قال تعالى: (انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ).
بعد أن ظهرت أهدافُ التطبيع تأكّـدَ لكل عربي ومسلم أن العدوَّ الصهيوني لم يقبَلِ التطبيعَ مع بعض الدول العربية إلَّا مقابل تدمير وقتل أبناء غزة، وهذه مخرجات التطبيع تُطبَّق على أرض الواقع.
ليس ثمّة تفسيرٌ لهذه الوحشية المفرطة إلَّا أنه قد سبقها اتّفاق العدوّ الصهيوني مع الدول المطبِّعة بأن تُستباح غزة، ويُقتل رجالها ونساؤها وأطفالها، وهذا ما يبدو واضحًا من خلال هذا السكوت المخزي للأنظمة العميلة وإن كان ثمة انتقاد أَو إدانة من هذه الدول فَــإنَّنا نجزم بأنها لم تصدر هذه الإدانات إلَّا بعد أن أخذت إذنًا مسبقًا من كيان العدو، لم تتجرأ الدول المطبِّعة على قطع علاقتها أَو استدعاء سفير الكيان بل جعلت من رجال الأمن دروعًا تذودُ عن السفارات الصهيونية وتحول دول وصول الجماهير الغاضبة إليها.
هناك من الدول من أظهرت مواقفَ مشرّفةً، رغم أنها ليست إسلامية ولا عربية، كـ كولومبيا التي تقع في الشمال الغربي لأمريكا الجنوبية؛ فقد جمدت علاقتها مع الكيان الصهيوني وطلبت من السفير الصهيوني مغادرة بلادها؛ بسَببِ ما يرتكبهُ من مجازر بحق الشعب الفلسطيني، بينما من ينتسب للعروبة والإسلام تحوّل إلى شرطي أمام السفارات الصهيونية.
كُـلّ هذه المعطيات تكشف المستور وتفضحُ سَوءة المطبعين، وهنا يجب ألا نعوِّلَ على الأنظمة العربية في إحداث ما يُلجِم العدوَّ المستهتِرَ بكل القيّم الإنسانية والأعراف والقوانين الدولية.
تعمد العدوّ الصهيوني لإحداث هذا الدمار الكبير وقتل الأبرياء؛ لمعرفته بأن الرد لن يكون بالمثل، فأخلاق المسلمين ودينهم يُحرّم عليهم قتل الأبرياء، ويهدف من وراء وحشيته إحداث رعب لدى المجتمع العربي بأن هذا الكيان لا يستثني شيئًا، وهذه الرسائل التي أراد إيصالها لن تهز غير أمثال هذا الكيان الجبان، وحسبُنا قولهِ تعالى: (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا الله وَنِعْمَ الْوَكِيلُ)، لن تُخيفنا هذه الأساطيل والدعم اللّا محدود لهذا الكيان اللقيط لإيماننا بأن الله معنا وكفى.
فالواجب الديني الذي سوف يُسأل عنه كُـلّ مسلم يُحتّم عليه أن يكون لهُ موقف في نُصرة الشعب الفلسطيني المُسلِم، فالمسؤولية تصبح مُلزِمةً على كُـلّ مسلم إذَا لم تتحَرّك الأنظمة يجب على الشعوب أن تتحَرّك، ويكون هذا التحَرّك في جانبَينِ: هُما الضغط على الأنظمة من جانب، والتحشيد لدعم ونجدة إخوانهم المظلومين في فلسطين بالمال والرجال والسِلاح؛ لأَنَّ هذه الإجراءات أصبحت من مقتضيات الدين وأركانه التي إن لم يعمل بها المسلم فقد خرج من مِلة الإسلام الحنيف.
وهنا يكون المُسلِم بين خيارَين: إما أن يُطيع الله سُبحانهُ ويعمل بما أمَرهُ الله أَو أن يُطيع الحكّام ويعمل بما تفتضيه مَصلحة الحاكم، ومن خلال المجازر التي ارتكبها الكيان الصهيوني والتي ليس آخِرها استهداف مستشفى المعمداني، هل بعد هذا من إرهاب، هل يوجد ما يُبرّر سكوت الأنظمة غير تأييدها لهذا الإجرام!! تأييدها لقوى الظُلم والكُفر بأن تَقتُل المُسلمين!! هل يجوز للشعوب العربية والإسلامية أن تؤيد الحُكّام في سكوتهم وعدم نَجدة إخوانهم المسلمين؟ كُـلّ هذه التساؤلات يجب أن يجيب عليها كُـلّ مسلم؛ لأَنَّه سوف يُسأل عنها يوم القيامة، يوم لا ينفع الحاكم المحكوم، يوم يقتصّ مِن الظالم بما ظَلم، ويأخُذ المظلوم حقَّهُ مِن الظالم.