|
من فنون الكذب في لعبة السياسة الأمريكية!
بقلم/ عبدالعزيز البغدادي
نشر منذ: 3 سنوات و 8 أشهر و 16 يوماً الثلاثاء 09 مارس - آذار 2021 07:13 م
من المعلوم أن نظام الولايات المتحدة الأمريكية رئاسي مؤسسي، والنظام الرئاسي بنظري أفضل وأجدى في تحديد المسؤولية من النظامين البرلماني والمختلط وأكثر ملاءمة للنظام المؤسسي، ورغم أنها دولة عدوانية إلا أن نظامها المتين ينبغي أن يدرس دراسة جادة متأنية تتناول قواعد اللعبة السياسية التي تديرها، واستخدام مفردة اللعبة هنا متعمد لأن من الواضح أن السياسة الأمريكية تقوم على مراعاة ما يسمى (أمن إسرائيل) الكيان الصهيوني المغتصب لفلسطين أكثر من مراعاة مصالح الشعب الأمريكي ، ولذلك رأى متابعو الانتخابات الأمريكية الأخيرة أنه لولا إدراك اللوبي الصهيوني في أمريكا بأن مصلحته ستكون أكثر أماناً بنجاح بايدن الذي صرّح أكثر من مرة بأنه صهيوني الهوى والانتماء لما فاز ، أما تعبير بعض الصهاينة عن قلقهم من تحولات السياسة الأمريكية فلا يعدو كونه ذرا للرماد في العيون لأن هدايا ترامب السخية لكيانهم على حساب الشعب الفلسطيني خلال فترة رئاسته مثل نقل السفارة الأمريكية إلى القدس واعتبارها العاصمة الأبدية والموحدة للكيان وتأييد ضمه للضفة الغربية التي مارست فيها السلطة المسماة بالفلسطينية ما رُسم لها من أجندة التنسيق الأمني ومسيرة المفاوضات المخزية التي لا مثيل لها في التاريخ مقابل بعض الامتيازات لرموزها ، بالإضافة إلى اعتبار الجولان السورية المحتلة جزءا من الكيان ، وشرعنة ما تم بناؤه من مستوطنات بالمخالفة لكل القرارات الدولية ، هذه المكاسب التي أهداها ترامب بعنجهيته سينفذها بايدن بدبلوماسيته !؛
وتفاصيل اللعبة السياسية الأمريكية الخارجية عموما طويلة إلا أننا نورد في ما يلي بعض نماذج فن الكذب التي تقوم عليه:
أولاً: في العدوان على اليمن:
1 – من المعلوم والمشهود عالميا أن العدوان أعلنه عادل الجبير من واشنطن في 26/ 3/ 2015 حين كان هناك سفيراً للسعودية، وهذا يعني بداهة أن أمريكا هي موجّه العدوان وقائده.
2 – أعلنت أمريكا مراراً أنها تدعم العدوان لوجستياً، والسعودية ليست قادرة ولا مؤهلة لمواجهة الشعب اليمني المعروف بشجاعته وبأسه مهما كانت إمكاناتها المادية لولا الدعم الأمريكي والصهيوني.
3 – اعتمادا على الدعم الأمريكي الصهيوني راهنت السعودية على تحقيق أهداف العدوان المعلنة خلال أيام أو أسابيع وهذا ما أعلنه ناطقه العسيري بداية انطلاق عاصفة الخزي، واحتياطاً عمدت أمريكا إلى إطلاق بعض التصريحات بأن النزاع في اليمن لن يحل إلا عبر الحوار لتُوْهِم العالم بأنه نزاع داخلي!.
ثانياً: الاستخدام الأمريكي المخادع للدعايات الانتخابية للتلاعب بالعقول (انتخابات نوفمبر 2020 نموذجاً):
1 – يئست الإدارة الأمريكية من تحقيق أهداف العدوان التي رسمته في رئاسة أوباما ونائبه بايدن الذي أعلن ضمن دعايته الانتخابية عزمه على إيقاف ما أسماه (الحرب العبثية على اليمن)!.
2 – استخدم بايدن همجية انسحاب ترامب من الاتفاق النووي مع إيران وأطراف أخرى والذي كان نتيجة مفاوضات حوالي سبعة عشر عاماً أثبتت إيران خلالها قدرة على التفاوض أدهشت العالم ووعد بالعودة للاتفاق.
ما الذي حدث بعد فوزه في الانتخابات؟:
1 – في ملف العدوان على اليمن: صرح وزير الخارجية الجديد (أنتوني بلينكن) وناطقة البيت الأبيض (جين ساكي) بأن الولايات المتحدة أوقفت بيع الأسلحة للسعودية أي بعد تكديس صفقات بمئات المليارات وأنها ملتزمة بالدفاع عن المملكة من هجمات من يطلقون عليهم الحوثيين (أنصار الله) أي الدفاع عن المعتدي ضد المعتدى عليه !!.
2 – في الملف الإيراني: صرّح نفس المسؤولين بأن أمريكا مستعدة للعودة للالتزام بالاتفاق إذا عادت إيران أي أن على من لم ينسحب من الاتفاق وفُرضت عليه عقوبات غير شرعية العودة للالتزام به !، هذا هو منطق الدولة العظمى وهذا ما يعلمه الليبراليون والمتلبريون والقوميون والأمميون الذين تحولوا بقدرة قادر من الولاء لموسكو إلى الولاء لواشنطن، والإسلاميون بنكهة أمريكية بمختلف فصائلهم !!!!!.
ثالثاً: في استخدام العدالة وحقوق الإنسان مطية للسياسة:
1 – وعد بايدن في دعايته الانتخابية بمحاسبة محمد بن سلمان لمشاركته في جريمة مقتل الصحفي السعودي جمال خاشجي التي هزت بشاعتها مشاعر الإنسانية الانتقائية ، وبعد الانتخابات تحولت المحاسبة إلى تهديدات بمراجعة العلاقات مع الشريك السعودي ، وأُطلق التقرير المخابراتي الذي أكد تورط ولي العهد السعودي في الجريمة بالأمر بالقتل وكان ترامب قد تلاعب بملف القضية قبيل الانتخابات ليستخدمه في الابتزاز والحلب الخشن للبقرة السعودية وبعد فوز بايدن تسلَّم راية الابتزاز والحلب الناعم ليتحول الوعد بمحاسبة الآمر بالقتل إلى الاكتفاء بالوعد بمحاسبة كبش الفداء (الفريق المنفذ للجريمة) تجنباً للأضرار التي ستلحق بالمصالح الأمريكية حسبما تضمنته التصريحات المتلاعبة بالعدالة .
2 – في معارك مارب تجلت الإنسانية الانتقائية لأمريكا وأدواتها بالصراخ على النازحين الذين وجهت بجلبهم من عدة مناطق إلى مداخل المدينة كدروع بشرية كعادتها في تحريك الجماعات الإرهابية من مكان إلى آخر حسب مصالحها وخططها السياسية لعلمها بأن الجيش واللجان الشعبية حتما سيبدأون معركة تحرير مارب باعتبارها جزءا هاما من قلب اليمن ، ومن يصرخ باسم الإنسانية يتناسى أن الشعب اليمني كله دروع بشرية وتحت الحصار البري والبحري والجوي الذي لا مثيل له في التاريخ والذي يتاجر البعض خلاله بالدماء والمعاناة على مدى ست سنوات !.
من يزعمون الزعامة قنديل ضوء
هاهم يهيمون في كل واد
يرفعون الصور
ونار الأكاذيب تشوي العقول
ولله في كل خلقٍ شؤون. |
|
|