تصر الولايات المتحدة الأمريكية على الاستمرار في دعم الكيان الصهيوني لمواصلة جرائم الإبادة الجماعية في قطاع غزة.
ويتساءل الكثيرون: لماذا لا تلتفت واشنطن لأصوات الأحرار الذين يخرجون في مظاهرات متواصلة سواء في الولايات الأمريكية أو في عواصم دول العالم وتتحرك لإيقاف الحرب في غزة؟ ولماذا كل هذا الاندفاع لمناصرة الكيان الصهيوني على كافة المستويات العسكرية والسياسية والدبلوماسية وغيرها.
ولتوضيح الصورة أكثر وللبحث عن جواب للأسئلة أعلاه يقول أستاذ القانون الدولي المساعد بجامعة صنعاء الدكتور حبيب الرميمة إن الإصرار المستميت للولايات المتحدة الأمريكية في دعم الكيان الصهيوني لمواصلة جرائمه بحق المدنيين في قطاع غزة، ينطلق من الالتزام العقائدي لمشروع الصهيونية العالمية "حماية إسرائيل وإنشاء ما يسمى إسرائيل الكبرى ضمن ما تقرره النصوص التلمودية التي تشعل مخيلتهم".
ويضيف: "ومن ثم فإن التزام الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا على وجه التحديد له أبعاده العقائدية منذ قرون، وما تكشف في هذه المرحلة هو فقط نتيجة لوعي الشعوب، وهذا ما شدد عليه السيد القائد- يحفظه الله- في أحد خطابته، ولا يمكن قراءته إلا من هذا المنطلق فقط.
ويرى أن الرئيس الأمريكي بايدن الذي أعلن عن صهيونيته بكل وضوح بعد طوفان الأقصى، وكذا وزير خارجيته، والثمن الكبير الذي دفعته وتدفعه الإدارة الأمريكية، في تحطيم صورتها السياسية والإنسانية- خصوصاً ما يتعلق بحقوق الإنسان- ليس على مستوى المظاهرات لمعظم شعوب العالم ضدها، وإنما أيضاً السخط الشعبي التي عبرت وتعبر عنه مظاهرات السخط في نيويورك ولندن، بالإضافة إلى ذلك الثمن الباهظ الذي تدفعه أمريكا وبريطانيا في الجانب الاقتصادي والتأثير السلبي الكبير على اقتصاد البلدين بسبب ارتفاع تكلفة التأمين والنقل والشحن، ومع ذلك لم يلقيا لهذه العوامل السياسية والاقتصادية والإنسانية أي بال في تراجعهما عن دعم الكيان.
ويؤكد الدكتور الرميمة أن مبررات الإدارة الأمريكية التي نسمع عنها في الانسحاب من مناطق نزاع معينة مثل العراق وأفغانستان هي الاستجابة للضغوط والانتقادات المتعلقة بحقوق الإنسان، والحفاظ على مكانتها في هذا المجال باعتبار أنه يتعارض مع "القيم الأمريكية"- حسب زعمها- وأيضاً تراجعها في ملفات أخرى عالمية بمبررات عدم الإضرار بمصالحها الاقتصادية كما هو الخلاف مع الصين حول تايوان.
إلا أن هذين العاملين وغيرهما -بحسب الدكتور الرميمة- لم تلق له أي اعتبار فيما يتعلق بدعمها للكيان الصهيوني خصوصاً بعد طوفان الأقصى، لنصل إلى النتيجة المنطقية أن الاعتبار العقائدي الذي يسير الإدارة الأمريكية أقوى من أي اعتبارات ومسميات أخرى، مثل الإمبريالية كنظام اقتصادي، وما تمخض عنها من مسميات كالاقتصاد الحر، والعولمة- وإن كان هذا الأخير ينظر إليه الكثير أنه يأخذ بعداً ثقافياً أكثر منه اقتصادياً، وكذا الالتزام بالشرعة الدولية والشرعة الدولية لحقوق الإنسان، والعدالة والحرية، مشيراً إلى أن كل تلك المسميات الصنمية التي دأبت أمريكا وبريطانيا بلورتها أكلتها في سبيل دعم الصهيونية العالمية كمصطلح عقائدي قديم يعني بأبسط معانيه العودة إلى جبل صهيون، وفق الدكتور الرميمة.
تجاهل عن قصد
وعن السبب الرئيسي وراء تجاهل أمريكا لنداءات شعوب العالم المطالبة بوقف العدوان الاسرائيلي في غزة يقول الدكتور خالد يحيى علي العماد رئيس قسم علم الاجتماع بجامعة صنعاء إن صانع القرار في الحكومة الأمريكية هو اللوبي الصهيوني اليهودي، وبالتالي فإن أمريكا هي الداعم الأول لجرائم العدو الصهيوني في غزة، وهي من تمول عسكرياً وسياسياً واقتصادياً الكيان الصهيوني، مؤكداً أن أمريكا تتجاهل نداءات شعوب العالم عن قصد، فأمريكا تاريخها حافل بالإجرام، كما أن جرائمها باقية وشاهدة إلى اليوم في فيتنام وأفغانستان وسوريا والعراق واليمن، والكثير من دول العالم.
ويؤكد الدكتور العماد في حديث خاص "المسيرة" أن الإدارة الأمريكية الصهيونية أبادت سكان أمريكا الأصليين، والبالغ عددهم خمسين مليوناً، محذراً شعوب العالم بأن لا تغتر بديمقراطيتها الزائفة، ومشيراً إلى أن من يراجع نشأة دولة الولايات الأمريكية يجدها عبارة عن عصابات قدمت من معظم دول أوروبا، فأمريكا عمرها 250 سنه، وقضت 95% من عمرها في ارتكاب الجرائم والحروب، ولهذا فهي لا تؤمن بالحق التاريخي لأي دولة، كونهم لا تاريخ لهم ولا قيم وعادات وتقاليد أصيلة، ولهذا فهي اليوم ضعيفة جداً وقد هزمت في اليمن، وقد وصفها الشهيد القائد بأنها قشة.
مهمة صهيونية
وتتضح معالم المخطط الأمريكي الصهيوني يوماً بعد يوم، فهو يهدف إلى إبادة وقتل المزيد من الفلسطينيين ودفعهم إلى أن يغادروا مكرهين أرضهم ليتمكن الصهيوني من احتلالها وتصفية القضية الفلسطينية، وهو ما بات معلناً وتشارك فيه للأسف الكثير من الأنظمة العربية الخائنة والمرتهنة.
وفي هذا يقول الناطق الرسمي باسم وزارة حقوق الانسان سند الصيادي: "لقد وقفت الولايات المتحدة أمام الارادة الشعبية الدولية التي عبرت عن نفسها بحشود مليونية اجتاحت معظم عواصم ومدن العالم، تضامناً مع أبناء غزة والمناطق الفلسطينية المحتلة، ومطالبة بوقف العدوان الصهيوني ، وادخال المساعدات، وتحدت الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومجلس الأمن والمنظمات والهيئات الحقوقية والانسانية، وتمادت في عدوانها المباشر وغير المباشر على الفلسطينيين من خلال الدعم العسكري والسياسي الذي توفره للإدارة الصهيونية الغاصبة، ولهذا فقد أظهر العدوان الإسرائيلي الأمريكي المستمر على غزة الوجه الحقيقي للإدارات الامريكية المتعاقبة ، وبأنها عدو الأمة والانسانية أجمع.
ويؤكد الصيادي في تصريح خاص لصحيفة "المسيرة" أن أمريكا لا تريد إيقاف العدوان الإسرائيلي وتريد استمرار الاحتلال في مهمته الصهيونية، المتمثلة في انهاء الشعب الفلسطيني واستكمال السيطرة على فلسطين المحتلة، موضحاً أن الولايات المتحدة الأمريكية وإدارتها تدعم الاحتلال الإسرائيلي إلى أقصى درجة، ويعتبرون تل أبيب الولاية رقم 51 وليس حليفاً كما يعتقد البعض.
ووفق الصيادي، فان الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي – رضوان الله عليه- قد أكد أن أمريكا تمثل رأس الصهيونية العالمية وما الكيان الغاصب إلا مشروع أمريكي غربي، وأشار السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي – يحفظه الله- إلى ذلك في أكثر من خطاب، وجاءت الشواهد والمعطيات والأحداث الراهنة لتعزز هذه الحقيقة ولتؤكد عظمة الشعار والمنهج الذي جاءت به المسيرة القرآنية في تشخيصه وفي دوافعه.
*نقلا عن : المسيرة نت