أثارت نتائج مشاورات السويد برغم اقتصارها على بعض الجوانب الانسانية وعلى تهدئة محدودة الجغرافيا في مدينة الحديدة وما حولها، تباينات كثيرة وعميقة على كافة المستويات وفي جميع الأطراف، فبعد أن نظر اليها الجميع باعتبارها نصرا عظيما له وهزيمة نكراء لغيره سرعان ما عاد الجميع الى رشده وأعاد تقييم النتائج حسب قيمه ومبادئه وأهدافه وغاياته .
هذا التباين الكبير كانت له دوافعه ومسبباته، فعلى مستوى الوفد الوطني كانت النتائج شبه مرضية لأن معاناة الشعب اليمني الذي يمثله بالإضافة إلى حياته وسلامته كانت وما زالت على رأس قائمة أولوياته وأي تقدم في طريق تخفيف تلك المعاناة أو ضمان سلامة المدنيين يعتبر إنجازا بالنسبة له وبالنسبة أيضا للأغلب الأعم من الرأي العام في الداخل ومع ذلك ظهر أيضا المتشائمون لدرجة الاحباط والمتفائلون لدرجة الانتشاء، وهذا امر طبيعي ووارد، ولكن اللامنطقي واللامقبول هو تبادل التخوين بينهما.
أما على مستوى العدوان ومرتزقته كان دافع التباين اختلاف الأهداف، ففي الوقت الذي تهدف فيه قوى العدوان الى تجميل صورتها البشعة والخروج من مأزق الأزمة الإنسانية التي تسبب بها عدوانها وحصارها والتي بدأ الرأي العام العالمي يضج بها وبفظاعتها بينما كان المرتزقة بلا هدف رئيسي وانما مجموعة من الأهداف الشخصية والحزبية والمناطقية الضيقة التي جعلتهم يظهرون في أسوأ وأرخص صور الارتزاق على الاطلاق وهم يتمترسون خلف طلبات قوى العدوان بملكية أكثر من الملك.
وهناك أيضاً التباين المتجذر والمتزايد بين المرتزقة قديمهم وجديدهم فالقدامى من الاخوان ومن إليهم والسلفيون ومن يدفع بهم انقسموا ما بين مرحب ليس بالنتائج وانما بما يترتب عليها من تحجيم لأطماع المرتزقة الآخرين وبين مغلوب على أمره لم يجرؤ على إظهار عدم ترحيبه أما المرتزقة الجدد ( العفافيش) فكانوا الاكثر عويلا وتذمرا واستياء باعتبار نتائج المشاورات قضت على حلمهم في الحصول على موطئ قدم ينطلقون من خلاله للدخول كطرف من أطراف المعادلة الجديدة والتي ما زال خونة القضية الجنوبية والمزايدون باسمها خارجها برغم قرابين العمالة التي قدموها وطقوس الخيانة التي لم يسبقهم في ممارستها أحد في الدنيا.
وبرغم تباين المواقف فإن هناك الثوابت الذي لا تراجع عنها ولن تؤثر عليها نتائج مشاورات السويد ولا التهدئة ولا حتى التسوية السياسية، وهي حرية وكرامة وسيادة ووحدة واستقلال البلاد واستمرار الصمود والتصدي والمواجهة والمقاومة ورفض الوصاية والهيمنة والانتصار للوطن ولقضايا الأمة والحفاظ على مبادئ وانجازات ثورة الـ21 من سبتمبر 2014م والوفاء لتضحيات الشهداء والجرحى والأسرى، هذه الثوابت التي لا يساورنا أدنى شك فيها مادامت معمدة بوعود قيادة حكيمة لم تخلف يوما وعدا قطعته لشعبها.