عن ثأر حصد قرابة الـ70 شخصاً في 3 أيام، وآخر قتل فيه معظم رجال وشباب الطرفين المتقاتلين حتى لم يبق سوى النساء والأطفال. وبسبب قوانين الثأر غير المنطقية فقد تكون مدرساً أو موظفاً 
في محافظة معينة وتخرج للبقالة لتشتري خبزاً فيأتي شخص لقتلك دون جرم، والسبب أن أحد أبناء قبيلتك أو أسرتك قد قتل شخصاً في محافظة أخرى وهرب، كما أن العمليات الانتقامية للثأر في هذه الحالة تكون انتقائية بشكل كارثي، فإذا كنت دكتوراً أو تاجراً أو مديراً أو ذا حضور ونجاح اجتماعي ومالي، فأنت في ورطة كبيرة، لأن عمليات الانتقام تكون من أفضل قوم الخصوم!
مع أن الفترات السابقة لثورة 21 أيلول 2014م قد شهدت استقراراً أمنياً نسبياً ومكافحة لظاهرة حمل السلاح، إلَّا أن مشكلة الثأر لم تتوقف أبداً، وشهدت حالات ثأر صغيرة لا تحصى، ومعارك طاحنة كبيرة في القرى والمدن، والسبب في ذلك -حسب باحثين اجتماعيين- يعود لعدم وجود خطط جادة وفعالة من الدولة لمعالجة جذور الظاهرة بإعداد برامج ودراسات وخطط لإصلاح وعي المواطنين، بالتعليم والتثقيف وزرع 
قيم المواطنة والمدنية، ودفعهم لحل خلافاتهم بدون اللجوء إلى أعلى وسائل العنف (استخدام السلاح)، وهي خطط ومعالجات تحتاج جهداً متواصلاً لسنوات كي تثمر، كما يلزم إيجاد أجهزة أمنية قوية يثق فيها المواطنون لحل خلافاتهم والاقتصاص ممن اعتدى عليهم. بل قد كان من الشائع أن يتهم المواطنون الدولة سابقا بتعمد إبقاء هذه الظاهرة، وخلق ودعم الصراعات بين القبائل.
استثمار الأنظمة السابقة لظاهرة الثأر
فحسب كثيرين، لم تعد سياسة «فرق تسد» التي جاءت إلى اليمن مع «الكابتن هينز» عام 1839 عندما احتلت بريطانيا عدن، مبدأ احتلال أجنبي هدفه خلق الصراعات بين أبناء الشعب الواحد، ليتسنى الاستمرار في احتلاله، بل أصبح وسيلة تستخدمها السلطات والحكومات والنافذون ومن يقعون على رأس هرم صناعة القرار والأحداث في اليمن أو غيره من البلدان، لترسيخ بقائهم في السلطة التي باتت تشبه الاحتلال. ولأن القبيلة قوة اجتماعية وعسكرية لها ثقل كبير في اليمن، وكما تكون حليفاً للدولة في أحيان، تكون عدوة لها في أحيان أخرى، تفتعل الدولة أحياناً الصراعات بين القبائل لشغلها ببعضها لكي لا تصبح قوة لها تأثير على السلطة، فيقتنص قادة السلطة بعض الفرص لإضعاف القبائل بشكل محدود وليس بشكل كامل، فهم يعرفون أنهم يحتاجونها سواء لدعم مراكزهم كحكام أو للضغط على الحكام إن كانوا معارضين، والفتيل الأفضل في الغالب لتلك المعارك والنزاعات يكون الثأر.
كما أن بنية السلطة اليمنية بطبيعة الحال متشكلة بنسبة كبيرة من قادة عسكريين ومسؤولين وسياسيين وحزبيين ينتمون إلى النسيج القبلي اليمني، وقد يكون الوزير أو قائد المحور أو المحافظ نفسه شيخاً أو ابن شيخ أو قريباً لشيخ، وعند نشوب حرب بين قبيلتين تطغى النزعة العصبية على المسؤولية الوطنية لدى هؤلاء، فينحازون وهم يمثلون الدولة نحو طرف، وبذلك تغذي الدولة هذه الظاهرة بطريقة أو بأخرى.
حسب معلومات مؤكدة، فموازنة مصلحة شؤون القبائل كانت 4 مليارات ريال سنوياً ، هى مجمدة حاليا حسب مصادر في التلاحم القبلي بالإضافة إلى امتيازات وهبات كثيرة تمنح لهم من قطع أرض وسيارات ورتب عسكرية ووظائف وأسلحة، ومن المشهور حتى عند أصغر المشائخ أن لديه مع أبنائه رتباً عسكرية كضباط وجنود، وبعض المشائخ محافظون وأعضاء مجلس نواب أو شورى، وهذه العلاقة والتهجين جعل تأثير الدولة وأقطابها قوياً على القبائل ومشائخها لدفعهم نحو مسارات معينة أو دعمها ضد خصومها وجعل الدولة أحياناً طرفاً في النزاع.
21 أيلول خطوة على الطريق الصحيح
تمكنت ثورة 21 أيلول 2014م، بمنهجية عرفية قبلية، من وضع حد لعشرات الثارات الحديثة والقديمة بين اليمنيين، ومنذ عام 2015 حتى عام 2019 تم التوقيع على 106 وثائق صلح قبلي بين طرفي ثأر وإنهاء النزاع بينهما وغلق القضية نهائياً، بجهود مجلس التلاحم القبلي ووساطات محلية، وكان أولها توقيع وثيقة صلح قبلي بين أبناء مديرية حزم العدين بمحافظة إب في 29 نوفمبر 2015، وآخرها صلح قبلي بصنعاء ينهي نزاعا بين «آل واصل» من الضالع و»آل مقشر» من إب، في 4 نوفمبر 2019، وبفضل التوعية التي لفتت الناس إلى عدوهم الحقيقي (تحالف العدوان) وذكرتهم بقيم التسامح والشهامة اليمنية القبلية وعظيم أجر العفو لوجه الله في الدين الإسلامي، صار من الممكن جمع كثير من أطراف النزاع القبلي وإنهاء خلافهم في كثير من الأحيان.
وفي تصريحه لـ»لا» أكد الشيخ جبران مرفق، رئيس مجلس تلاحم محافظة عمران، إحدى أكثر المحافظات التي تعاني من ظاهرة الثأر، أن حل قضايا الثأر والإصلاح بين اليمنيين أولوية، في إطار العمل بتوجيهات قائد الثورة وترجمة لوثيقة الشرف القبلي التي تنص في أحد بنودها على تأجيل كل أنواع النزاعات بين أبناء القبائل اليمنية والتفرغ للعدو الحقيقي، وقد نجحت الوثيقة في الحد من ظاهرة الثأر في كثير من المحافظات.
وأوضح جبران أنهم في المجلس حاولوا الحد من حالات الاقتتال الكبيرة بين القبائل، وبقية قضايا الثأر الشخصية، وهناك إقبال كبير من المتقاتلين لحلها.
وأضاف أنهم الآن يعملون على حل قضايا الثأر القائمة وإنهاء الفتنة بين اليمنيين عندما تحصل، وفي المستقبل سيكون هناك خطط لمعالجة جذور هذه الظاهرة.
جيوش موازية
كل قبيلة في اليمن تمتلك على الأقل أسلحة متوسطة، كالرشاشات من عيار، «12.7 ملم» وعيار «14.5ملم» وصواريخ «لو» وقذائف «R.B.G»، إلى جانب بقية الأسلحة الخفيفة والشخصية، وتمتلك بطبيعة الحال سيارات سهلة التحول للطابع الحربي نظرا لتصميمها وقدرتها ومتانتها، وهي سيارات «تويوتا بيك أب» المعروفة عند اليمنيين بـ»الشاصات والهيلوكسات»، وهي السيارات ذاتها المستخدمة عند قوات الجيش والأمن في اليمن ودول الخليج وكثير من الدول العربية، ويستخدمها اليوم الجيش واللجان الشعبية في مواجهة العدوان ومرتزقته الذين يستعينون بها أيضاً إلى جانب الدبابات والمدرعات، حيث يمكن تركيب الرشاشات والقاذفات ومدافع «106» عليها، وحمل الأفراد والقيام بمهمات قتالية كثيرة بها. لذا فالقبيلة اليمنية مجهزة بجهاز حربي دائماً، ولأن طبيعة الثأر في العرف اليمني تعني أنه ليس مشكلة فردية، بل عامة تعني كل أفراد قبيلة المقتول، فقد تندلع معركة مسلحة بين أي قبيلتين. وقد عرفت القبيلة اليمنية خلال التاريخ الحديث أنها تملك قوة عسكرية موازية لقوة الحكومة، وهي الجيش الاحتياطي للدولة، وامتلكت هذه القبائل الأسلحة من بقايا خوضها معارك سابقة متحالفة مع الدولة في الشمال والجنوب خلال الحروب التي دارت بين الشطرين أو بين اليمن الموحد وجماعات معينة، ومما حصلت عليه من دعم الحكومة، وكثير من هذه الأسلحة مشتراة حديثاً.
ومع أن المجتمع اليمني مسلح عموماً، وظاهرة الثأر في كل محافظة، إلَّا أن هناك محافظات تعاني من هذه الظاهرة أكثر من غيرها، كعمران، البيضاء، شبوة، الضالع، صنعاء، ذمار، إب، أبين، مأرب، والجوف.
حوار سريع
 «خ. م» من أبناء قبيلة خولان: ترصدوا لأخي بسبب خلاف على أرض فثأرت من قاتله وأحد أقاربه
- وساطة قبلية اعتبرت ثأري من قاتل أخي قصاصاً وقتلى للآخر بغير عمد موضع تحكيم
- ننتظر حتى يبلغ ابن المقتول السن القانونية ليقرر التنازل أو المطالبة بالثأر
أجرينا حواراً مع أحد المواطنين العالقين في قضية ثأر من الدرجة البسيطة، والتي مر عليها مع ذلك 15 عاماً. «خ.م» من أبناء قبيلة خولان، يحكي لنا عن ثأرهم مع أسرة أخرى من نفس القبيلة.
 نعلم أن لديكم قضية ثأر، فما قصتها؟
كنا في خلاف مع أسرة أخرى من نفس عزلتنا، حول أراضٍ في القرية، تطورت لنزاع في المحكمة وشجارات، وبعدها ترصدوا لأخي وقتلوه.
 متى كان هذا؟
عام 2004.
 ماذا فعلتم بعدها؟
عام 2005 أخذت بثأر أخي وقتلت من قتله، ولكن أحد أقاربه كان جواره فقتل معه لأن الرصاصات كانت تخترق جسم الأول وتصيب الثاني، وكانت الطريق طويلة عند إسعافه فمات جراء النزيف.
 تعني أنك لم تتعمد قتل الآخر؟
نعم، لم أتعمد، لكن كان على ذلك الشخص ألا يمشي مع القاتل حسب الأعراف القبلية لدينا.
 كيف؟ وضح أكثر؟
بعد أن قتل أخي «أعلنا الظاهرة»، وتعني أنه يجب ألا يمشي مع القاتل أحد ولازال عليه دم، وقد أعلناها في المنطقة بالطرق المعروفة.
 ماذا حصل بعدها؟
كانت هناك وساطة قبلية، فاعتبر قتلي لقاتل أخي «قضاء» (قصاص)، فصارت واحدة بواحدة، وقتلي للآخر بغير عمد قضية أخرى تلزم التحكيم مبدئياً، فقدمنا لأولياء الدم 11 بندقية وما يسمى «حشم الدية»، ولم تنته القضية نهائياً لأننا، مازلنا ننتظر حتى يبلغ ابن المقتول السن القانونية، لأنه الوحيد حالياً المخول بالتنازل عن دم والده وأخذ الدية.
 ماذا لو قرر الابن عدم التنازل والمطالبة بالثأر؟
نحن مستعدون لأي احتمال.
 هل يجب على هذا الابن أن يعلن عن قراره إذا كان رافضاً للتحكيم السابق ويريد سلوك طريق الثأر؟
بالتأكيد، وإلا سيعد ذلك عيباً أسود، عليه أن يرد ما أعطيناهم (11 بندقية وحشم الدية) إذا أراد العودة للاقتتال. لكن في العرف القبلي أخذ أولياء الدم للـ»آلي» كحكم يعني ميلهم لحل القضية، ونحن نعتقد أنهم يريدون إنهاءها، ولكن كما قلت لك نحن مستعدون لأي احتمال.
 لماذا لم تلجؤوا للأجهزة الأمنية للمطالبة بالقصاص من قاتل أخيكم؟
في أعرافنا وأسلافنا أولياء الدم هم من يجب أن يقتصوا لقريبهم، كما أن القاتل يظل هارباً، وملاحقة الدولة له قد تطول كثيراً.
 نتمنى أن تنتهي قضيتكم بالتصالح والتسامح قريباً ونسمع أخبار خير عنكم.
إن شاء الله، أتمنى ذلك.

تعليقات:
    قيامك بالتسجيل وحجز اسم مستعار لك سيمكنكم من التالي:
  • الاحتفاظ بشخصيتكم الاعتبارية أو الحقيقية.
  • منع الآخرين من انتحال شخصيتك في داخل الموقع
  • إمكانية إضافة تعليقات طويلة تصل إلى 1,600 حرف
  • إضافة صورتك الشخصية أو التعبيرية
  • إضافة توقيعك الخاص على جميع مشاركاتك
  • العديد من الخصائص والتفضيلات
للتسجيل وحجز الاسم
إضغط هنا
للدخول إلى حسابك
إضغط هنا
الإخوة / متصفحي موقع الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره نحيطكم علماُ ان
  • اي تعليق يحتوي تجريح او إساءة إلى شخص او يدعو إلى الطائفية لن يتم نشره
  • أي تعليق يتجاوز 800 حرف سوف لن يتم إعتماده
  • يجب أن تكتب تعليقك خلال أقل من 60 دقيقة من الآن، مالم فلن يتم إعتماده.
اضف تعليقك
اسمك (مطلوب)
عنوان التعليق
المدينة
بريدك الإلكتروني
اضف تعليقك (مطلوب) الأحرف المتاحة: 800
التعليقات المنشورة في الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر عن رأي الموقع   
اكثر خبر قراءة أخبار وأنشطة ضد العدوان
(نص + فيديو) المحاضرة الرمضانية الـ25 للسيد عبدالملك بدر الدين الحوثي 30 رمضان 1445هــ | 9 أبريل 2024م.
مواضيع مرتبطة
الضجيج الموجه للداخل لا يكون من ورائه إلا من يعمل لمصلحة العدوان أو من هو مغفل بالكامل..فلا تنجر!
الداخلية: الأجهزة الأمنية تكشف مخطط خطير تقف خلفه دول العدوان
المحكمة العسكرية تمكن محامو الدفاع من تقديم عريضة بدفاع المنصب عنهم
بث مشاهد جديدة لإسقاط "الأباتشي" السعودية في عسير (صور)
كسر زحف للمرتزقة في تعز ومقتل عدد منهم