حرصا على المكاسب الاقتصادية.. الغرب يبقي الحرب في اليمن مستعرة
الأحد 08 مارس - آذار 2020 الساعة 07 مساءً / متابعات - موقع لا الإخباري :
 
بورزو دراغي 
صحيفة "الإندبندنت" البريطانية
تواصل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا تصدير الأسلحة للحرب التي يعترفون بها في لحظات خاصة، وهي مفلسة أخلاقيا وتؤدي إلى نتائج عكسية من الناحية الإستراتيجية.
من بين الأحداث العديدة المروعة التي وقعت في الشرق الأوسط الأسبوع الماضي، كانت القصة التي لم يلاحظها أحد، وهي قيام جندي يقاتل ضمن صفوف القوات الحكومية في اليمن، اكتشف أنه لن يتلقى راتبه، فسحب سلاحه على الفور وأطلق النار على نفسه داخل مقر "اللواء الأول مشاة" في عدن.
وفاة شاب مذعور، على ما يبدو بسبب عجزه عن إطعام أسرته، تذكير بالبؤس الذي يلف الحرب اليمنية دون توقف، وهي واحدة من العديد من الصراعات الطاحنة التي حولت مساحات شاسعة من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى مناظر طبيعية من الرعب والحرمان.
الأكثر إثارة للسخرية أن الصراع في اليمن هو أكثر الصراعات في العالم قابلية للحل السريع لو أخلصت القوى الدولية والغربية النوايا بدلا من تجاهل الأمر وكأن لم يكن.
على عكس سوريا، فإن اليمن نفسه ليس محط اهتمام القوى الدولية الكبرى في العالم، التي ليس لها الكثير من المصالح هناك. على عكس العراق أو ليبيا، فإنه يحتوي على القليل من النفط. إنه مجرد مجاور لمضيق غير مهم بشكل متزايد يمر عبره جزء ضئيل من الشحن البحري في العالم.
على عكس طالبان وخليفة حفتر، أظهرت جميع الأطراف المتحاربة في اليمن أنها تستطيع تقاسم السلطة. فليس هناك طرف عاقل قد يظن أن بإمكانه حكم هذا البلد الذي لا قانون فيه، الواقع في الطرف الجنوبي من شبه الجزيرة العربية بمفرده.
في الواقع، هناك القليل من الاتجاه الصعودي لأي من الأطراف لمواصلة الحرب مع اليمن. مثل كل الحروب، فإن هذه الحرب أنجبت الاستغلاليين الذين يرون مصلحتهم في استمرار الصراع. لكن اليمن لا يزال من بين أفقر البلدان على الأرض، وليس هناك الكثير لاستغلاله.
بدأت المملكة السعودية والإمارات الصراع ضد المتمردين الحوثيين المتصاعدين لأن الجماعة المسلحة كانت تعتبر وكيلا لمنافستها اللدود إيران وخطراً على ممالك شبه الجزيرة العربية.
لكن كلما استمرت الحرب، كان الحوثيون متحالفين مع إيران بشكل أفضل. وكلما أصبحت القدرات العسكرية للمجموعة أفضل، تشكل تهديدات أمنية أكثر خطورة على السعودية التي يحكمها محمد بن سلمان ودولة الإمارات التي يحكمها ولي العهد محمد بن زايد.
انخرطت إيران في الحرب لمجرد اللعب، حيث زودت الحوثيين بالأسلحة والتدريب باعتبارها طريقة منخفضة التكلفة نسبيا لإغراق المملكة السعودية في صراع طويل الأمد. على عكس أفغانستان أو العراق، فإن اليمن لا يشترك بحدود مع إيران، فهل تلعب دوراً حيوياً في طموحاتها لتكون حامية للمسلمين الشيعة؟
ولكن مع استمرار الحرب، أصبحت حصتها في نتائج النزاع أكثر ترسخاً. وتتراكم عواقب الحرب بمرور الوقت، فالأسبوع الماضي وردت أنباء عن قيام إيران بتزويد الحوثيين بأسلحة متطورة.
واتهمت الولايات المتحدة إيران بشحن قطع للصواريخ الموجهة المضادة للدبابات الروسية كورنيت وصواريخ أرض - جو متقدمة عبر سفينة شحن صغيرة تم اعتراضها في البحر في 9 فبراير، وهو ثاني اعتراض رئيسي على الأسلحة الإيرانية المزعومة منذ نوفمبر.
وقال وليام أوربان، المتحدث باسم الجيش الأمريكي، للصحفيين: "الإمداد المتواصل بالأسلحة الإيرانية للحوثيين أدى بالتأكيد إلى إطالة أمد الصراع وتأخير التوصل إلى حل سياسي، وزيادة معاناة الشعب اليمني". ثم، يوم الجمعة، ادعى الحوثيون أنهم أسقطوا طائرة مقاتلة سعودية من طراز "تورنيدو"، "بصاروخ أرض-أرض متقدم"، مما يشير إلى أن قدرات أكثر تطورا يتم نشرها في ساحة المعركة.
بدلا من التوجه نحو النهاية، أصبحت حرب اليمن أكثر تعقيدا وخطورة مع مرور كل شهر. إن الفصائل المناهضة للحوثيين هي الآن بالأساس في حالة حرب، حيث يشتبك المجلس الانتقالي الجنوبي ذو التوجه الانفصالي المدعوم من الإمارات ضد حكومة عبد ربه منصور هادي المدعومة من السعودية.
بالنسبة للمملكة السعودية، فإن الصراع كان رخيصا. يزعم الحوثيون أن الحرب تكلف السعودية 60 مليار دولار. في حين أن الرقم، مثله مثل كل شيء تقريبا تقوله المجموعة، من المحتمل أن يكون مبالغا فيه، فقد أسقطت الرياض بلا شك عشرات المليارات من الدولارات لدفع ثمن أسلحة الحرب والمرتزقة ولإبقاء حكومة هادي الهشة قائمة.
من المرجح أن هجمات الحوثيين على الأراضي السعودية قد كلفت البلاد. تخيل لو أن الرياض، بدلاً من تمويل الحرب على مدى السنوات الخمس الماضية، استثمرت نصف ذلك المبلغ في مشاريع التعليم والزراعة في اليمن؛ ربما وجدت عملا مثمرا ومدفوعا للشاب الذي قتل نفسه بسبب عدم دفع الأجور!
لم تذهب محادثات السلام بين الأطراف المتحاربة، التي بدأت في أواخر العام الماضي، إلى أي مكان، مع وجود مؤشرات إلى أن هدنة هشة في مدينة الحديدة الساحلية آخذة في الانهيار.
وفي الوقت نفسه، تواصل القوى الغربية ـخاصة الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنساـ بيع الأسلحة إلى السعودية وتوفر غطاء دبلوماسيا للحرب التي يعترفون بها في لحظات خاصة، وهي مفلسة أخلاقيا وتؤدي إلى نتائج عكسية من الناحية الإستراتيجية.
اضغط عليهم أكثر (الدول الغربية) وسيقرون بأنهم يفعلون ذلك ليس بالضرورة لأن الشركات الغربية تستفيد مباشرة من مبيعات الأسلحة للصراع اليمني، ولكن أيضا نظرا لأن المملكة السعودية والإمارات وشريكتهما مصر تشتري الكثير من الأسلحة وتوفر فرص العمل وتحقق أرباحا في الغرب.
ولكن إذا كانت الاقتصادات الغربية واهية إلى حد أنها تعتمد على زيادة تعذيب 25 مليون شخص فقير بالفعل، فإنهم لا يستحقون ذلك.
* مراسل شؤون الشرق الأوسط في الصحيفة.
"عربي 21"
25 فبراير/ شباط 2020

تعليقات:
    قيامك بالتسجيل وحجز اسم مستعار لك سيمكنكم من التالي:
  • الاحتفاظ بشخصيتكم الاعتبارية أو الحقيقية.
  • منع الآخرين من انتحال شخصيتك في داخل الموقع
  • إمكانية إضافة تعليقات طويلة تصل إلى 1,600 حرف
  • إضافة صورتك الشخصية أو التعبيرية
  • إضافة توقيعك الخاص على جميع مشاركاتك
  • العديد من الخصائص والتفضيلات
للتسجيل وحجز الاسم
إضغط هنا
للدخول إلى حسابك
إضغط هنا
الإخوة / متصفحي موقع الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره نحيطكم علماُ ان
  • اي تعليق يحتوي تجريح او إساءة إلى شخص او يدعو إلى الطائفية لن يتم نشره
  • أي تعليق يتجاوز 800 حرف سوف لن يتم إعتماده
  • يجب أن تكتب تعليقك خلال أقل من 60 دقيقة من الآن، مالم فلن يتم إعتماده.
اضف تعليقك
اسمك (مطلوب)
عنوان التعليق
المدينة
بريدك الإلكتروني
اضف تعليقك (مطلوب) الأحرف المتاحة: 800
التعليقات المنشورة في الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر عن رأي الموقع   
اكثر خبر قراءة أخبار وأنشطة ضد العدوان
(نص + فيديو) المحاضرة الرمضانية الـ25 للسيد عبدالملك بدر الدين الحوثي 30 رمضان 1445هــ | 9 أبريل 2024م.
مواضيع مرتبطة
أسروا ضباطاً سعوديين في اليتمة.. أبطالنا يحررون اللبنات في الجوف
النظام الذي يخشى كورونا ولا يخاف الله!
تويتر يشتعل..”عاصفة العدوان” بلا حزم
وثائق جديدة لسلسلة المؤامرة الأمريكية تؤكد خيانة النظام السابق بتجريد اليمن من الدفاعات الجوية
تصريحات غريفيث حول مأرب.. محاولة لخلط الأوراق