ها هو يوم القدس يتجدّد عامًا بعد عام. في آخر جُمعة من شهر رمضان، يهبُّ الملايين من أنصار القضية الفلسطينية في مُختلف العواصم والبُلدان، لإحياء يوم أطلقه مفجّر الثورة الإسلامية في إيران الإمام السيِّد روح الله الخميني (قُدِّس سرِّه) من إيران عام 1979، موصلًا نداء القدس إلى طوفان الأحرار، وهذا حصاد بعض ما زرعه الإمام الذي رأى أنَّ القضية الفلسطينية مرتبطة بمصير الأمة، ومصير الأمة مرتبط بها، ليُعيد تصويب البوصلة، ويُحدِّد الأهداف، أنَّ تحرير القدس قطب رحى قضايا الإسلام المعاصرة، ليأتيَ من بعده من يحفظ القضية، ويتّخذ من أقوال الإمام الراحل تعاليم إيمانية جهادية بأنَّه "يجب أن تزول "إسرائيل" من الوجود".
من رزح تحت وطأة احتلال الصهاينة، فهم جيّدًا دعوة الإمام، فكان حزب الله أوَّل من لبّى نداء نصرة القدس في العام 1986. عن تلك الحقبة، يُحدِّثنا فيصل عبد الساتر، أحد أبرز الأسماء التي لمعت في مرحلة بدايات إحياء يوم القدس في لبنان، بين بيروت والبقاع، حين تلقَّفت قلّة على مستوى لبنان والعالم دعوة الإمام الخميني والتزمت بها، مشيرًا إلى أنَّ العام الأول جرى إحياؤه في الأوزاعي، حيث نزل شباب الحزب إلى الشوارع بعتادهم الكامل لتأكيد الجاهزية على المضي في طريق التحرير.
يستعيد عبد الساتر تلك الحقبة فيقول: "تعددت أماكن الإحياء وامتدت لتشمل البقاع والجنوب، ولكن كان للضاحية الجنوبية لبيروت مذاقٌ مختلف، فقد مثَّلت الشريان الأهمّ في هذه الاحتفالات، من ناحيتيْن، أولاهما الاستعداد والجهوزية الفنية والقتالية من تدريبات وعروض عسكرية، وثانيًا الشعارات والصرخات التي كانت تُطلق حينها، والتي كانت تثير جوًّا من الحماسة لدى الجيل الصاعد".
يؤكد عبد الساتر أنَّ "يوم القدس كان محطةً تعبويةً للشباب بكل معاني الفداء والتضحية، خصوصًا وأنَّ المناسبة تُحيا في آخر شهر رمضان أي في ذروة الصيام، ما يُعطي زخمًا إضافيًا، ويُظهر مدى صبر هذه الحشود على المشاركة رغم الصوم".
ويُشير إلى أنَّ يوم القدس كان يمثِّلُ محطةً مفصليةً لاختبار قوة حزب الله التي عرفها القاصي والداني، والتي كانت تتعاظم في كل سنة، ويزداد عدد الحضور والمشاركين، ويُشدّد على أنَّ هذه المناسبة بدأت تؤتي أُكلها بعد هذه السنوات، وأصبح يوم القدس محطةً عالميةً ينظر اليها كل العالم، فلم تعد القضية محصورة بالمسلمين الشيعة على وجه الخصوص ولا بالمسلمين على وجه العموم، بل باتت تشمل أيضًا بعضًا من المجتمع المسيحي المؤيد للقضية الفلسطيني، والذي يحترم دعوة الإمام الخميني لإحياء هذا اليوم.
ويلفت عبد الساتر إلى أنَّ "يوم القدس تحوّل الى مناسبة عالمية يحتفل فيه كل حر ويعبِّر فيه عن منسوب الإنسانية في التعاطف مع الشعب الفلسطيني المظلوم، ولذلك العدو الصهيوني وأسياده أميركا والغرب ينظرون لهذه المناسبة بعين مختلفة، لأنَّ الخمينيين الذين يحيون هذه المناسبة صار لهم انتشار في أقطار العالم".
وحول تزامن يوم القدس مع معركة طوفان الأقصى اليوم، يلفت الى أنَّ "يوم القدس 2024 محطة مفصلية على اعتبار أنَّ ما يجري في فلسطين وفي غزة على وجه الخصوص وفي جبهات المساندة ومحاور جبهة المقاومة في ظل استمرار العدوان والمجازر الهصيونية، سيحمل رسالة شعبية وسياسية تُعدُّ الأقوى، وسيصدر الموقف الأشد منذ 1979".
ويُشير عبد الساتر إلى أنَّ "العالم ينتظر الموقف الذي سيطلقه الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله لأن موقفه سيكون الأبرز"، ويجزم أنَّ "المواقف محط أنظار العالم والرسالة ستكون قوية جدًا"، ويختم: "نعمل بموجب هذه الدعوة ونرى القدس أقرب".
* نقلا عن :موقع العهد الإخباري