يؤكد السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي في إحدى كلماته بأن في حركة الإمام زيد ” عليه السلام” ونهضته عناوين مهمة، وأسس ذات أهمية كبيرة للأمة في هذا الزمن وفي كل عصر وفي مقدمتها:
– التمحور حول كتاب الله، حول القرآن، كما هذا واضحٌ في دعوته: أننا ندعوكم، أول عنوان إلى كتاب الله تعالى، وهو الذي عُرف بحليف القرآن؛ نتيجة تلك الصلة الوثيقة بالقرآن الكريم، على المستوى المعرفي والثقافي، على المستوى الروحية والأثر في السلوك والأخلاق، على مستوى الموقف، على مستوى تحديد الأولويات والنهوض بالمسؤولية، على كافة المستويات، في تحديده الموقف، في تحركه ونهضته، كان يقول: ((والله ما يدعني كتاب الله أن أسكت))، ((والله ما يدعني كتاب الله أن أكف يدي))، يقول: ((كيف أسكت وقد خُلف كتاب الله، واتُحوكم إلى الجبت والطاغوت))، وهذا ما يجب أن تأخذه الأمة بعين الاعتبار، أن تعزز من ارتباطها بكتاب الله “سبحانه وتعالى”، على مستوى الاهتداء، والوعي، والبصيرة، والإتِّباع، والتمسك، والعمل، وعلى مستوى تحديد الموقف، وتحديد الأولويات، والتحرك بناءً على ذلك، والثبات على ذلك، هذه مسألة أساسية في الانتماء الإيماني.
– كان من العناوين التي ينادي بها بين أوساط الأمة في كلمته الشهيرة: ((عباد الله البصيرة البصيرة))، كان يرى واقع الأمة أن من أهم ما تحتاج إليه لإصلاح واقعها وتصحيح وضعها هو الوعي، الوعي، والبصيرة، والفهم الصحيح، في مقابل حالة التضليل الرهيبة، وحملات الإضلال الواسعة، التي تستهدف الأمة تجاه كل شيء: في نظرتها إلى الدين، في نظرتها إلى الحياة، في تعاملها مع القضايا، فيما تحمله من مفاهيم ورؤى وتصورات، وفعلاً على مدى التاريخ وإلى اليوم في مقدمة ما تحتاج إليه الأمة كحاجة ضرورية وملحة ومهمة هو الوعي، هو البصيرة، بل إن من أهم ما نستفيده من القرآن الكريم هو البصيرة والوعي، قال الله “سبحانه وتعالى” عن القرآن الكريم: {قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا}[الأنعام: من الآية104]، فنشاهد في هذا العصر، في هذا الزمن، كيف تكون توجهات ومواقف من يفقدون البصيرة، من لا يمتلكون الوعي، كيف تصوراتهم، كيف هي أولوياتهم، كيف هي مواقفهم؟ كلها خاطئة، منحرفة، بعيدة، وفي اتجاهٍ خاطئ.
– كان من العناوين المهمة، والأسس البارزة في نهضته “عليه السلام”: الدعوة إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإحياء هذه الفريضة المهمة في الإسلام، باعتبارها ضرورةً حتى لتصحيح واقع الأمة بشكلٍ عام، بدءاً من تصحيح واقعها الكبير، فيما يتعلق بموقع إدارة شؤون الأمة كيف تدار شؤون الأمة، على أي أساس تدار شؤون الأمة، والمظالم الكبرى التي تعاني منها الأمة، وكان نداؤه لإحياء هذه الفريضة بشكلٍ مركز وبشكلٍ كبير ومتكرر، وهو بارزٌ في خطاباته، في رسائله، في كتبه، في مختلف أنشطته في نهضته، قال “عليه السلام” عن هذه الفريضة المهمة: ((واعلموا أن فريضة الله تعالى في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إذا أقيمت له، استقامت الفرائض بأسرها، هينها وشديدها))، يعني: تمثل أهميةً كبيرة في أن تستقيم كل الفرائض، في أن يكون للدين الإسلامي بما بقي من برامجه، من أنشطته، من المسؤوليات والواجبات فيه، من الأخلاقيات والعبادات وغيرها، أن يكون لها ثمرة، أن يكون لها قيمة، أن يكون لها أثر في حياة الناس، في واقع الناس، في استقامة الدين واستقامة الحياة، وهذه مسألة مهمة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أهم المسؤوليات في الدين، أكد عليه القرآن الكريم كثيراً، من مثل قول الله “تبارك وتعالى”: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}[آل عمران: الآية104]، بل كان من أهم ومن أبرز ما ذم الله عليه انحراف بني إسرائيل، وما سبب لهم السخط الكبير، ما قال الله بشأنهم: {كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ}[المائدة: من الآية79]، هذا سبب لهم حتى سخط الله وسخط أنبياء الله عليهم، {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (78) {كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ}[المائدة: 78-79]، فكانت حالة خطيرة جداً.
بل إن الإمام الشهيد زيد بن عليٍّ “عليهما السلام” حينما خفقت رايات الجهاد قال “عليه السلام”: ((الحمد لله الذي أكمل لي ديني))، اعتبر نهضته وتحركه وجهاده، وخروجه للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أمراً ضرورياً لكمال الدين، وإلا يبقى الدين ناقصاً، وليس نقصاً عادياً، ليس نقصاً في أمور هامشية، أو عادية بسيطة؛ إنما هو نقصٌ جوهري يؤثر على ما بقي من الدين، يفقده قيمته وأثره في واقع الحياة.
((لقد كنت استحيي من جدي رسول الله “صلى الله عليه وعلى آله وسلم” أن ارد عليه يوم القيامة ولم آمر في أمته بمعروف، ولم أنه عن منكر)).
– سعى أيضاً في عناوين نهضته لإنقاذ الأمة من حالة الذل، والهوان، والاستسلام، والخنوع، والخضوع للطغاة الجبارين الظالمين المستكبرين المفسدين، وهي حالة خطيرة كانت الأمة قد وصلت إليها، وأصبحت مكبلةً بقيود الخوف، الخوف الذي يجعلها تستسلم وتخنع، وتبقى في حالة الذل، والاضطهاد، والظلم الشديد، من جانب أولئك الطغاة الجبارين الظالمين، فعندما قال كلمته الشهيرة: ((ما كره قوم قطُّ حرَّ السيوف إلَّا ذلوا))، هو يسعى إلى إنقاذ الأمة، إلى أن ينقذ الأمة ويفك عنها قيود الخوف، ويجعلها تتجاوز تلك الحالة، وفعلاً كان لنهضته وتضحياته ومظلوميته الأثر الكبير في ذلك.
في سعيه لإنقاذ الأمة من استبعاد طغاة بني أمية قال “عليه السلام” في أحد خطاباته وفي رسائله: ((عباد الله فأعينونا على من استعبد أمتنا، وأخرب أمانتنا، وعطَّل كتابنا))، فكان العنوان الأول قوله: ((على من استعبد أمتنا))، الحالة التي كان عليها طغاة بني أمية في ممارساتهم، وسياساتهم، واستحكام سيطرتهم على الأمة، هي: حالة استبعاد للأمة بكل ما تعنيه الكلمة، اخضاع للأمة بشكلٍ تام، وفق أهداف بني أمية، ومزاجهم، ورغباتهم، وأهوائهم، بعيداً عن منهج الله “سبحانه وتعالى”.
– كان من العناوين البارزة والمواقف الواضحة في نهضته “عليه السلام”: اهتمامه الكبير بأمر المسلمين، وألمه على واقعهم، وحزنه الشديد على وضعهم، وسعيه للتغير تجاه ذلك، وهو الذي قال كلمته الشهيرة: ((لوددت أنَّ يدي ملصقةٌ بالثريا)): تلك مجموعة النجوم التي في عنان السماء، ((لوددت أنَّ يدي ملصقةٌ بالثريا، فأقع إلى الأرض أو حيث أقع، فأتقطع قطعةً قطعة، وأنَّ الله أصلح بي أمر أمة محمد “صلى الله وسلم عليه وعلى آله”)).
في ثباته على موقفه بالرغم من الواقع المأساوي آنذاك في قلة المستجيبين، في تأثر الكثير من أبناء الأمة بالظروف التي كانت قائمة، وتكبيلهم بقيود الخوف، والرعب، والاستسلام، والخنوع، إلَّا أنه كان مصمماً وعزماً على النهضة تلك، بعد أن رأى ما قد وصل الوضع إليه إلى درجة الاستهتار والاستهانة بكل شيءٍ من الإسلام، حتى بمقدساته، حتى برسوله “صلوات الله عليه وعلى آله”، وقد حضر يوماً بعد استدعائه الإجباري من قبل السلطان والملك الأموي، وعندما وصل إلى مجلسه، كان في محضر الملك الأموي هشام أحد اليهود، يهودي بحضرته، فكان يسب رسول الله “صلوات الله عليه وعلى آله”، والملك الأموي يسمع ولا يغضب من ذلك، ولا يستاء من ذلك، فغضب الإمام الشهيد زيد بن عليٍّ “عليهما السلام”، وانتهر ذلك اليهودي وزجره، وقال: ((لئن أمكنني الله منك لاختطفنَّ روحك))، فغضب الملك الأموي هشام، وقال: [مه، لا تؤذ جلسينا يا زيد]، فهو يقف إلى جانب اليهودي الذي يسب رسول الله “صلوات الله عليه وعلى آله”، ويغضب من زيدٍ “عليه السلام”؛ لأنه نهى عن ذلك المنكر، عن ذلك الباطل، عن تلك الإساءة إلى أعظم رمزٍ للأمة وللبشرية، إلى سيد الرسل وخاتم الأنبياء رسول الله محمد “صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله”.
فالإمام الشهيد زيدٌ “عليه السلام” قال: ((والله لو لم يخرج إلا أنا وابني يحيى لخرجت وقاتلتهم))؛ لأنه رأى الأمور قد وصلت إلى أسوأ ما يمكن أن يتصوره الإنسان، انقلاب على مبادئ الإسلام، على مقدساته، استهتار شامل بالدين، وبالأمة… وبكل شيء.
الله أكبر
الموت لأمريكا
الموت لإسرائيل
اللعنة على اليهود
النصر للإسلام
السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي
من كلمة السيد في ذكرى استشهاد الإمام زيد عليه السلام لعام 1444 هـ
*نقلا عن : موقع أنصار الله