مشروعُ الصرخة الذي أسّسه السيد حسين بدر الدين الحوثي -رِضْـوَانُ اللهِ عَلَيْـهِ- هو مشروع إسلامي لمواجهة والمؤامرات الأمريكية والصهيونية على الشعوب العربية والإسلامية، خَاصَّة عقب أحداث سبتمبر في نيويورك، استشعر السيد حسين بدر الدين الحوثي الأخطار المحدقة بالأمة العربية والإسلامية من قبل أمريكا، بعد غزو أفغانستان والعراق، وبعد تفرد الولايات المتحدة الأمريكية بالهيمنة على العالم عقب انهيار الاتّحاد السوفيتي عام 1989 الذي كان يعتبر القوة العالمية الثانية التي شكلت قوة توازن أمام الأطماع الأمريكية، بعد انهيار الاتّحاد السوفيتي تبجح عدد من المفكرين الأمريكيين بقولهم: أمريكا نافست العدوّ الأحمر وهزمته وانتهى بالانهيار، ويبقى أمامنا العدوّ الأخضر فهو العدوّ القادم ولا بُـدَّ من السيطرة عليه حتى تستكمل أمريكا بسط هيمنتها وتبقى القوة الوحيدة الأولى في العالم خلال القرن القادم، العدوّ الأحمر المقصود به الاتّحاد السوفيتي، أما العدوّ الأخضر هو الإسلام، على هذا الأَسَاس كان لا بُـدَّ من إيجاد الذرائع للدخول في عدوان عسكري على العالم الإسلامي، فتم لصق تهمة الإرهاب بالإسلام، وكونت أمريكا تحالفات عسكرية دولية لغزو أفغانستان والعراق، مارس الجيش الأمريكي أبشع الجرائم في السجون والمعتقلات الأفغانية والعراقية، التي تتنافى مع القيم والأخلاق الإنسانية، ما حدثَ في تلك السجون والمعتقلات من انتهاكات دل على مدى الأحقاد الأمريكية على العرب والمسلمين، وما حدث من حروبٍ وقتلٍ وتدميرٍ في اليمن وسوريا ولبنان وفلسطين وليبيا، وما يحدُثُ في السودان كلها مؤامرات أمريكية صهيونية، ففي وسط تلك الأجواء السوداوية القاتمة التي حومت وألقت بظلالها على العالم العربي والإسلامي، انطلق المشروعُ القرآني للسيد حسين بن بدر الدين الحوثي، لمواجهة التحديات والمخططات الأمريكية.
لم يغب عن بال السيد حسين بدر الدين الحوثي، الإمْكَانيّات المادية الهائلة التي تتمتع بها أمريكا وتحالفها الغربي، فكان لا بُـدَّ من البحث عن قوة موازية تواجه بها المؤامرات والأطماع الأمريكية وتحقّق بها التوازن، فكان القرآن الكريم هو مصدر قوة المسلمين وهو السلاح الذي يقهر الأعداء، فشرع بتأسيس المشروع القرآني، وهو مشروع يقوم على الرجوع بالأمة إلى كتاب الله والتثقيف على هديه واستنهاض المسلمين من واقع التبعية والخنوع إلى واقع العزة والكرامة والحرية، وإحياء روح الجهاد ومقاومة الأعداء بسلاح الإيمان، وإعداد الأُمَّــة لمواجهة أعدائها على أَسَاس هدي الله وتوجيهاته، ومقارعة المعتدين والظالمين والمنافقين وفق تعاليم دين الإسلام الحنيف، قال الله تعالى: «وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ» صدق الله العظيم، فكانت المحاضرات التي ألقاها السيد حسين بدر الدين، على طلابه في محافظة صعدة، كانت الدروس مستنبطة من القرآن الكريم وعلى ضوء آياته، منها دروس ومحاضرات «معرفة الله» و«الثقة بالله والتوكل عليه» وغيرها من المحاضرات التي نسخت في ملازم، تلك الدروس الإيمَـانية هي القوة الموازية التي سوف تتغلب على القوة المادية الأمريكية؛ لأَنَّها تغرس في نفوس المؤمنين، وتكون فيهم قوة روحية إيمانية تخلق الثبات وتحقّق النصر، قال الله تعالى: «إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ» صدق الله العظيم، وتكون قادرة على التصدي والصمود أمام أعتى قوة طغيان في العالم، ففي نفس الوقت الذي كان السيد حسين بدر الدين الحوثي -رِضْـوَانُ اللهِ عَلَيْـهِ- يلقي المحاضرات على طلابه، في محافظة صعدة، وصلت إلى آذان السفير الأمريكي في صنعاء أخبار تلك المحاضرات، دق ناقوس الخطر، ورفع التقارير العاجلة إلى الجهات المختصة في أمريكا، الذين استشعروا خطورة ما يحدث في اليمن على المصالح الأمريكية في المنطقة والعالم، وصلت الصرخة إلى الجامع الكبير في العاصمة صنعاء، وتم اعتقال عدد من المكبرين، الذين ردّدوا الشعار والزج بهم في معتقلات جهاز الأمن القومي، استشهد السيد حسين في الحرب الأولى مع عدد من طلابه وأفراد أسرته وعدد من مواطني محافظة صعدة، استشهد السيد حسين بدر الدين الحوثي، لكن مشروعه القرآني لم يمت ولم يتراجع، لينطلق بمرحلة جديدة على يد الشاب السيد عبد الملك الحوثي -سلام الله عليه- ليحقّق النجاح والانطلاقة الثانية للمسيرة القرآنية، في تلك الفترة شنت أمريكا والنظام في صنعاء حملات إعلامية مضللة وبثوا الشائعات الكاذبة ضد المشروع القرآني؛ بهَدفِ التشويه وتعبئة وتأليب الرأي العام الشعبي ضد المشروع، لكن فشلت الحملات الإعلامية مثلما فشلت ست حروب على محافظة صعدة.
استمر مسلسل المؤامرات الأمريكية، لكن كُـلّ مرحلة كانت تنتهي بالفشل وبنصر وفتح يحقّقه الله على أيدي المجاهدين، ها هو المشروع القرآني يتخطى اليمن وينتقل إلى آفاق عالمية، ليصبح بعد دخول اليمن في المواجهة العسكرية المباشرة مع ثلاثي الشر أمريكا وبريطانيا و”إسرائيل” بعد عملية (طوفان الأقصى) في مرحلة جديدة، يتردّد صداها على مستوى العالم، ما يحدث في الجامعات الأمريكية والغربية من حركات احتجاجية ضد السياسات الأمريكية والغربية، المنحازة إلى جانب العدوّ الصهيوني في قتله الشعب الفلسطيني، هو بفضل الله وببركة المشروع القرآني، الذي يمضي بخطوات ثابتة نحو رسم معالم حياة الحرية والعزة والكرامة للشعوب العربية الإسلامية، بعد كسر شوكة ثلاثي الشر والإجرام وهزيمتهم، فالخطوات القادمة والتصعيد في مرحلتَيه الخامسة والسادسة، التي أشار إليها قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي -سلام الله عليه- في خطاب الخميس الماضي، سوف تحقّق بلوغ المشروع القرآني إلى مراحل متقدمة من النصر والتمكين، تتحطم فيه الصنمية الأمريكية التي جثمت على العالم طويلاً، وخلفت القتل والدمار، ونهب ثروات العالم، ونشر الفتن والرذيلة التي لم يشهد التاريخ لها مثيلاً.