تحت نيران القصف الإسرائيلي ومعاناة النزوح في خيام التهجير تتعدد أوجه المعاناة والقهر في قطاع غزة، إحداها معاناة النساء الحوامل وعند الولادة.
فماجدات غزة الحوامل ومنذ بدء حرب الإبادة الجماعية يتعرضن لصنوف من الويلات، بدءا من حرمانهن من الرعاية الصحية والتغذية السليمة وحتى ظروف الولادة وما بعدها.
وفق تقديرات وزارة الصحة في غزة هناك ما بين 60 ألف سيدة حامل في قطاع غزة يحرمن من الرعاية والمتابعة الصحية ما يعرضهن ومواليدهن للخطر الشديد.
خوف متعدد الأوجه
الفلسطينية دعاء الأستاذ تقول إنها وضعت مولودها قبل شهر من الآن في مستشفى العودة في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، وتصف ليلة الولادة بأنها الأشد قسوة نظراً لأحزمة نارية شنتها مقاتلات العدو الاسرائيلي في محيط المستشفى.
وإضافة لآلام المخاض تضيف دعاء في حديثها لـ “المركز الفلسطيني للإعلام” أن الخوف تملكها وهي تضع مولودها الأول تحت حمم القصف الصهيوني.
المعاناة ليست هنا وفقط، بل تعاني الأستاذ بعد الولادة عدم قدرتها على توفير حليب الأطفال لمولودها نظراً لفقدانه من الأسواق بفعل الحصار الإسرائيلي الخانق على القطاع، مؤكدة أن الظروف قاسية جدا وبكل ما تحمل الكلمة من معنى.
لا إمكانيات
الدكتورة أماني أبو منديل – مسؤولة في قسم الولادة في مستشفى العودة- تقول: إن المشفى الذي خصص لاستقبال النساء الحوامل للولادة في منطقة وسط قطاع غزة صغير ويحتوي على سريرين فقط، كما أنه يمكن إجراء ٤ عمليات ولادة قيصرية فقط.
تؤكد أن هذه قدرة محدودة جداً لتغطية منطقة وسط القطاع التي تؤوي مئات الآلاف من المواطنين لاسيما منطقة دير البلح التي وجه جيش العدو الاسرائيلي المواطنين للنزوح نحوها.
وبفعل العدوان المتواصل خرج 30 مستشفى من أصل 36 عن العمل، قبل أن يعود عدد منها جزئيًا لتقديم خدمات صحية محدودة، فيما تعاني باقي المستشفيات إما من الحصار كما هو حال مستشفى الأمل وناصر في خانيونس، أو الضغط الهائل وقلة الإمكانات كما هو الال في مستشفى أبو يوسف النجار في رفح.
جريمة في مشفى أبو الخير
وقبل أن يخرج من الخدمة، كان مستشفى الخير في خانيونس، شاهدًا على مجزرة مروعة اقترفها الاحتلال الإسرائيلية كانت الشاهدة عليها سيدة وضعت مولودها بعملية قيصرية.
تقول المواطنة ابتسام الحو لمراسل المركز الفلسطيني للإعلام: إنها وضعت مولودها بعملية قيصرية بحجز مسبق.
وتضيف أنه وفي تمام الثالثة فجرا يوم الاثنين (22 يناير الماضي) تعرض المشفى لقصف مدفعي عنيف أدى لتهشم الزجاج فوقهم.
وما هي إلا لحظات واقتحم الجنود الصهاينة المستشفى وقطعوا التيار الكهربائي وقتلوا كل من وجدوهم في الطابق الأرضي في المستشفى.
وتشير إلى أن جيش العدو الاسرائيلي حجز النساء في غرفة واحدة وأخضعهن لعمليات تفتيش دقيقة ومهنية، لاسيما أنهن نسوة يعانين من النفاس ومراحل ما بعد الولادة.
وتضيف أن جيش العدو الاسرائيلي طلب من الرجال المتواجدين خلع ملابسهم والنزول من الطوابق العلوية، وجرى إخضاعهم لتنكيل شديد ومنهم من تعرض للقتل والاعتقال.
وتتابع أن جنود العدو الاسرائيلي طلبوا منها ومن النساء اللواتي معها الخروج من المستشفى.
تصف الموقف بالمرعب سيما أنها تحمل مولودها الذي هو بحاجة لحاضنة أطفال ولم يمر على إجراء العملية القيصرية سوى ساعات قليلة.
تقول إنها وتحت القصف وإطلاق النار وفي جنح الظلام خرجت من المستشفى وهرعت تسير مسرعة في شوارع المدينة حتى وصلت لمدينة دير البلح، تقول: كانت ليلة قطعة من الموت.
توضح أن العدو الاسرائيلي اعتقل زوجها الذي كان يرافقها في المستشفى وأخضعه للتحقيق والتنكيل ومن ثم أفرج عنه.
ولم تنته رحلة الموت هنا، فمولودها الذي لم يحمل اسما بعد، فارق الحياة متأثراً بعدم دخوله الحاضنة وتلقي الرعاية الصحية الضرورية.
إجهاض ووفاة أجنة
ووفق معطيات حقوقية؛ فقد سجل ارتفاع في حالات الإجهاض ووفاة الأجنة نتيجة القصف، واستخدام الأسلحة الخطيرة كالفسفور الأبيض.
وقال المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان ومركز الميزان ومؤسسة الحق في بيان قبل أيام: تجري عمليات الولادة للنساء كالولادة القيصرية دون تخدير كاف أو أدوية مسكنة وسط نقص الأدوات والمستلزمات الصحية الضرورية.
ويعد التهديد الأكبر -حسب البيان- هو سوء التغذية نتيجة عدم حصولهن على الفيتامينات والبروتينات والمعادن التي تمكن الجسم من القيام بوظائفه. وتعاني العديد من النساء الحوامل من سوء التغذية وأمهات مما يعرض حياتهن وحياة اطفالهن للخطر.
الولادة في الحمام
المواطنة نسمة حمو، 19 عاماً، وهي سيدة حامل من مراكز الإيواء، نزحت منذ بداية العدوان من منطقة النصر شمال قطاع غزة الى مستشفى الشفاء ومن ثم عادت إليها بما يلي: “نزحت الى مستشفى الشفاء منذ بداية الحرب ومن شدة الخوف شعرت بأعراض ولادة مبكرة، فتدخل الاطباء وتلقيت العناية المناسبة. وبتاريخ 10 نوفمبر/تشرين الثاني 2023 قُصف المستشفى واضطررت للهروب مشياً على الأقدام لمدة طويلة فشعرت بتعب شديد وأنا في الشهر الثامن من الحمل مما ضاعف شعوري بالخوف من إسقاط الجنين وهو مولودي الأول.
وتضيف: عُدت الى منطقة النصر حاصرنا فيها العدو الاسرائيلي لمدة 6 أيام عانيت فيها من سوء التغذية وقلة مياه الشرب مما زاد من أوجاع الحمل وخوفي من فقدان جنيني.
وتابعت: ألقى جيش العدو الاسرائيلي قنابل فسفور وأصبحت أرتجف رعباً من إمكانية ولادة جنيني بتشوهات، جاءني المخاض في منتصف الليل ونحن محاصرون.
وقالت: إن رغبتي في إنجاب طفلي الأول اعطتني قوة كبيرة لتحمل الولادة في حمام المنزل وقد سقط الجنين على الأرض وانقطع الحبل السري لوحده.
وأكدت أن طريقة الولادة هذه تسببت في ورم رأس طفلتها لمدة طويلة مما وضعها في توتر مستمر على سلامتها دون وجود أطباء للاطمئنان على حالتها الصحية”.
وأضافت: “ولدت الطفلة ضعيفة البنية بسبب سوء التغذية أثناء الحمل مما اضطرني الى اعطائها حليباً صناعياً، وهذا منافي لرغبتي بإرضاعها طبيعياً”.
تخوفات
أما المواطن محمود صبري من خان يونس يقول لمراسل المركز الفلسطيني للإعلام: إن زوجته حامل وبقي على ولادتها أيام قليلة، وعبر عن تخوفه من ظروف ولادتها لاسيما وأن مستشفيات المدينة مجمع ناصر ومستشفى الأمل التابع للهلال الأحمر تخضع لحصار اسرائيلي مشدد.
يقول: لا أدري أين ستذهب للولادة، ألا يكفي أننا نعيش تحت القصف العشوائي والحرمان من الطعام والشراب والأمان.
المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام:
*نقلا عن : موقع أنصار الله