د. فؤاد عبدالوهَّـاب الشامي *

حربُ غزة تدخُلُ شهرَها الثامنَ، وبالرغم من المآسي التي يتعرَّضُ لها سكانُ غزة إلَّا أن هذه الحربَ ساهمت في كشف قضايا عديدة توضح أن الدول التي تتألم لحقوق المثليين والمنظمات التي من صميم عملها رفع الظلم عن المدنيين، كُـلّ أُولئك توقفوا أمام جرائم غزة ووضعوا الغطاء على أعينهم ولم يروا إلَّا حق الكيان الصهيوني في الدفاع عن نفسه أمام مدنيي غزة.

واليوم نرى طلاب الجامعات في العالم يقفون إلى جوار مظلومية الفلسطينيين، والمفاجأة الكبيرة هي المطالب التي رُفعت في التظاهرات والاعتصامات الطلابية، والتي من أهمها المطالبة بقطع علاقات الجامعات التي ينتمون إليها بالكيان الصهيوني، وسحب الاستثمارات الجامعية من المؤسّسات التي ترتبط بالكيان الصهيوني.

والمفاجئ في هذا الموضوع أن معظم الجامعات الكبيرة في العالم لها ارتباطات بحثية أَو استثمارية مع المؤسّسات الصهيونية، ومن المفترض أن الجامعات في الغرب تأتي في طليعة من ينادي بحماية حقوق الإنسان والحفاظ على الحريات العامة، ومنها حق التعبير عن الرأي، وفي مواقف عديدة رأينا الجامعات الغربية تقطع علاقاتها مع جامعات في دول العالم الثالث بشبهة انتهاك حقوق الطلاب أَو أنها تدعم حاكماً مستبداً، وتصدر البيانات والإدانات التي تدين أي تصرف تقوم به جامعة ما في أية دولة ينتهك حقوق الطلاب.

وجاءَت حرب غزة لتكشف لنا أن الجامعات الكبرى ذات السمعة الأكاديمية الرفيعة تدعم الكيان الصهيوني بالأموال عن طريق الاستثمار في مؤسّساته وأنها تساعده في تطوير أسلحة ومعدات يستخدمها في إبادة الأبرياء من نساء وأطفال، وكان من المتوقع أن يصدر عن بعض من تلك الجامعات تبريرات أَو اعتذارات عن تلك الممارسات، ولكن ما حدث هو العكس فقد أصر مسؤولو الجامعات في أُورُوبا وأمريكا على عدم قطع العلاقات مع الكيان الصهيوني أَو كشف مقدار الاستثمارات التي تستثمرها تلك الجامعات في مؤسّسات ذلك الكيان، ولم تكتف بذلك بل استدعت بعض الجامعات الشرطة لفض التظاهرات والاعتصامات الطلابية في ساحات الجامعات، وقامت الشرطة باستخدام القوة المفرطة في حق الطلاب وفي حق بعض أساتذة الجامعة، وكان الأحرى بمسؤولي الجامعات أن يتحاوروا مع الطلاب لمعالجة القضايا المطروحة؛ باعتبَار أن الجامعات في الغرب تضم النخب السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولكن كان للمال الكلمة الفصل في الموضوع خَاصَّة إذَا علمنا أن الجامعات الأمريكية تملك ما يقارب ترليون دولار، وجامعة هارفرد وحدها تملك 40 مليار دولار، أغلبها استثمارات في الكيان الصهيوني.