يجمع مراقبون أن محمد بن سلمان أظهر مواقف تحاول تبني التوازن من حرب غزة وتأييد إسرائيل التي ظهر أقرب لها أكثر من الفلسطينيين وهو الذي يحاول منذ أشهر التطبيع العلني مع تل أبيب.
ومع استمرار الحرب على غزة للأسبوع الرابع تباينت مواقف الأنظمة وتمايزت صفوفها، فما بين منحازٍ للاحتلال علانية وبين داعمٍ لغزة ومقاومتها وما بين من يحاول الترقيع بالتصريحات والاستنكارات ليخفي معسكره الحقيقي.
والموقف الرسمي لولي العهد جسّده بنفسه في القمة الخليجية ورابطة الآسيان عندما أعلن ما سمّاه “رفضه استهداف المدنيين بأي شكل من الأشكال” مساويًا بين الفلسطينيين والإسرائيليين ولم يُشر لجرائم الاحتلال أو قتل المدنيين، أو لحق الفلسطينيين في طرد الاحتلال وقتالهم.
ولم يكتفِ ولي العهد بذلك، بل وجّه رسالة صريحة للغرب من خلال الأمير تركي الفيصل الذي أدان ممارسات المقاومة الفلسطينية ضد المدنيين الإسرائيليين ونزع عنها هويتها الإسلامية مما جعل المواقع الإسرائيلية تحتفي بتصريحاته وذلك رغم أن مقاطع التعامل برحمة من نساء المستوطنين وأطفالهم ملأت شاشات العالم.
أمّا عن تطبيع السعودية فماضٍ رغم مجازر غزة، وهذا ما أكده مراسل موقع Axios الأمريكي Barak Ravid بأن ولي العهد أكد لبايدن رغبة المملكة باستكمال محادثات التطبيع بعد انتهاء عمليات غزة. وهذا ما يؤكد أن هدف التطبيع ليس مصلحة الفلسطينيين ولكن تأمين تسليح المملكة والبرنامج النووي.
إعلاميًا اختار الإعلام الرسمي السعودي عدم الوقوف بجانب أهل غزة ومقاومتها فجاءت لغة الخطاب مطالبة بإيقاف استهداف “المدنيين والأبرياء” من الطرفين وتناقلت القنوات الرسمية روايات الاحتلال وبثّتها.
بل استنكف إعلامنا إطلاق كلمة “شهداء” على من ارتقى من أهل غزة واستبدلهم بكلمة “ضحايا”! فيما مواقف الوطنجية ورؤوس الذباب الذين تحرّكهم أوامر الديوان كانت أشد شراسة وعداوة وخزيًا.
إذ انطلقت حملات التشويه والشيطنة والتخوين للمقاومة في غزة وحمّلتها مسؤولية القتل والدمار ووصل الأمر لاتهامها علانية بالإرهاب.
وشعبيًا وقفت السلطات السعودية بحزم ضد كل من يحاول مساندة أهل غزة ودعمهم فمُنعت حملات جمع التبرعات لهم وتم تهديد من يقوم بها بالعقوبات الرادعة، ولم تُخصّص خطب الجمعة لدعمهم والتذكير بقضيتهم ومُنعت إقامة الخطب والمحاضرات في المساجد لإدانة الاحتلال.
بل وصل الأمر لعدم السماح للناس في المملكة بإظهار عواطفهم تجاه فلسطين أو الدعوة لمساعدتهم ولو على مواقع التواصل. أما إظهار التعاطف مع المقاومة فجريمة كبرى تستدعي عقوبات شديدة وأعوامًا من السجن وزنازين المملكة التي تضم علماء ونشطاء شاهدة على ذلك.
وعلى صعيد التحركات الميدانية لم تقم الحكومة بأي دور فعلي، فلم توقف طيران طائرات الاحتلال فوق أجوائنا ولم تطرد شركاتهم التي تستثمر في أراضي المملكة ولم تلوّح بإيقاف تصدير النفط للدول التي انحازت الاحتلال ولم تدعُ الناس لمقاطعة الشركات التي تدعم الاحتلال.
وفي الوقت الذي كان المئات من أهل غزة يرتقون يوميًا بقصف طائرات الاحتلال وينتظرون تحرّك حكام العرب والمسلمين لنجدتهم تحرّك ولي العهد ولكن باتجاه آخر إذ أعلن بنفسه افتتاح بطولة كأس العالم للرياضات الإلكترونية متجاوزا مآسي غزة وسط تطبيل إعلامي غير مسبوق بالحدث التاريخي.
وليت الأمر اقتصر على ذلك ففي الوقت الذي أعلنت دول مجاورة إيقاف مهرجاناتها السينمائية وحفلاتها الغنائية تضامنًا مع غزة أقامت الرياض أسبوع الموضة للأزياء، واستمرت هيئة الترفيه بالترويج لافتتاح موسم الرياض ولحفلاته الماجنة ولم يدر في خلد المنظمين فكرة تأجيله على الأقل.
وبحسب المراقبين فإن تاريخ محمد بن سلمان المنحاز للاحتلال أكدته أحداث غزة، فبدءً من تغيير مناهج التعليم واعتقال ممثلي المقاومة في المملكة وعشرات العلماء والمغردين المناصرين لفلسطين وفتح الأبواب لحاخاماتهم وشركاتهم للتغلغل في بلادنا والصفقات الكبرى مع عراب التطبيع كوشنر والتي تجاوزت 2 مليار دولار.
* نقلا عن :موقع المشهد اليمني الأول