|
خذلان القيادات العربية والإسلامية لفلسطين
بقلم/ طاهر محمد الجنيد
نشر منذ: 10 أشهر و 28 يوماً الخميس 28 ديسمبر-كانون الأول 2023 08:00 م
في كل حرب يشنها الصهاينة على أرض فلسطين أو غيرها نجد المواقف العربية والإسلامية لا ترقى إلى مستوى أكثر من الشجب والاستنكار والدعوة إلى ضبط النفس وتحميل الوسيط الدولي هكذا (أمريكا) التبعات، ودعوته لممارسة الضغط على الصهاينة في إيقاف العدوان والاحتلال والقتل وسفك الدماء، وكلما تجاوز العدوان كل القيم والمبادئ الإنسانية نجد أن الوسيط يتحول عن مهام الوساطة المزعومة إلى ممارسة المهمة الحقيقة وهي دعم وإسناد الصهاينة وإزالة كل ما يمكن أن يؤثر على وجودهم، ويهدد بقاءهم على الأرض المغتصبة (فلسطين).
القيادات والزعامات العربية والإسلامية مارست أقصى درجات الشجب والاستنكار عقب قيام الكيان الصهيوني وكان أقوى تلك المواقف مؤتمر الثلاث- لاءات الذي عقد في العاصمة السودانية الخرطوم ثم توالى السقوط للزعامات والأقنعة فكان هناك من نقض (اللاءات) كما عملت مصر، ومنهم من نقضها سرا وتحت الطاولات ففي الصباح داعم للقضية الفلسطينية وفي الكواليس عكس ذلك حتى أن اليهود أنفسهم فضحوا بعض تلك القيادات واستثمروها بقية الحياء الذي تجمل به البعض حينا من الدهر وفجأة وعلى غير موعد رأينا المكاتب والسفارات والمعاهدات تتم مع أن ذلك ليس غريبا فالذي صنع الكيان الصهيوني وأمده بكل أنواع الدعم ولم يبخل عليه- هو ذاته الذي صنع هذه الأنظمة وجعلها قائمة تمارس القمع والإذلال لشعوبها ليستثمر الخيرات ويعمق الفوارق ويزرع الفرقة بين اقطار الوطن العربي تارة باستغلال العواطف الدينة وتارة باسم القومية والجهوية- والشعبوية- والطائفية – وتارة تحت مسمى التفاوت الاقتصادي والمعرفي.
ثلاثية الانحدار والسقوط
لقد سعت الإدارة الإجرامية من خلال ثلاثة محاور لضمان استمرار الكيان الصهيوني تمثلت في رسم الحدود وإنشاء الجيوش وفق استراتيجية حماية الكيانات القائمة، والثانية هي بذر النعرات وإثارة المشاكل بين الأقطار بعضها البعض وهو الأمر الذي سيؤدي إلى اندلاع الحروب الطاحنة بين الأخ وأخيه، وأما الثالثة فكانت تدمير العلاقة بين أبناء الشعب الفلسطيني وبقية الشعوب العربية والإسلامية.
ففي الهدف الأول: نجد أن الزعامات العربية الإسلامية بدأت تبحث عن أساسات قيام هذه الكيانات القطرية والتمحور حولها وجودا وعدما وصبت كل الجهود من أجل تحطيم الوحدة العربية والإسلامية واحدا تلو الآخر ولم يبق من شعار التوحد سوى الأسم المجرد من المضمون والأسس التي يعتمد عليها.. وهنا يأتي إثارة النزاعات المختلفة وينهى الجيش على ما تبقى من ذلك المضمون الفارغ بعد أن تم ضمان استمرار النزاع إلى أقصى مدة حتى يستفيد الغرب من نهب الثروات وتسويق منتجات الأسلحة المكدسة في مخازن ومستودعات شركاته.
وفي الهدف الثالث تم تصوير الفلسطينيين وكأنهم خانوا القضية وسلموا أرضهم ووطنهم لليهود، وفي المقابل تسويق الأكاذيب من العملاء والخونة أن الشعوب العربية باعت القضية لصالح الصهاينة ومن تحالف معهم- لكن في الحقيقة أن الزعامات العربية هي القائمة على تصفية القضية الفلسطينية، والمتاجرة بالمواقف والمبادئ على حسابها.
ونظرة متأنية لتصويب الاستطراد السابق نجد الأمثلة الآتية: أن فكرة إنشاء كيان غريب في جسم الوطن العربي يكون ولاؤه للغرب هي فكرة نادى بها رئيس الوزراء البريطاني كامبل بنرمات في المؤتمر الذي سمى باسمه عام 1907م بعد مداولات على مدى عامين بين فرقى السياسية الأوروبية وأما فكرة تقسيم حدود الوطن العربي وتقاسيم النفوذ عليها فهي لوزراء خارجية فرنسا وبريطانيا (سايكس بيكو) وأما فكرة منح وطن قومي لليهود فهي خاصة بمؤتمر بازل الذي عقده (هرتزل) لاستثمار واستدرار الدعم الأوروبي للهيمنة على مقدرات الوطن العربي.
المسيرة القرآنية والقضية الفلسطينية
منذ تأسيس المسيرة القرآنية على يد الشهيد السيد حسين بن بدر الدين الحوثي وهو ينادي بضرورة التصدي للفكر اليهودي الذي يمارس التضليل والإجرام- تضليل الأفكار بنشر المبادئ الهدامة والاتجاهات المنحرفة، والإجرام بنشر وإثارة الحروب بين الآخرين واستثمارها فلله سبحانه وتعالى يصفهم ” كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ” هم مفسدون على الدوام، ومثيرون للحروب وهم موقدوها، ولذلك كان من أقوال الشهيد السيد حسين يرحمه الله “إسرائيل غدة سرطانية يجب استئصالها من الوطن العربي”.
إن المسيرة القرآنية وضعت الأسس الصحيحة التي يجب أن يتم التعامل مع الكيان الصهيوني المحتل على أرض فلسطين وأبرز مثال على ذلك الشعار الذي لخص أساس المشكلة انطلاقا من الحقائق التاريخية التي رسمت أسس العلاقة التي اختارها اليهود لأنفسهم في تعاملهم مع خاتم المرسلين سيدنا محمد بن عبدالله الصادق الأمين الذي اعطى لليهود كل الفرص والوقت لكي يتم تدارك ما هم عليه من غدر وخسة، لكن الطبع غلب التطبيع فمن قتل الأنبياء ونكث العهد وأساء إلى يستحيل أن يتحول إلى ممارسة حياة صحيحة على منهاج الله الذي اختاره الله لعباده المؤمنين ” وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ” البقرة (109) ضمهم النبي صلى الله عليه وآله إلى مجتمع المدينة وعدهم أمة من جملة الأمم ارتكبوا الإثم وأردوا انتهاك حرمات المسلمين، أخذ عليهم العهد بالتناصر فكان الغدر ومحاولة الفتك به صلى الله عليه وآله وسلم، كلما انتصر المسلمون على أعدائهم زادت خيباتهم وحنقهم حتى أنهم البوا الجموع واجتاحوا المدينة ليستأصلوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم والفئة المؤمنة.
سفن المجرمين مقابل طعام المستضعفين
يأتي قرار السيد العلم عبدالملك بن بدر الدين الحوثي قائد المسيرة القرآنية حفظه الله باستهداف سفن المجرمين مقابل فتح المعابر وغوث المستضعفين المعتدى عليهم ومدهم بالغذاء والدواء موقف مشرف أمام الله سبحانه وتعالى وأمام كل الأحرار والشرفاء من أبناء الأمة العربية والإسلامية، وفي مقابل ذلك نرى المجرمين يتداعون لسرعة انجاد القتلة والمجرمين وكأن الأرواح التي سفكت دماؤهم على أرض غزة وفلسطين لا شأن لهم بها، أفبعد هذا الخزي والعار من خزي؟
لماذا يصر المجرمون على قتل الأبرياء والضعفاء والمساكين بكل أشكال الإجرام؟ الا يكفي تلك الأسلحة المحرمة التي تحصد الأطفال والنساء والشيوخ والأبرياء؟ إلي أي مدى بلغت السفالة والانحطاط بهؤلاء المجرمين؟ أما الموقف اليمني فهو يبتغي الجزاء من الله فلا عذر لأحد عن نصرة هؤلاء الضعفاء على أرض الرباط، وسيأتي اليوم الذي يعض المجرمون أصابع الندم على ما فعلوا في الدنيا قبل الآخرة.
لتحشد أمريكا ومن ورائها أساطيلهم ومساطيلهم لحماية البحر الأحمر وحماية القتلة والمجرمين، فإرادة الله أكبر وأعظم من إرادة المجرمين، والله اذا أراد شيئا فإنما يقول له كن فيكون، ويكفي اليمن فخرا أنها لقنت كل المجرمين شعارا ورسخت القول بالفعل ممارسة وسلوكا، فهل بعد ذلك من قول “وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ” آل عمران (126).
*نقلا عن :الثورة نت |
|
|