د. حسناء نصر الحسين *
بعقيدة وإصرار وثبات يكمل اليمن الشجاع مسيرة الإسناد والدعم لأهلنا في فلسطين وتتصاعد حدة المواجهة مع قادة العالم الأمريكي البريطاني غير آبه بما تمتلكانه هاتان القوتان من تفوق كبير على شتى الأصعدة العسكرية الأمنية الاقتصادية والتكنولوجية كما السيطرة على صناعة القرار الدولي، ليقدم اليمن أنموذجا فريدا في مفهوم القوة والتأثير وصناعة النصر بقوة العقيدة والإيمان بالقضية ليتحول اليمن بعد عملية طوفان الأقصى وما قدمه ويقدمه إلى ملحمة بطولية تجذب إليها الشعوب العربية والإسلامية التي تتمنى أن تقدم لفلسطين كما يقدم اليمن بقيادته وجيشه وشعبه الذي استطاع انتزاع حضارته وتاريخه رغم أنوف المتآمرين الذين رأوا في إبعاده عن مجريات الواقع الإقليمي والدولي وحرمانه من مكانته التي يستحقها بفعل تاريخه الحضاري وموقعه الاستراتيجي الهام وتنوع ثرواته قوة لهم.
لتأتي عملية طوفان الأقصى وما لهذا العنوان الكبير من خصوصية إنسانية وإسلامية كبيرة لتعيد لليمن وهجه وتجعل قادته مصدر فخر يتغنى بها الصغار والكبار.
بينما معظم قادة النظام العربي الرسمي تنتهج سياسة النعامة في التعاطي مع القضية الفلسطينية وتغض الطرف عن آلام الشعب الفلسطيني وكأنهم غير معنيون بما يجري وعلى مدار الساعة من مجازر وإرهاب والعالم يشاهد هذه الآلام التي تنقلها كل وسائل الاتصال التقليدية والحديثة، بينما يغيب عن الموقف الجريء العالم العربي والإسلامي بمعظم أنظمته ومؤسساته وكأن ما يجري في فلسطين لا يعني لهم شيئا فهل فقد العرب والمسلمين أوراق قوتهم؟ وهل أصبح النظام العربي الرسمي مترهل لهذه الدرجة؟ وهل تم اعتقال الكرامة العربية والإسلامية وطعنها بخنجر إسرائيل حتى أن أطفال التي تمتلئ الأوعية التي بين أيديهم الباردة دموع الجوع والقهر والعالمين العربي والإسلامي لم يحرك ساكنا؟
وهل تحولت رؤية جولدا مائير لحقيقة عندما قالت سيأتي يوم على الشعوب العربية وتجد أن حكامها هم أبناء إسرائيل؟
أن ما يجري من تآمر عربي وصمت إسلامي على القضية الفلسطينية يجعلنا نؤمن بأن معظم صناع القرار لدينا هم أبناء إسرائيل فالصمت على الدماء الفلسطينية جريمة وتقديم المساعدة والعون والاشتراك في المشاريع الإسرائيلية ولو كانت تلبي مصالح بعض هذه الأنظمة خيانة إنسانية واخلاقية ويجب أن تنتفض الشعوب العربية لاستعادة البوصلة التي تعيد لهم كرامتهم المسلوبة.
وبالنظر للحالة اليمنية ولكل ما يعانيه اليمن من ضعف في شتى المجالات نتيجة سنوات العدوان العديدة عليه إلا أنه دخل مع الكيان الإسرائيلي وأمريكا، وبريطانيا حربا مفتوحة نصرة لفلسطين واستطاع أن يساهم وبقوة في تغيير موازين القوى على المستوى النظام الدولي وهذا يؤكده ما جاء من نائب قائد القوات المركزية الأمريكية بأن القتال ضد انصار الله في البحر الأحمر هو أكبر معركة خاضتها القوات البحرية الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية بالإضافة للعديد من التصريحات القادمة من البيت الأبيض ومعاهد الدراسات الأمريكية والبريطانية التي تؤكد فشل أمريكا وبريطانيا من إلحاق الضرر والهزيمة للسلاح اليمني الذي مازال يستهدف السفن الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية وخلال ٢٤ ساعة فقط استطاعت القوات اليمنية أن تقوم بأربع عمليات ناجحة منها استهداف السفينة البريطانية التي وحرقها واسقاط طائرة أمريكية كهذه العمليات تؤكد بأن اليمن يدق المسمار الأخير في نعش القائد الأمريكي ، فالمشاهد الموثقة القادمة من البحر الأحمر تؤكد انتهاء زمن التفوق الأمريكي وتقضي على غطرسته فالصواريخ اليمنية تطال سفنه وطائراته وهي على بعد أميال من قواعدها المدججة بالسلاح النوعي المتطور المنتشرة في الخليج العربي .
* باحثة في العلاقات الدولية – دمشق
* نقلا عن :السياسية