في معرض رده على سؤال أحد الصحفيين حول التدخل العسكري الأمريكي في الصومال، قال الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك: إن الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون، وبعد حادثة سحل بعض الجنود الأمريكيين في الصومال، كان قد هاتفه طالباً منه المساعدة في التفكير في طريقة للخلاص من ذلك المأزق.
فما كان منه إلا أن بادره مباشرةً وأبلغه بأن عليه الانسحاب بقواته إلى معسكراتٍ آمنةٍ خارج المدن لفترةٍ قصيرةٍ، ثم بعد ذلك (يخلع)..!
نعم قال له: اخلع..!
يعني: (شل سامانك) وارحل..!
وفعلاً عمل الرئيس بيل كلينتون بهذه المشورة، وانتشل أخيرا نفسه وقواته من مستنقعٍ لم يكن أقل سوءاً من المستنقع الأمريكي في فيتنام..
وهكذا هم الأمريكان دائماً يغترون بإمْكَاناتهم وقدراتهم العسكرية الهائلة في البداية، ولا يستمعون للنصح أَو يكترثون للقانون الدولي، إلا بعد أن يجدوا أنفسهم قد تورطوا أَو وقعوا في ما لم يكن لهم بحسبان، فإذا بهم، وفي لحظة، وبقدرة قادر، يتحولون إلى أول باحثٍ عن طوق نجاةٍ هنا أَو عن طريقٍ آمنٍ للخروج هناك..
وهذا هو بالضبط ما جعلهم من الناحيتين الاستراتيجية والأخلاقية يخرجون خاسرين ومجرجرين أذيال الخيبة والفشل من كُـلّ الحروب والمعارك التي خاضوها..
فقط اعطوني حرباً واحدةً، أَو سموا لي معركةً بذاتها خاضها الأمريكان، وخرجوا منها منتصرين أَو فائزين منذ نهاية الحرب العالمية الثانية..
لا شيء طبعاً..
ذلك أن نتائج الحروب لا تقاس طبعاً بحجم التحالفات أَو عدد القوات أَو بمدى القدرة على التدمير أَو الإجتياح أَو الاحتلال، وإنما تقاس بما تخلفه من آثار إيجابية، وتحقّقه من أهداف استراتيجية وناجحة..
ولا يمكن، بالطبع، لمن يبدأ معركةً بسقوطٍ أخلاقيٍ قوامه الكذب والتزييف والمبرّرات أَو الادِّعاءات الباطلة أن ينهيها بانتصار عسكري البتة..
أو هكذا تقول المعادلة..
فإلى أي مدى نجح الأمريكان مثلاً في حروبهم في فيتنام أَو بنما أَو أفغانستان أَو العراق أَو الصومال أَو… حتى نقول أنهم انتصروا..؟
وماذا جنوا من وراءها..؟
لا شيء طبعاً.. سوى القتل والخراب والدمار، ثم من بعد ذلك الهزيمة والفرار..
ذلك أنهم كانوا، في كُـلّ مرة، قد سقطوا أخلاقياً قبل أن يتساقطوا عسكريًّا ويلوذوا هاربين..
وبناءً عليه..
ماذا عساهم صانعون اليوم، يا تُرى..؟
ماذا هم فاعلون وقد بدأوا حربهم وعدوانهم على اليمن والعراق وسوريا بسقوطٍ أخلاقيٍّ فاضحٍ ومكشوف ظاهره الدفاع عن النفس وحماية الملاحة الدولية وباطنه حماية الكيان الصهيوني والدفاع عن جرائمه الوحشية في غزة وفلسطين..؟
هل تعتقدون أنهم سينتصرون..؟
تاريخهم العسكري والحربي الفاضح والغير مشرف، بصراحة، يقول عكس ذلك تماماً..
يعني: وباختصار، سيهزمون كعادتهم مخلفين ومجرجرين وراءهم أذيال الهزيمة والخيبة والعار وذلك كحالة ونتيجة طبيعية أفرزتها شواهد التاريخ ومعطيات ووقائع الحاضر…
فمن تراه هذه المرة، برأيكم، من حكام العرب سَيؤمه (بايدن) ليقول له: (اخلع)..؟!
لا أدري بصراحة..