في مثل هذا اليوم انتـصر شعبنا اليمني البطل على أكبر عملية خـيانة استهدفت ضربَ الجبـهة الداخلية في الصميم.
لقد كان عفاش أكبرَ صـنم في تاريخ اليمن، وكان يريدُ العودةَ إلى كرسي الحكم من بوابة الخـيانة القذرة التي تمرَّس عليها، لكن اللهَ خذله، وحاق به مكرُه السيِّء.
كان هناك كثير من المشايخِ والمواطنين لا يزالون مغترين بعفاش، ولم يتوقعوا إعلانَه الخيانةَ منه على ذلك النحو، وكان خطابُ الســيد القـائد الصباحي بمثابة سنارة صيد لكشف نواياه المخبوءة.
أمر الســيد القــائد بإحضار أدوات تسجيل الخطاب الصباحي، فقيل له: لا يوجد جميعُ أدوات التسجيل، فقال: هاتوا الحاصل، ودعونا نسجل خطاباً نقيمُ الحُجَّـة على عفاش، أَو نكشفه أمام بعض المغترين به.
تم تسجيل الخطاب الصباحي، وتضمن نوعاً من الليونة، وكان الســيد القــائد يعتقدُ جازماً أن عفاشاً سيخرُجُ بعده سريعاً بخطابٍ أمام الملأ، يكشفُ فيه نواياه الخبيثة عليهم، وهذا ما حدث.
في خطاب الســيد القــائد المسائي، كان حاسماً، وحازماً، ودعا إلى التحَرُّك بقوة لإخماد أنفاس تلك الخــيانة الخطيرة، وبالفعل تحَرَّك الناس، حتى أن المزارعين نزلوا من مزارعهم مباشرةً ولم يعرجوا إلى بيوتهم، وطردوا عناصرَ الخيانة من الطرقات، وبعضُهم كانوا يتسلحون بمفارسهم.
أمَّلَ الأمريكيون نجاحَ حركة الــخيانة التي قادها عفاش، واستبشروا، وكان هناك ترتيباتٌ مسبقةٌ بينه ودول العدوان، ولكن لما بدأت كفَّتُه في المواجـهات بالانـهزام، تدخَّل العالَمُ كله لإنقاذه، والأمريكـيون على رأسهم.
تدخَّل الأمريكيون والأُورُوبيون، والروس، والصينيون، وحتى الإيرانيون لإنقاذ عفاش، بعد أن حاق به المـكرُ السيءُ، واتصلوا وقالوا لأنصار الله: هل أنتم مجانين تريدون قتله؟ لماذا لا تتركونه يخرج؟.
معظمُ الدول تدخّلوا وتواصلوا؛ مِن أجلِ إنقاذ عفاش، وبعضُهم بقلة أدب، إلا العُمَانيين فقد كانوا مؤدَّبين في وساطتهم، وكانوا محرَجين من الآخرين دفعوهم للاتصال، أما هم فقد كانوا مستاءين منه إلى حَــدٍّ كبير.
تحمَّلت قيــادةُ الثـورة المسؤوليةَ، ووقفت بحزم، وكان جوابُها للمتوسِّطين في إنقاذ عفاش: هل تريدوننا أن نمُدَّ رقابَنا له لكي يقـطعها؟ ألم يعلن الحـربُ علينا؟ عليه أن يتحملَ مسؤوليةَ إعلانه الحـربَ ونتيجتها كيفما كانت.
عفاش بعد أن حُصِرَ داخل بيته كان يتصل ويتواصل بالسفراء والسياسيين والمشايخ، وكان يطلب منهم أن ينقذوه، وكان بعض هؤلاء مرتبطين بالخارج، فوقفوا حجرَ عثرة أمام الحسم الذي لولاهم لكان أسرعَ من الذي حصل.
في نهاية المطاف، كان عفاش يتصلُ ببعض المشايخ لينقذوه، واتصل لأحدهم قائلاً: “يا رباعاه يا منعاه جي شِلَّني عندك، في جوارك، في بيتك، أنا في وجهك”، وكان الجواب من القيـادة بأن عليه أن يستسلمَ أولاً.
لما تبيَّن له أن لا عاصمَ من المصير المحتوم الذي اختاره لنفسه، استغلّ دخولُ وخروجُ الوسطاء إلى بيته، وخرج في موكبين موهماً أنه من الوسطاء، وحاول الهـروبَ في سيارة مصفـحة، قد طبع على مقدمتها شــعارُ الصــرخة.
قيل للسيد القائد: إن هناك موكباً خرجَ من البوابة الفلانية، وفي أوله سيارة ترفع شعــار الصـرخة، فقال لهم: اتبعوها، ففيها عفاش، يريد أن يهرُبَ، ويفر.
حينها خرج السـيـدُ القــائـدُ إلى فناء المكان الذي كان فيه، وكان يدعو اللهَ عز وجل، ويتضرَّعُ إليه، ويقول: يا ربَّ الشهداء، يا ربَّ المظلومين، يا ربُّ سـيدي حــســين، لا يفوتنا هذا المجرم الخائن.
وبحمدِ الله تم ترتيبُ مَن يوقفُه في طريق هروبه في إحدى مناطق سنحان، ويقال بأنه أطلق الرصـاصَ على المـرابطين في النقطة من بنـدقه الجـيفري؛ الأمر الذي حمل المجــاهدين على إطلاق الرصـاص عليه، وقــتله.
والحقيقةُ الجليةُ أن هناك تدخلاتٍ إلهيةً دخلت على الخط، وغيَّرت المعادلات، وسرَّعت بوتيرة الحسم، ولولا ذلك لكان القضاءُ على الفـتنة صعباً، ويكلِّفُ خسائرَ أكثرَ، فالحمدُ لله رَبِّ العالمين أولًا وأخيرًا.