إن الهدف الذي يسعى إليه إبليس أن يجعل بني آدم يدخلون معه في نار الجحيم، وأن يصل بابن آدم إلى الكفر والشرك، والضلال الذي يوصله إلى النار، ويسعى إلى تحقيق هذا الهدف من خلال خُطوات يتدرج فيها، قال تعالى: (وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ).
أسلوب الشيطان في التأثير على الإنسان:
تدفع وساوس الشيطان بالإنسان نحو هاوية السقوط في الرذيلة والمعصية بصورة تدريجية؛ ولهذا كان الخطاب والتحذير القرآني:
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ
}، وعندما يبدأ الإنسان خطواته الأولى مع الشيطان فسوف يستمر معه إلى أن يوصله إلى العاقبة السيئة، وبهذا يتمكّن الشيطان منه ويسيطر عليه ليستغرق في المعاصي والذنوب وينسى الحساب والعقاب.
ويؤكد السيد القائد أن:
“طريقة شياطين الجن، وعلى رأسهم كبيرهم إبليس لعنه الله: هي استخدام الوسوسة في السعي للتأثير على الإنسان، كما في قصة آدم وحواء “عَلَيْهِمَا السَّلَامُ”: {فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآَتِهِمَا}[الأعراف: من الآية 20]، وفي (سورة طه): {فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آَدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى}[طه: الآية120]”.
ويُبيِّن السيد القائد أن الوسوسة التي يستخدمها شياطين الجن في التأثير على الإنسان هي طريقة خفية لإحداث الأثر، أو التأثير النفسي والذهني في الإنسان، إذ يقول:
“ما هي الوسوسة التي يستخدمها إبليس، ويستخدمها شياطين الجن في التأثير على الإنسان؟ الوسوسة: هي طريقة خفية لإحداث الأثر، أو التأثير النفسي والذهني في الإنسان، فمثلًا: في الحالات التي تتحرك فيها رغبات الإنسان، ويبدأ يفكر تفكيرًا خاطئًا لتلبية رغبات نفسه، وشهوات نفسه، من خلال أعمال سيئة، أو تصرفات سيئة، تظهر مثل هذه الحالة النفسية، وما يتزامن ويترافق معها من اهتمام ذهني وتوجه ذهني، قد تظهر للشيطان، يعني: يلحظ- من واقع ذلك الإنسان- أنها تحركت في نفسه مشاعر الرغبات والأهواء والشهوة النفسية، وبدأ يفكر في الموضوع، ففي حالة الوسوسة، التي فيها مداناة واقتراب، وفيها إضافة خواطر معينة تُحرِّك الإنسان أكثر، وتحفزه أكثر، لأن يتجه ذلك الاتجاه السيء، لتلبية رغبات نفسه، فهنا في مثل تلك الحالة، يشعر الإنسان أن تلك الرغبات، التي تحركت بدايةً في نفسه، يشعر بأنها ازدادت، كحالة توجه نحو العمل السيء، وذهنيته كذلك، تفاعلت بخواطر إضافية، وتفكير أكثر، وانشداد ذهني أكثر، نحو تلك الأعمال السيئة، لتلبية الرغبة النفسية”.
كيف يمارس الشيطان أساليب الوسوسة؟
إن الأبواب التي تنفذ منها خطوات الشيطان إلى داخل النفس الإنسانية كثيرة ومتعددة وكلها تدفع الإنسان نحو اتباعه وسلوك طريقه، ومنها اتباع الرغبات النفسية، وهي من الأمور الخطيرة التي تتصف بها الذات البشرية، حيث يندفع معها الإنسان نحو سلوك ما يشتهيه، ويرى ما تهواه نفسه وليس ما يأمر به الله تعالى.
ويشير السيد القائد إلى كيف يمارس الشيطان أساليب الوسوسة مستغلًا في ذلك تلك التفاعلات لدى الإنسان للرغبة النفسية، وفي حالة الرغبة، وذلك التوجه في التفكير السلبي والتفكير السيء، حيث يقول:
“فالشيطان يتدخل كعامل إضافي لدى الإنسان، مستغلًا تلك التفاعلات لدى الإنسان، للرغبة النفسية، في حالة الرغبة، وذلك التوجه في التفكير السلبي والتفكير السيء، الذي يسعى لإيصال المزيد من الخواطر السيئة إليه، فيتفاعل الإنسان أكثر وأكثر، وخصوصًا إذا فصل نفسه عن المؤثرات الإيجابية، التي تردُّه عن ذلك الاتجاه السيء.
في حالة الانفعالات كذلك، يظهر في الإنسان واقع الغضب، تظهر فيه حالة الانفعال والغضب، ويبدأ الإنسان- مع تلك الحالة النفسية- يفكر التفكير السيء، الذي يؤجج الحالة النفسية فيه، والانفعالية، أكثر وأكثر، فالشيطان بمقاربته ومداناته يزيد من تفاعل تلك الحالة النفسية، كما تقرب الحرارة من الحرارة، النار من النار؛ لأن الشيطان كتلة من الحالة السلبية والسيئة، تزداد الحالة السلبية في الإنسان أكثر، وتتأجج حالة الانفعال فيه أكثر، ويضيف، يوصل المزيد من الخواطر السلبية لدى الإنسان، التي تزيد من تفاعله وانفعاله واتجاهه نحو عمل سيء، نتاجًا لتلك الحالة النفسية، وذلك التفكير السيء، تلك هي حالة الوسوسة”.
وفي ظل تلك الحالة الخطيرة جدًا على الإنسان، يُبيِّن السيد القائد أن الكثير من الناس وهم في حالة الرغبة، أو في حالة الانفعال والغضب، أو في حالة المخاوف، يتصورون أنهم لوحدهم، لا يدركون أنه قد انضم إليهم في تلك الحالة شيطانٌ من شياطين الجن،إذ يؤكد بأن:
“الكثير من الناس يتصور وهو في مثل تلك الحالة: إمَّا في حالة الرغبة، وإمَّا في حالة الانفعال والغضب، وإمَّا في حالة المخاوف، ونفسه تعتمل فيها (تتحرك فيها) تلك الحالة: (من رغبة، أو مخاوف، أو انفعالٍ وغضب)، وذهنيته تتجه، يتصور أنه لوحده، لا يدرك أنه قد انضم إليه في تلك الحالة شيطانٌ من شياطين الجن، إبليس يُحَرِّك شياطينه الكُثُر، والذين على مدى الزمن أصبحوا ينشطون، وربما تتطور أنشطتهم كما تتطور الأنشطة في الواقع البشري، وأساليبهم في الاستقراء لواقع الناس، ومشاكلهم، وقضاياهم، واهتماماتهم، وتفكيرهم، ورغباتهم، وانفعالاتهم، فيعملون على أساس ذلك- مع طول الزمن، وما قد اكتسبه من خبرة في ذلك- يعملون على التأثير من خلال ذلك على الإنسان”.
* نقلا عن :موقع أنصار الله