غازي المفلحي / لا ميديا -

تكاد سرعة وكمية تفشي الشائعات حول فيروس كورونا تساوي تفشي الفيروس نفسه. شائعات من كل نوع، وكلها تضرب وعي الناس وتعيق تعاملهم مع الفيروس بالطرق السليمة الفكرية والطبية والعلاجية. هذه الشائعات تجوب العالم كله وتنطلي على أغلب الشعوب وتؤثر سلبا حسب مستوى وعي كل شعب، فبعض الشعوب تخضع ما يصل لها لفلتر قياس منطقي وطبي وفكري، وبعضها الآخر يقبلها ويروجها كما هي دون تفكير للأسف. في هذا التقرير نحاول رصد أغلب الإشاعات التي ظهرت وتوضيح حقيقتها لليمنيين حتى لا يكونوا ضمن الشعوب التي تستقبل وتروج بلا تفكير. أخطر هذه الشائعات هي الطبية والعلاجية التي قد يمثل جهلها أو معرفتها الفرق بين الحياة والموت، وهي مهمة جداً، خصوصاً مع تسجيل أول حالة إصابة بفيروس كوفيد19 في اليمن، في محافظة حضرموت

الكمامة لا تكفي 

من الإشاعات الخاطئة أن ارتداء الكمامات والقفازات يحمي من الإصابة بكورونا.

والحقيقة أن الحماية الحقيقية هي بالتزام المنازل وعدم لمس الفم والأنف والعينين نهائيا قبل غسل اليدين. ويمكن ارتداء الكمامة بالنسبة للأشخاص المصابين بالعدوى والأشخاص غير المصابين. لكن، من أكثر الأساليب التي أثبتت فاعليتها للوقاية هي غسل اليدين لمدة 20 ثانية على الأقل، وعزل المرضى والحجر الصحي والمنزلي الطوعي والإلزامي.

الثوم لا يقي

ردت منظمة الصحة العالمية على عدد من الإشاعات التي انتشرت مؤخراً.

وقالت إن القماش لا يحمي من كورونا، والكمامات تعمل على تخفيف احتمال الإصابة بالفيروس، لكن الفيروس قد يصيب الإنسان رغم ذلك.

وتحدثت المنظمة أيضاً عن إشاعة تم تداولها عن أن الثوم يقي الإنسان من فيروس كورونا.

واعتبرت أن الثوم هو طعام صحي يساعد في مواجهة الميكروبات، لكن لا يوجد دليل على أن تناول الثوم يحمي من فيروس كورونا.

الماء لا يطرد الفيروس

وتداول مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي منشوراً لطبيب ياباني يوصي بشرب الماء كل 15 دقيقة لطرد أي فيروس قد يدخل الفم.

ونفت كثير من المصادر الطبية صحة ما تم تداوله نقلاً عن الطبيب الياباني، معتبرة أنه لا يوجد دليل علمي على ذلك.

وحذرت منظمات طبية وجمعيات ومراكز دراسات حول العالم من الأخذ بالإشاعات وتصديقها، باعتبار أنها لا تستند إلى أساس علمي.

حساء الخفافيش

يقال: جاء فيروس كورونا من حساء الخفافيش.

بينما الحقيقة أن هذا غير صحيح. وما هو معروف عن مرض فيروس كورونا الحالي هو أنه بدأ في ووهان في الصين في سوق رطب، حيث يوجد عدد من الحيوانات المختلفة. هناك بضعة تكهنات مختلفة لمصدر الفيروس، ولكن ليس من شخص يستهلك حساء الخفافيش. والأمر الواضح حاليا هو أنه بمجرد إصابتك بالفعل بمرض الفيروس التاجي، فإنه ينتقل من خلال الرذاذ والقطرات التنفسية.

يقتل الجميع

هناك اعتقاد شائع بأن فيروس كورونا يؤثر ويقتل فقط كبار السن.

بينما في الحقيقة على الرغم من أن كبار السن هم أكثر عرضة للوفاة، لكن الفيروس يقتل الجميع دون استثناء، حتى الأطفال، ولكن يبدو أن إصابة الأطفال والشباب تكون خفيفة في أغلب الحالات، ولكن سجلت حالات لوفاة أطفال وشباب في الفترة الأخيرة.

المضادات الحيوية ليست الحل

انتشرت إشاعة وهي أن المضادات الحيوية تمنع الفيروس وتعالجه.

لكن الفيروسات والبكتيريا نوعان مختلفان من الجراثيم. وتستخدم المضادات الحيوية في علاج العدوى البكتيرية، وبالنسبة للفيروسات، نستخدم الأدوية المضادة للفيروسات، على سبيل المثال، مع الإنفلونزا الموسمية، وهي عدوى فيروسية، تم استخدام عقار التامفلو لعلاج بعض الأعراض وتخفيفها، ولا تعمل المضادات الحيوية في هذا السياق مع هذا الفيروس إلا إذا كان لدى المريض التهابات ثانوية بكتيرية. 

الصيف لن يقتل كوفيد 19 ولا يظل في الحنجرة 4 أيام

أكد أطباء أن ثمة عدداً كبيراً من المعلومات الطبية المغلوطة منتشرة، مثل أن المعقمات أفضل في قتل الفيروس من غسل اليدين بالماء والصابون، أو أن فيروس كورونا يبقى في الحنجرة 4 أيام، وانتشرت معلومة بأن الكركم والثوم والبخور تعالج كورونا وتنقي الجو، وشائعة تزعم بأن الفيروس سينتهي في الصيف، ولن نحتاج للتعقيم وغسل اليدين، وأن استعمال كمامات N95 مناسب للأشخاص العاديين، بينما من الصعب استخدامها لغير أطباء متدربين، وشائعة أخرى بأن الفيروس ينتقل من خلال الجلد، وشائعة بأن رش الجسم بالكحول قادر على قتل الفيروس. 

لا يعني الموت الحتمي

انتشر بين الناس أن العدوى بفيروس كورونا تعني الوفاة الحتمية.

بينما هناك عشرات الآلاف من حالات الشفاء. واستنادا إلى بيانات الوفيات حول العالم، يبدو أنه خفيف نوعا ما من العدوى الفيروسية. 

ومعدل الوفاة العام لدى المصابين بحالات مؤكدة هو 3.5٪ بشكل عام، لكنه وصل إلى 10٪ في بعض الدول كإيطاليا وإسبانيا، وأكثر في الولايات المتحدة، كما أن حوالي 10٪ من حالات الوفاة كانت لأشخاص يعانون من حالات مرضية أخرى مثل أمراض القلب والرئتين والداء السكري وارتفاع الضغط والسرطان. وحتى أولئك الذين في المستشفى لديهم فرصة بنسبة حوالي 95٪ للشفاء.

ليس أخطر القتلة

تنتشر إشاعات أن فيروس كورونا هو أخطر فيروس، والحقيقة أن هناك عدداً من الفيروسات المختلفة الموجودة في العالم. وبالمقارنة بنوع آخر من الفيروسات، كفيروس إيبولا مثلا، فهذا الأخير لديه معدل وفيات أعلى بكثير من تلك المرتبطة بفيروس كورونا. وقد وصل العدد الرسمي لحالات الشفاء من فيروس كورونا إلى 363 ألفاً حتى كتابة التقرير، وهناك حالات شفاء غير مسجلة، والرقم أكبر.

لا يسافر طويلا

قيل إنه يمكن أن تصاب بالعدوى من البضائع التي يتم إرسالها من الصين.

الحقيقة أنه من المستبعد كثيرا أن يتم ذلك، حتى لو كانت البضاعة ملوثة بقطرات تنفسية تحتوي على فيروس كورونا، لأن الفيروس غير قادر على البقاء خارج جسم الإنسان لفترة طويلة جداً. لذلك فإن الانتقال بهذه الحالة يعتمد على المدة التي قضاها الفيروس خارج الجسم، ومازالت تلك المدة غير معلومة على وجه الدقة، وتختلف من سطح ومادة إلى أخرى، وتتأثر بظروف الجو.

كورونا ليس سارس

قيل إن فيروس كورونا هو نفسه سارس.

لكن عائلة كورونا تضم فيروسات كثيرة من أبرزها الفيروس الذي تسبب بسارس، والذي تسبب بمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية، والآن كوفيد19. وكان سارس أكثر حدة من حيث معدل الوفيات الذي تم الإبلاغ عنه، حوالي 10٪ مقابل 2٪ لفيروس كورونا، ولكن لايزال من السابق لأوانه معرفة المعدل النهائي للوفيات.

وفيروس كورونا مختلف عن سارس، وانتشار كورونا مثل الإنفلونزا، فهو ينتشر بسرعة كبيرة بين الأشخاص.

لم يعرف بعد هل تم إنشاء فيروس كورونا أو إطلاقه عمداً

الحقيقة: حدثت 3 أوبئة كبيرة بفيروسات من عائلة كورونا، حدثت خلال 3 عقود، وكلها تشبه الطبيعة المرضية لسارس، لكن يتميز فيروس كورونا الجديد عما سبقه بأنه واسع الانتشار، وقد حصلت على مر التاريخ أوبئة أودت بحياة الملايين، كان أقربها الإنفلونزا الإسبانية عام 1918 خلال الحرب العالمية الأولى، والتي راح ضحيتها أكثر من 50 مليون إنسان. وليس هناك ما يؤكد حتى الآن أنه بفعل فاعل حتى الآن.

يسبب الضعف الجنسي

الخبر الذي لم يتأكد قطعا أنه شائعة أو حقيقة وأثار موجة قلق وموجة نكت أيضا، هو أن المتعافين من فيروس كورونا يصابون بعجز جنسي.

وقد نلقت أكثر من وسيلة إعلامية عالمية أن أطباء في الصين وتحديدا من داخل مستشفى ووهان، قالوا إنهم لاحظوا أمرا غريبا على بعض الرجال المتعافين من فيروس كورونا، وهو تأثر معدل الخصوبة عندهم، غير مستبعدين إصابتهم بالعقم.

ولم تنشر أية دراسة حاليا حول تأثير فيروس كورونا المستجد وتسببه في العجز الجنسي عند الرجال، وأيضا لم تصدر منظمة الصحة العالمية أي بحوث أو نتائج علمية وطبية حول الأمر، إلا أن جميع الأطباء في ووهان أشاروا لوسائل إعلام محلية صينية إلى أن الأمر بديهي للغاية، إذ إن أبرز أعراض المرض هي السخونة الشديدة التي لا تستجيب للعلاجات، وهو الأمر الذي يؤثر على مستوى الخصوبة عند الرجال، وتقليل الهرمونات الجنسية الذكرية.

وعلى الرغم من أن الفيروس التاجي يستهدف بشكل رئيسي الرئتين والجهاز المناعي، إلا أنه من الناحية النظرية، يضعف قدرة الرجل على التكاثر، إذ إن الفيروس يقلل من خصوبة الرجال أو القدرة الجنسية، وذلك وفقا لتقرير فريق خبراء نشرته صحيفة «ديلي ميل» البريطانية.

وقال التقرير إن الفيروس التاجي الجديد يشبه إلى حد كبير الفيروس التاجي سارس، وأنهما يتشاركان نفس مستقبل الخلية المضيفة ACE2، وقد خلص الفريق إلى أنه يمكن أن يتسبب الفيروس التاجي الجديد في تقليل القدرة الجنسية لدى الرجال، وبالتالي التسبب في العجز الجنسي.

أعراض خاطئة للفيروس

في بداية ظهور الوباء انتشرت بين اليمنيين مقاطع فيديو لصينيين يعانون من الصرع أو داء الكلب وهم يسقطون في بعض الأماكن أو الشوارع، وقيل إن هذه هي أعراض فيروس كورونا، وإن الناس أصبحوا يتحولون إلى ما يسمى في الأفلام «الزومبي». بينما أعراض الفيروس ارتفاع درجة الحرارة وألم في الحلق وضيق في التنفس.

أيضا بداية ظهور الفيروس قيل إنه يستهدف الصينيين فقط، أو ما يسمى العرق الأصفر (الآسيوي)، وربط بنظريات مؤامرة ونظريات دينية كثيرة. وعلى الرغم من أن العدوى بدأت وانتشرت من الصين، لكن الفيروس وجد في كل بلد، مثله مثل الإنفلونزا التي تكون في أي مكان. وقد حدث له انتشار وإصابات كثيرة في كل دول العالم تقريبا. 

وضرب الفيروس الجميع في ما بعد، ويقتل كل يوم أكثر من 7000 شخص على الأقل ومن كل عرق وديانة.

ومن خطر تلك الإشاعات خلق تصور خاطئ عن طبيعة المرض وخطورته وطرق الوقاية منه واكتشافه.

استخفاف بالعقول

انتشرت إشاعات لا تقوم على أي أساس من المنطق كذلك، منها أن القات يقتل فيروس كورونا، وكذلك الشاي، بينما من المعروف أن القات هو ما يسبب ضعف مناعة اليمنيين، بل شيخوختهم المبكرة، بينما يعرف أن اليمنيين يشربون الشاي بكثير من السكر، وهذه ضربة أخرى للمناعة تجعل الإصابة بكورونا خطراً كبيراً.

انتشر أيضاً أن اليمنيين محصنون ضده بسبب المناعة التي صنعتها الظروف الصعبة، بينما هذا غير صحيح، فحسب وزارة الصحة فإن 4 ملايين يمني يعانون من أمراض تنفسية كل عام لها ذات أعراض كوفيد 19، ولكن أخف.

كما انتشرت فيديوهات لممثلين أتراك على أنهم يوجهون رسالة إلى الشعب اليمني للبقاء في المنزل، بينما هم يوجهونها للشعب التركي، ولكن تم التلاعب بالترجمة بطريقة مستخفة بعقول بعض اليمنيين الذين يصدقون دون تفكير.

ترامب يدخل الإسلام!

انتشر فيديو يظهر تواجد الرئيس الأمريكي ترامب في كنيسة مع عدد من المسؤولين، وتمت قراءة آيات من القرآن الكريم. وتناقله كثير من المتحمسين، ومنهم المرتزق المعروف محمد الحزمي، على أن أمريكا وترامب يعلنون خضوعهم للدين الإسلامي، وأن تلك كانت جلسة في مجلس الشيوخ.

بينما في الواقع كان ذلك فيديو قبل 3 سنوات من الآن لما يسمى الصلاة المشتركة متعددة الأديان التي تقرأ فيها آيات من القرآن والتوراة والإنجيل، وتقام بعد تنصيب الرئيس الأمريكي، كمراسم تظهر تنوع الديانات في أمريكا، وتتم في الكنيسة الكاتدرائية، ويدعى لها ممثلو الأديان السماوية وغير السماوية.

وكانت الآية التي قرأها ممثل الديانة الإسلامية: «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم»، وآية: «ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين». وهي آيات تظهر التعايش والتسامح الإسلامي السامي مع العالم.