صحيفة إسبانية تهاجم قيادة بلادها لدعمها السعودية في حرب اليمن.. حكومة إجرامية وتعتيم مُخزٍ
السبت 05 سبتمبر-أيلول 2020 الساعة 07 مساءً / متابعات - موقع لا الإخباري :
 
عيسى فيريرو
صحيفة "إل سالتو دياريو" الإسبانية
في كل عام، تواصل المنظمات غير الحكومية -عبر تقاريرها- التنديد بالفظائع وجرائم الحرب الهمجية التي يرتكبها السعوديون في اليمن. وعلى الرغم من وجود أدلة على مساعي الرياض لتدمير الشعب اليمني، فإن الغرب، وبالتالي حكومة إسبانيا، يواصلون دعم هذه الحرب.
عادت منظمة الأمم المتحدة إلى التحذير مجددا من مغبة ترك الشعب اليمني يواجه مصيره بمفرده، وحثت العالم على تحمل مسؤوليته الأخلاقية والتدخل قبل تعرض ملايين اليمنيين للموت.
هذه النداءات -يبدو أنها أخيراً- وجدت من يستمع إليها في إسبانيا، بعد أن كان الكثيرون يصمون آذانهم عنها، بسبب المغالطات الإعلامية والتعتيم على سياسات الحكومة الإسبانية. والآن اكتشف الناس أن تحذيرات الأمم المتحدة ليست خبرا جديدا، فقد ظلت تصدر لمرات عديدة في ظل تواصل مأساة الشعب اليمني التي يبدو أنها مرشحة لتتواصل لعدة أسباب:
1 ـ الحرب في اليمن لا تظهر أي علامات على قرب أن تضع أوزارها، بما أن كل الأطراف تواصل أعمال القتال. كما أن السعودية لا تزال مصرة على تدمير اليمن عبر إخضاعه للحصار والقصف والجرائم ضد الإنسانية.
2 ـ إن الأمراض والجوع يتهددان الشعب اليمني خلال السنوات الأخيرة، وأضيف إليهما انتشار فيروس كورونا الذي زاد الأوضاع تعقيدا.
3 ـ اليمن أكثر من أي بلد آخر يعاني من تبعات تغير المناخ، حيث تعرض إلى فيضانات فاقمت الدمار الذي لحق بالاقتصاد.
4 ـ بالتوازي مع هذه الأزمة الاقتصادية الخانقة، امتنعت الدول الأخرى عن تمويل برامج الإغاثة الإنسانية، رغم تأكيد منظمة الأمم المتحدة أن هذه البرامج كانت لتنقذ حياة ملايين الناس، لكن اليوم لم يتم تسليمها سوى ربع الأموال اللازمة لهذه البرامج الإنسانية للعمل.
ملايين اليمنيين في خطر
وما الذي قامت به الحكومة الأكثر تقدمية في تاريخ إسبانيا؟! لا تزال تواصل الدفاع عن قرار بيع الأسلحة للمملكة السعودية المستمرة في قتل المدنيين في اليمن، وعدم استعدادها لصرف يورو واحد من أجل واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في السنوات الأخيرة.
صحيح أن الحكومة الإسبانية السابقة، بقيادة رئيس الوزراء ماريانو راخوي، كانت قد دعمت التدخل العسكري السعودي والإماراتي في اليمن في إطار انسجام المواقف مع الدول الأوروبية الأخرى، ولكن ما تفعله الحكومة الحالية يبدو أكثر سوءا من سابقتها.
وفي حين تتواصل الفظاعات وجرائم الحرب التي يرتكبها حلفاؤنا السعوديون، يواصل الغرب، ومن بينهم الحكومة الإسبانية، دعم هذه الحرب، وبيع الأسلحة بالحماس نفسه لأمراء الحرب، بينما تتم مغالطة الشعب الإسباني برواية أن قطاع الصناعات العسكرية ملتزم بحماية حقوق الإنسان.
لا شيء، نحن لا نعرف
ومع ذلك، فمن المؤسف أن وسائل الإعلام الإسبانية مصرة على تجاهل واحدة من أكبر الأزمات في السنوات الأخيرة، تماما كما فعلت مع الحرب السورية وأزمة اللاجئين؛ إذ إن المعلومات التي تصل إلى الرأي العام الإسباني تبقى شحيحة، والصحفيون -باستثناء قلة- لا علم لهم بما يحصل في اليمن، ولا يقدرون على إيجاد الخيط الرابط بين ما يحدث هنالك من جهة، وسياسات الحكومة والملك في إسبانيا، ولذلك فإنهم لا يطالبون الحكومة بتوفير التمويل اللازم لإنقاذ الشعب اليمني.
بيع الأسلحة إلى المملكة السعودية عمل مشين وغير أخلاقي، لأنه يمنح أمراء الحرب القدرة على قتل الأبرياء. ولذلك يمكن الحديث عن تواطؤ إسباني في هذه الجرائم. كما أن الفشل في توفير التمويل الإنساني اللازم، بالرغم من إدراك أن كثيرا من الناس سوف يموتون بسبب هذا القرار، هو جريمة أكبر.
وبالتالي يمكن اعتبار الحكومة الإسبانية الحالية تماما مثل سابقتها مذنبة تجاه اليمن. وحقيقة كون الصحافة غير قادرة على رفع صوتها، تفضح مرة أخرى خرافة حرية الإعلام الملتزم بفضح تجاوزات السلطة.
وكمثال جيد على كيفية إهمال الرأي العام إهمالاً مطلقاً للأزمة الإنسانية اليمنية، ما يتعلق بعدد القتلى في الحرب. آمل ألا يستمر الخطأ نفسه بعد هذا.
يأتي عدد القتلى في حرب اليمن من التقديرات التي قدمها تقرير مركز باردي (Pardee) الصادر في أبريل 2019. هذا التقرير تحدث عن 233 ألف وفاة نهاية عام 2019. نحن الآن في أغسطس 2020 ومرت ثمانية أشهر واستمرت الوفيات، ليس فقط الوفيات المباشرة نتيجة القتال، ولكن أيضاً غير المباشرة نتيجة للأزمة الإنسانية الخانقة التي يعيشها اليمن. دون حساب الوفيات غير المباشرة للعام 2020، فإن الأشخاص الذين قتلتهم الحرب أكثر من 250 ألف شخص.
إذا اتبعنا هذا التقرير، فإن التقديرات لعام 2019، تقول إنه في كل 12 دقيقة يموت طفل، وبالتالي فإن هناك أكثر من 140 ألف طفل قد توفوا في هذه الحرب.
وإذا تواصلت الحرب عام 2022 بالوتيرة نفسها، فإن الوفيات ستصل إلى ما يقرب من نصف مليون شخص، وسيموت أكثر من 330 ألف طفل.
إبادة جماعية أخرى برعاية الغرب
ومع تفاقم الأزمة الإنسانية، تواصل السعودية ارتكاب جرائم الحرب وقتل الأطفال بالغارات الجوية. ولذلك يبدو التصريح المنسوب لولي العهد محمد بن سلمان منطقيا جدا، حيث تشير بعض المصادر إلى أنه قال لضباطه: "نريد أن نحدث أقوى تأثير ممكن على وعي الأجيال اليمنية. نريد أن يرتعد أطفالهم ونساؤهم وكل رجل منهم في كل مرة يسمعون فيها اسم المملكة السعودية".
السعودية، هذه المملكة المتوحشة، التي روجت للفكر الجهادي والتطرف لعدة عقود، هي نفسها البلد الذي حصل منه الملك السابق خوان كارلوس على عمولات ضخمة بعشرات ملايين اليوروهات.
هذا يقودنا إلى سؤال جاد: كيف يمكن أن تكون وسائل الإعلام، الكبيرة والصغيرة، اليمينية واليسارية، على حد سواء، غير قادرة على الإشارة إلى أن خوان كارلوس كان يتفاوض مع الدولة نفسها التي تروج للفكر الجهادي؟! أم أن جميع الحكومات، الشعبية منها أو الاشتراكية، طلبت من النظام الملكي تنفيذ هذه الأعمال لأنه كان من الصواب أن تملأ جيوب الشركات الكبيرة؟!
أليست حياة الآلاف من الأطفال الأبرياء أكثر أهمية؟!
العار أكبر إذا أخذنا في الاعتبار أن وسائل الإعلام أيضًا لم تتمكن من الحديث عن حقيقة أن خوان كارلوس قد اختار الإمارات كوجهة لـ"منفاه"، رغم كونها بلدا مشاركا في قصف اليمن، وتدعم الجماعات المتطرفة في هذا البلد من أجل القضاء على الإخوان المسلمين، ودولة تسببت -مع السعوديين- بفوضى عارمة في جنوب اليمن، الذي يشهد نوعا من الحرب الأهلية الداخلية المصغرة بالتوازي مع قتاله ضد الحوثيين في الشمال.
كل هذا دون احتساب ما حدث في سوريا أو البحرين أو الأزمة الأخيرة في قطر، بالإضافة إلى رفع الخطاب مع النظام في إيران. هذه أوضح الأمثلة التي توضح لنا نوع الشريك الذي لدينا. هذا صحيح بالنسبة لوسائل الإعلام اليمينية والكبيرة، ولكن أيضا للإعلام اليساري، كيف يمكن أن تتجاهل الصحافة هذه الحقائق وتقع في لعبة الإثارة والتضليل؟
من الواضح أن اليساريين يريدون وضع حد للنظام الملكي، كمؤسسة عفا عليها الزمن ومنحلة في آن واحد، لكن أليست حياة الآلاف من الأطفال الأبرياء أكثر أهمية؟! أليس الأهم هو تكريس تغطية لهذه الأزمة التي تعتبر حكومتنا متواطئة فيها والتي يوجد لها حل بسيط للغاية بدلاً من طلب استفتاءات حول النظام الملكي، خاصة وأننا نعلم جيداً أن أمراً كهذا بعيد المنال على المدى القصير؟!
هذا لا يعني أن نتخلى عن النضال من أجل الجمهورية، بل يعني أن نعيد النظر في الخطوات التي يجب اتباعها، وألا ننسى الأسباب الأخرى المماثلة أو الأكثر أهمية مثل هذه الحالة. الأهم من ذلك بكثير هو الإشارة إلى أن الحكومات الإسبانية قد تعاونت مع النظام الملكي في الفساد، بما فيها الحكومة الحالية التي تواصل فعل الشيء نفسه.
الأهم من ذلك بكثير أن نلاحظ أن الحكومة تستخدم النظام الملكي لممارساتها الإجرامية وبيع الأسلحة إلى المملكة السعودية.
يجب وقف بيع الأسلحة فورا
يجب تخصيص الأموال لتخفيف المعاناة الإنسانية في اليمن ووقف بيع الأسلحة. إنه إجراء يمكن اتخاذه بسرعة ويحظى بدعم أكبر داخل المجتمع، ويمكن القيام بذلك على الفور. في الواقع، يجب أن يتم ذلك الآن، لا يمكننا الانتظار أكثر من ذلك. الحكومة مسؤولة بالفعل عن العديد من الوفيات، لكن عواقب استمرار مثل هذا قد تكون مرعبة.
لقد تحدثت مع العديد من الأشخاص الذين كانوا في حياتهم يدعمون الجمهورية، لكنني تحدثت مع العديد من الأشخاص الذين يخجلون من تعاون الحكومات في هذه الجرائم.
ولهذا السبب، من الممكن التوصل إلى توافق، والضغط على الحكومة لعدم تجاهل حقوق الإنسان بهذه الطريقة. لذلك، تقع على عاتق جميع القوى السياسية مسؤولية أن تطلب معالجة حالة الطوارئ الإنسانية هذه. عندما يموت الملايين من الناس بسبب سوء استخدام السلطة، فإن واجبنا هو الإبلاغ عن ذلك. أشجع الناس هنا هو من يتمرد على هذا الظلم. لدينا واجب ومسؤولية أخلاقية، كما تقول الأمم المتحدة، لإبقاء السكان المحتضرين على قيد الحياة.
"عربي 21"
25 أغسطس/ آب 2020

تعليقات:
    قيامك بالتسجيل وحجز اسم مستعار لك سيمكنكم من التالي:
  • الاحتفاظ بشخصيتكم الاعتبارية أو الحقيقية.
  • منع الآخرين من انتحال شخصيتك في داخل الموقع
  • إمكانية إضافة تعليقات طويلة تصل إلى 1,600 حرف
  • إضافة صورتك الشخصية أو التعبيرية
  • إضافة توقيعك الخاص على جميع مشاركاتك
  • العديد من الخصائص والتفضيلات
للتسجيل وحجز الاسم
إضغط هنا
للدخول إلى حسابك
إضغط هنا
الإخوة / متصفحي موقع الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره نحيطكم علماُ ان
  • اي تعليق يحتوي تجريح او إساءة إلى شخص او يدعو إلى الطائفية لن يتم نشره
  • أي تعليق يتجاوز 800 حرف سوف لن يتم إعتماده
  • يجب أن تكتب تعليقك خلال أقل من 60 دقيقة من الآن، مالم فلن يتم إعتماده.
اضف تعليقك
اسمك (مطلوب)
عنوان التعليق
المدينة
بريدك الإلكتروني
اضف تعليقك (مطلوب) الأحرف المتاحة: 800
التعليقات المنشورة في الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر عن رأي الموقع   
اكثر خبر قراءة أخبار وأنشطة ضد العدوان
(نص + فيديو) المحاضرة الرمضانية الـ25 للسيد عبدالملك بدر الدين الحوثي 30 رمضان 1445هــ | 9 أبريل 2024م.
مواضيع مرتبطة
إلى المهرولين للتطبيع مع العدو "هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ"
اللجنة العليا لمكافحة الأوبئة تناقش إجراءات مواجهة أي مستجد بشأن كورونا
الخارجية تُدين إعادة نشر صور مسيئة للرسول في مجلة شارلي ايبدو الفرنسية
خيانة إبراهيم " ترجمة "
حان الوقت لإعادة تقييم علاقتنا المضللة مع المملكة السعودية