الإحتجاجات الأمريكية تكشف عنصرية النظام ووحشيته
الثلاثاء 02 يونيو-حزيران 2020 الساعة 12 مساءً / متابعات - سبأ نت :

 

عواصم- سبأ: مرزاح العسل

لليوم السابع على التوالي تستمر الاحتجاجات في معظم المدن الأمريكية، بعد مقتل جورج فلويد، مواطن أمريكي من أصول أفريقية، على يد أحد أفراد الشرطة أثناء محاولة اعتقاله يوم الاثنين الماضي، في مينيابوليس أكبر مدن ولاية مينيسوتا.

الاحتجاجات بدأت بعد انتشار مقطع فيديو يظهر فيه فلويد (46 عامًا)، وهو يُنازع لالتقاط أنفاسه الأخيرة بينما يضغط شرطي يدعى ديريك شوفين على رقبته لمدة 8 دقائق و46 ثانية، وكان يؤكد أنه لا يستطيع التنفس قبل أن يسقط فاقدا للوعي ويموت في الشارع على مرأى من الشهود وكاميرا هاتف محمول كانت تسجل اللحظة، ما أثار غضب المواطنين الذي نزلوا في احتجاجات مُنددة بالعنصرية تجاه الأمريكيين من أصول أفريقية.

رفع المتظاهرون الذين وضع معظمهم كمامات بسبب انتشار فيروس كورونا المستجد، لافتات كتب عليها "حياة السود تهم" و"لم أعد قادرا على التنفس"، العبارة التي قالها جورج فلويد عندما كان الشرطي يثبته على الأرض.

وشهدت الاحتجاجات أعمال شغب ما دفع السلطات إلى تطبيق حظر تجوال لم يلتزم به المحتجون، واستخدمت شرطة مكافحة الشغب الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي بعد إضرام النيران في سيارات ومركبات تابعة للشرطة.. ووقعت مصادمات أخرى في نيويورك وفلادلفيا وواشنطن.

وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في تصريحات صحفية بمركز كينيدي الفضائي بفلوريدا إن "وفاة جورج فلويد في شوارع مينيابوليس مأساة خطيرة".. مضيفاً إنّ ذكرى فلويد أساء إليها مرتكبي أعمال السلب والنهب ومثيري الشغب والفوضى.

وندد ترامب بالاحتجاجات وهدد بتدخل الجيش إذ لم تتمكن السلطات المحلية في الولايات من التعامل معها.. داعيا إلى "المصالحة، لا الكراهية، وإلى العدالة، لا الفوضى".

ووُجهت تهمة القتل إلى الشرطي في مينيابوليس بعد فصله، وكذلك تسببت الحادثة في إقالة 4 آخرين من أفراد الشرطة.

وأدان المرشح الديمقراطي للرئاسة الأمريكية جو بايدن الأحد العنف في الاحتجاجات التي تشهدها الولايات المتحدة بعد وفاة الرجل الأسود خلال اعتقاله من قبل الشرطة.. مشددا في الوقت نفسه على حق الأميركيين في التظاهر.

وقال بايدن في بيان له إن "الاحتجاج على هذه الوحشية حق وضرورة.. إنه رد فعل أمريكي خالص".. لكنه أضاف إن الأمر لا ينطبق على "إحراق مدن وتدمير المباني".

وتعد ليلة الجمعة الماضية إحدى أسوأ ليالي الاضطرابات الأهليّة منذ عقود، إذ تمّ إحراق سيّارات ومراكز تابعة للشرطة في نيويورك ودالاس وأتلانتا وغيرها.

وازدادت رقعة المظاهرات توسعا مساء السبت في الولايات المتحدة إثر تدخل عنيف للشرطة في مدينة مينيابوليس بولاية مينيسوتا، ما دفع السلطات إلى فرض حظر التجوال في عدة مدن بينها لوس أنجلس وفيلادلفيا وأتلانتا وغيرها.

وقتل شخص آخر جراء إطلاق نار وقع خلال التظاهرات المناهضة لمقتل الأمريكي من أصول إفريقية.. وقال رئيس شرطة مدينة إنديانابولس، راندال تيلور، في مؤتمر صحفي: إن "شخصا قُتل جراء إطلاق نار، في وقت متأخر من مساء السبت، في تظاهرات شهدها وسط المدينة"، حسبما نقلت وكالة "أسوشيتيد برس".

وفي صباح الأحد، تم إعلان حالة الطوارئ في 25 مدينة أمريكية بـ16 ولاية، من أبرزها سان فرانسيسكو وأتلانتا وشيكاغو وفيلاديليفيا وكولومبيا وناشفيل وسياتل، كما فُرض حظر تجوّل ليلي في ولاية كنتاكي.. فيما تم اعتقال المئات من المتظاهرين.. وتوسعت حالة الطوارئ اليوم الإثنين لتشمل أكثر من 40 مدينة أمريكية.. ويطالب المحتجون، بمحاكمة رجال الشرطة الـ4 الآخرين الذين كانوا حاضرين لواقعة مقتل فلويد.

وعلى الرغم من أن الدستور الأميركي يمنع التفرقة على أساس اللون أو الجنس أو الدين إلا أن العنصرية مزروعة في قلب ونفوس معظم الأميركيين، وأن جذورها أعمق من أن تنتزع رغم كل قوانين المساواة والحرية واحترام حقوق الإنسان التي تنادي بها الولايات المتحدة الأمريكية.

وتشكلت الولايات المتحدة في بدايتها من عناصر أوروبية كان الغالب عليها هو العرق الأبيض، وشنت هذه العناصر حملة إبادة شاملة ضد سكان القارة الأصليين من الهنود الحمر لتسهيل أمر المستوطنين الجدد من ناحية، وجلب أكبر عدد من الأفارقة وتحويلهم إلى عبيد لتعمير القارة الجديدة من ناحية أخرى.

والعنصريّة موجودة في الولايات المتّحدة منذ الحقبة الاستعمارية، فقد أُعطي الأمريكيّون البيض امتيازات وحقوق انحصرت بهم فقط دوناً عن كلّ الأعراق الأخرى، ومُنح الأمريكيون الأوروبيّون (خاصّة البروتستانت الأنجلوسكسونيون البيض الأغنياء) امتيازات حصريّة في مسائل التّعليم والهجرة وحقوق التّصويت والمواطنة وحيازة الأراضي والإجراءات الجنائيّة طوال التّاريخ الأمريكي.

توحش النظام الأمريكي وزيف ديمقراطيته:

على الرغم من أن الولايات المتحدة هي أكثر دول العالم صخباً وضجيجاً بالحديث عن حقوق الإنسان وشعاراته، وأنها الدولة الأكثر استخداماً لورقة حقوق الإنسان في سياستها الخارجية، وتقوم بتقسيم الدول إلى محاور خير وشر واعتدال وتطرف وتضعهم على لوائح سوداء وملونة على أساس احترام حقوق الإنسان، إلا أنها على صعيد الممارسة الفعلية تعد الدولة الأخطر على مر التاريخ التي انتهكت ولا تزال تنتهك حقوق الإنسان، بالتالي فإن حقوق الإنسان كانت اللافتة التي اتخذتها الولايات المتحدة ستارا لارتكاب أبشع ممارسات انتهاكات حقوق الإنسان في تاريخ البشرية.

وترى الأمم المتّحدة وشبكة حقوق الإنسان الأمريكيّة أنّ "التمييز في الولاياتِ المتّحدة يتخلّل جميع جوانب الحياة ويمتدّ إلى جميع الأعراق غير البيضاء".

الناطق الرسمي لأنصار الله ورئيس الوفد الوطني في المشاورات السياسية محمد عبد السلام، قال: إن حركة الاحتجاجات في أمريكا كشفت توحش نظامها وديمقراطيتها الزائفة.

واعتبر عبد السلام في تغريدة له على "تويتر" أن "المظاهرات العارمة التي تجتاح بلد الديمقراطية الزائفة احتجاجا"، نجحت في كشف حقيقة الولايات المتحدة الأمريكية.. مشيراً إلى أن "أمريكا لم تكن يوما بلد حريات ولن تكون طالما يحكمها نظام عنصري لا ينتج إلا عنصريين قتلة".

فيما رأى عبد الباري عطوان بمقالة له في صحيفة "رأي اليوم" اللندنية أن "أمريكا على أبواب ثورة ضد العنصرية المتصاعدة".. قائلا: "هذه الجريمة البشعة التي وثّقها أحد المارة بكاميرا هاتفه المحمول أعادت فتح ملف الاضطهاد الذي يتعرض له المواطنون السود على أيدي الشرطة، وبعض مؤسسات الدولة، رغم مرور عام أو أكثر على إلغاء قوانين التمييز العنصري، فالفوارِق ما زالت موجودة".

ووجه عطوان اتهامه لإدارة الرئيس دونالد ترامب.. مشيراً إلى أن وصوله "إلى البيت الأبيض عبر أصوات العنصريين البِيض، وبسبب تبنيه لأجنداتهم، وتهجمه على الرئيس باراك أوباما ومطالبته بالعودة إلى كينيا، مسقط رأس والده، والتشكيك في شهادة ميلاده، وحملاته ضد المهاجرين والمسلمين منهم خاصة، كلها أسباب أدت إلى تفاقم ممارسات التمييز العنصري في دولة تدعي أنها زعيمة المساواة والحرية في العالم".

سنوات من العنصرية.. حوادث مشابهة:

لم تبدأ التوترات بين مجتمع السود والشرطة الأمريكية في مينيابوليس بمصرع فلويد، فلقد بدأ الأمر قبل ذلك بسنوات.. فهذه ليست المرة الأولى التي يمارس فيها عناصر من الشرطة في المنطقة عملية قتل مثيرة للجدل.. ففي 2015، اندلعت احتجاجات بسبب مقتل جامار كلارك، البالغ من العمر 24 عاما، والذي كان يُلاحق من قبل ضباط شرطة في مينيابوليس.

وفي 2016، قُتل فيلاندو كاستيل برصاص ضابط شرطة في حي على بعد 15 دقيقة فقط من مركز الاحتجاج الحالي.

وكذلك في 2017، أُتهم ضابط شرطة في مينيابوليس بقتل جوستين داموند بإطلاق النار عليها.

وأثارت عمليات القتل الثلاث حركات احتجاجية، وأسفرت عن نتائج مختلفة قضائيا.

كما أعادت واقعة قتل الشاب الأسود "فلويد" إلى الذاكرة واقعة مماثلة في الماضي القريب عام 2018 مقتل الشاب الأسود "ديانتى ياربر" بـ 20 رصاصة على يد الشرطة الأمريكية.

وفتح مقتل المواطن الأمريكى، الجدل حول عنصرية الشرطة الأمريكية، ضد المواطنين السود فى البلاد، واستمرار العنصرية ضدهم رغم القوانين العديدة، وحتى بعد اختيار أوباما الرئيس الـ44 للولايات المتحدة وهو من أصول أفريقية، لكن يبدو أن العداء بين أفراد الشرطة البيض ضد السود لن ينتهي.

ويتمثل أبرز مظاهر الاستهداف الممنهج في تعامل الشرطة معهم، إذ قتلت الشرطة الأميركية نحو 1147 أميركياً، من بينهم 25% من الأمريكيين من أصل أفريقي، في عام 2017 وفقاً لمسح "خريطة مراقبة العنف الشرطي" الذي أجرته حركة "نحن المتظاهرون" المناهضة للعنصرية.

ومنذ بداية عام 2018 وحتى أكتوبر من نفس العام يٌقدر موقع (ستاتيستا) الدولي المختص في البيانات عدد القتلى من الأميركيين من أصل أفريقي على يد الشرطة بـ 158 شخصاً من إجمالي 1.056 أميركياً متعددي الأجناس قتلتهم الشرطة خلال الفترة من يناير حتى بداية ديسمبر من نفس العام بحسب بيانات خريطة مراقبة العنف الشرطي.

وتبلغ نسبة السكان الأميركيين من أصل أفريقي نحو 12.6% من إجمالي عدد الأميركيين البالغ عددهم 327.16 مليون نسمة وفقًا لبيانات مكتب الإحصاء السكاني الأميركي، ويُرجع مراقبون سبب استهداف الشرطة لهم إلى النظرة النمطية للسود، والسبب الثاني يتمثل في رفضهم للسلوك العنصري الممارس ضدهم.


تعليقات:
    قيامك بالتسجيل وحجز اسم مستعار لك سيمكنكم من التالي:
  • الاحتفاظ بشخصيتكم الاعتبارية أو الحقيقية.
  • منع الآخرين من انتحال شخصيتك في داخل الموقع
  • إمكانية إضافة تعليقات طويلة تصل إلى 1,600 حرف
  • إضافة صورتك الشخصية أو التعبيرية
  • إضافة توقيعك الخاص على جميع مشاركاتك
  • العديد من الخصائص والتفضيلات
للتسجيل وحجز الاسم
إضغط هنا
للدخول إلى حسابك
إضغط هنا
الإخوة / متصفحي موقع الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره نحيطكم علماُ ان
  • اي تعليق يحتوي تجريح او إساءة إلى شخص او يدعو إلى الطائفية لن يتم نشره
  • أي تعليق يتجاوز 800 حرف سوف لن يتم إعتماده
  • يجب أن تكتب تعليقك خلال أقل من 60 دقيقة من الآن، مالم فلن يتم إعتماده.
اضف تعليقك
اسمك (مطلوب)
عنوان التعليق
المدينة
بريدك الإلكتروني
اضف تعليقك (مطلوب) الأحرف المتاحة: 800
التعليقات المنشورة في الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر عن رأي الموقع   
اكثر خبر قراءة أخبار وأنشطة ضد العدوان
(نص + فيديو) المحاضرة الرمضانية الـ25 للسيد عبدالملك بدر الدين الحوثي 30 رمضان 1445هــ | 9 أبريل 2024م.
مواضيع مرتبطة
منظمة أطباء بلا حدود تدين جريمة قصف حي الزهور بالحديدة
الرياض تغضب حلفاءها: الدوحة تخترقكم
ديمقراطية زائفة وعنصرية مقيتة..الربيع الأمريكي على صفيح ساخن
رئيس الوفد الوطني: تنظيم مؤتمر للمانحين محاولة سخيفة من قبل المجرم لتجميل وجهه البشع
بعد أن غذاها ترامب خلال فترة حكمه .. أمريكا على أبواب ثورة ضد العنصرية " تقرير "