صدام حسين عمير*
نادرًا ما تجدُ شخصًا في هذا العالم الفسيح مَن يتبوَّأُ أعلى المناصب في بلده، لا تُغْرِيه مفاتنُها ببهرجتها الزائلة، ويظلُّ بتلك النفسية التي كان عليها من قبلُ، من تواضُعٍ دائمٍ مع كُـلّ أطياف شعبه، ناذِراً كُـلَّ وقتِه واهتمامه لخدمتهم والرقي بهم، لقد تجلت تلك الصفاتُ النادرة في رجل نادرٍ قاد دَفَّةَ البلاد في ظروف عصيبة واستثنائية، إنَّهُ الشهيدُ الرئيسُ صالح علي الصماد -سلامُ الله عليه-.
شاءت الأقدارُ الإلهية -بينما اليمنُ تمُرُّ بظروفٍ صعبة هي الأشدُّ في تاريخ اليمن الحديث- أن يتسلَّمَ دفةَ القيادة الرئيسُ الشهيد صالح الصماد، حِمْلٌ كبير ومهمة استثنائية في وقت تتعرض البلدُ لعدوان سعوديّ أمريكي، ووضع سياسي معقَّد، واقتصاد مُتَــرَدٍّ، كُـلُّ تلك المعضلات تحمَّلَ تبعاتِها الرئيسُ الصماد من يومه الأول في مهمته الاستثنائية كرئيس للبلاد.
بروحية المؤمن الساعي لرضا ربه والمتحمل للمسؤولية من منطلق إيمَـاني، لا طمعاً فيها وفي مكاسبها المادية والمعنوية، انطلق الشهيد الرئيس الصماد باذلاً أقصى الجهود، لا يعرف المستحيل، مركِّزاً جهودَه على تنفيذ الأولويات وأهمُّها التصدي للعدوان؛ فعمل في عدة مسارات في آنٍ واحد.
تراه ذلك الرجلَ المسؤولَ والإداري المحنك؛ فعمد إلى تفعيل كُـلّ الإمْكَانات والقدرات الرسمية؛ خدمةً للشعب وَتصدياً للعدوان، حيناً تراه ذلك المواطنَ البسيط الشعبي المنخرط بقوة بين الوسط الشعبي متلمساً همومَهم ومشاكلهم، شاحذاً هممَهم ومفعِّلًا لها في التصدي للعدوان والصمود أمامه، وحيناً آخر يظهر كأَبٍّ حنونٍ واسعِ الصدر يعمل على لَــمِّ صف أبنائه وتوحيدهم؛ فسعى -سلامُ الله عليه- إلى توحيد الصف الداخلي الوطني وجمع مختلف المكونات السياسية والتيارات الدينية؛ لِتتوحدَ الجهودُ في مجابهة العدوان والتصدي له.
أما في الميدان العسكري والمواجهة المباشرة مع العدوّ فتراه كمالك الأشتر في مقدمة صفوف جُندِه، مشرفاً على تدريباتهم وعلى إنتاج عدتهم الحربية.
لينتهيَ فصلٌ من فصول حياة الشهيد الصماد، كرجل مسؤولية وندخلُ في فصل آخر ونهائي من فصول حياته، فصل التضحية بالنفس في سبيل الله وفداء لشعبه؛ ليعلمنا كيف يضحِّى القائد بنفسه؛ مِن أجل دين الله وفي سبيله وَفداء لشعبه، في ذلك اليوم استهدفه طيرانُ تحالف الشر السعوديّ الأمريكي أثناء إشرافه المباشر على معركة الحديدة ليرتقيَ إلى جوار ربه شهيداً.
فلتنم قريرَ العين فخامة الرئيس؛ فقد كنتَ فينا رئيساً صادقاً، وبعد استشهادك أصبحت لنا رمز الصمود وَالتضحية، وكما كان مالك الأشتر -رِضْوَانُ اللهِ عَلَيْـهِ- نموذجاً راقياً لمدرسة الإمام علي -عليه السلام- ورمزاً في الجهاد ضد الجاهلية الأولى، فأنت فخامةَ الرئيس نموذجٌ راقٍ لمدرسة آل البيت ورمزٌ في التضحية والصمود ضد الجاهلية الأُخرى.
* نقلا عن :السياسية