د. زكريا حمودان*
لأول مرة منذ تكامل محور المقاومة والتحالفات التي تنضوي ضمنه نرى بأنه يخوض مثل هذه المعركة الحقيقية والواسعة ضمن إطار معركة طوفان الأقصى. لا يخفى على أحد بأن الجمهورية الاسلامية في ايران على علاقة دعم ومساندة وتأييد وتنسيق مع دول محور المقاومة سواء بالمباشر من خلال العلاقات مع الدول العربية مثل العراق وسوريا ولبنان أو غير المباشرة من خلال العلاقات التي أنتجتها الجمهورية الاسلامية في ايران وأجهزتها على مستوى المنطقة مع أحزاب متنوعة ذات وجود وحيثية في معظم دول محور المقاومة وعلى رأسها لبنان وفلسطين و
اليمن.
الحديث عن محور المقاومة قديم وعن صراع محور المقاومة ضد العدو الاسرائيلي كذلك الأمر هو قديم، لكن ما هو حديث اليوم هو أن المحور يقود أولى معاركه في مواجهة العدو الاسرائيلي وخلفه الولايات المتحدة الأمريكية بحيث يمكننا القول إنها أول معركة حقيقية تخاض بهذه الأهمية في المنطقة على مستوى واسع خاصةً بأن المرحلة دقيقة جداً بحيث فيها الكثير من الصراعات والتفاهمات.
ايران في مواجهة الولايات المتحدة الأمريكية
خرجت الإدارة الأميركية برمتها لتقول للناس بأنها إلى جانب حكومة نتنياهو وأن الجسر الجوي المفتوح على المستوى العسكري لن يتوقف إلا لتحقيق انتصار لحكومة الكيان الصهيوني. هذا الأمر دفع ايران لاتخاذ موقف أساسي ومهم ولكن ليس بالأقوال بل بالأفعال بحيث تحركت جميع دول المحور لتدك مضاجع العدو بحسب الحسابات التي تراها مناسبة.
الكيان الصهيوني وجيشه الفتاك وقنابله الأميركية وذخائره وتقنياته جميعها تعطلت أمام ٣٦٥ كم² في قطاع غزة ولكن هذا العطب الذي أصاب المكينة الأميركية الإسرائيلية أحد اهم أسبابه هو صمود الشعب الفلسطيني وصلابة قوة المقاومة التي تخلى عنها العالم برمته ودعمتها ايران، ومساندة دول محور المقاومة في لبنان وسوريا والعراق و
اليمن، مما أدى حكماً إلى تعزيز الصمود وتعبيد طريق الانتصار أمام فصائل المقاومة في قطاع غزة.
لا شك بأن المواجهة الايرانية-الأميركية قائمة ولا أحد ينكر بأنه من المستبعد أن تصل إلى حد المواجهة المباشرة ولكن أثبتت دول محور المقاومة بأنها تتبع التكتيك الأنجح مقابل التكتيك الدموي والقاتل للكيان الصهيوني مع العلم بأن دول المحور تخوض معركتها من اجل تحقيق المكسب الإنساني الرئيسي وهو حق الشعب الفلسطيني في المقابل يخوض الكيان الصهيوني معركة استراتيجية من أجل تحقيق مكاسب جيوسياسية وجيواقتصادية لصالح الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وبعض الدول الغربية.
غرفة عمليات محور المقاومة
تعددت الضربات التي مني بها الاميركي والاسرائيلي في المنطقة ولكن تكتيك المعركة الذي اتبعته غرفة عمليات محور المقاومة كان وما زال يساعد بشكل كبير على مساندة غزة في معركة طوفان الأقصى، وهنا لا بد وأن ننظر بشكل أساسي إلى أن تدخُّل
اليمن حوّل المعركة من معركة مساندة إلى معركة استراتيجية في المنطقة.
اما في جنوب لبنان فمن المؤكد أن جبهة ال ١٠٦ كم على طول الحدود مع فلسطين المحتلة باتت تشكل هاجساً كبيراً للاميركي والاسرائيلي في آنٍ معاً، بالإضافة إلى الدول الغربية وتحديداً تلك الدول التي لديها مجموعات من ضمن قوات حفظ السلام في جنوب لبنان.
من المؤكد بأن جبهات القتال في مواجهة العدو الصهيوني تحركت جميعها في آنٍ معاً، ولكن ما هو أكيد بأن هذه الجبهات ساهمت بشكل كبير في تثبيت القضية الفلسطينية كقضية محورية ضمن مشروع محور المقاومة بحيث لم تنتظر إشارة من أحد لكي تبدأ بدك حكومة الكيان ومعسكراته من جنوب لبنان إلى البحر الأحمر حيث أم الرشراش (ايلات) مروراً بالعراق وسوريا وتركيزاً في فلسطين.
* نقلا عن :موقع العهد الإخباري