عبدالرحمن مراد
طباعة الصفحة طباعة الصفحة
RSS Feed مقالات ضدّ العدوان
RSS Feed
عبدالرحمن مراد
التحكم في مقاليد الثورة والمستقبل
البنية الثقافية اليمنية.. “رؤية تحليلية”
عالم اليوم من منظور عقلاني
حواراتُ السلام في المنطقة
ملامح المرحلة وطبيعة المعركة
معيارُ القوة في الوجود الإسرائيلي
عن العدو وتفكيك خطابه
مبدأ الخيانة في معيار التاريخ
المعرفة القوة الحقيقية في المستقبل
معادلةُ البنك بالبنك والمطار بالمطار

بحث

  
الوحدة الإنسانية المشتركة
بقلم/ عبدالرحمن مراد
نشر منذ: 5 أشهر و 15 يوماً
الجمعة 07 يونيو-حزيران 2024 12:17 ص


يحدث اليوم في عموم الجغرافيا اليمنية عملية ثقافية تحفيزية تهدف على إكساب المجتمع هوية إيمانية وثقافية وحضارية مضافة وهي تعتمد اعتمادا متزايدا على مختلف الجماعات بهدف الوصول للوحدة المشتركة أو الإحساس بها في ظل ما يتعرض له الإسلام من هجوم ومن تشويه متعمد ويفترض أن يحمل شلال الإيحاء المتدفق من بين حروفها مشروعا نهضويا كبيرا يصنع من الفكرة الدينية مشروعا سياسيا واعيا وقادرا على إحداث التحولات وتحريك عجلتها، وهذا ما يفترض أن تدل عليه رموز وإشارات خطاب السيد العلم قائد الثورة السيد عبد الملك الحوثي .
قضيتنا الكبرى اليوم هي الوصول إلى وحدة إنسانية مشتركة، ولا نستطيع ذلك إلا من خلال الفنون، وقد يشكل النشاط الثقافي ركيزة أساسية للوصول إلى ذلك، فالمولد مثلا لا يعني تظاهرات شكلية ولكنه يعني مسارا ونسقا ثقافيا يعيد ترتيب النظام العام والطبيعي ويعيد البناء لمواجهة العدو الذي يتربص بنا الدوائر وغاية مقاصده تفكيك البنى الثقافية وفصل الأمة عن رموزها ومرجعياتها الفكرية والثقافية والإيمانية حتى يسهل عليه فرض ثنائية الهيمنة والخضوع عليها، وقد فعل ذلك بالقياس إلى حركة التطبيع التي تجري مع الكثير من الأنظمة العربية اليوم في عموم الوطن العربي .
وعلينا أن ندرك أنه في اليمن ومنذ بداية تسعينيات القرن الماضي بدأت حركة الانفتاح السياسي الذي تظافرت في تعزيز حركته ووجوده عدة عوامل دولية كانهيار المنظومة الاشتراكية، وإقليمية كحرب الخليج، ووطنية وتتمثل في تحقيق الوحدة الوطنية والسياسية بين شطري اليمن، ومن خلال هذه المتغيرات دخلت عدة مفاهيم جديدة في القاموس السياسي اليمني كالوحدة، والتوافق، والتناوب، والشراكة الوطنية، والعدالة الانتقالية، كما لوحظ الإقبال المكثف على توظيف بعض المفاهيم الجديدة كالحداثة، والتحديث، والديمقراطية، المجتمع، المواطنة، الحريات، حقوق الإنسان …إلخ، ومن اللافت للنظر أن توظيف تلك المصطلحات كان يتم دون نظر أو تدقيق أو حرص من أرباب السياسة أو جماعة صناعة الخطاب السياسي أو المؤسسات ومراكز الدراسات التابعة للمنظومة السياسية وقد ترك ذلك الإهمال ظلالا قاتمة على المفاهيم بعد الصراع الذي عاشته وتعيشه اليمن منذ عام 2007م إلى اليوم الذي تشهد فيه شيوع المفاهيم الملتبسة مثل الاستقلال والحرية والسيادة والتحرير …الخ، فالصراع يترك ظلالا قاتمة على المصطلح وقد يحدث التباسا بغية الوصول إلى انهيار النظام العام والطبيعي وقد حدث ذلك من حيث يدري أرباب السياسة ومن حيث لا يدرون، إذ أن الفجور في الخصومة السياسية يحدث انهيارا قيميا وبالتالي تهديدا واضحا للنظام العام والطبيعي دون مراعاة لأي اعتبارات، إما عن جهل أو غباء سياسي مفرط، أو التباس في مفهوم المواطنة .
لقد وصلنا إلى مرحلة تاريخية فاصلة في اليمن لا بد لنا من الوقوف أمامها بقدر واعٍ من المسؤولية الأخلاقية والمعرفية، فالصراع اليوم لم يعد صراعا عاديا بل يستخدم سيل المعلومات للوصول إلى أهدافه، وقد تكون أهدافه هدم المفاهيم وتغيير المصطلحات وتفكيك النظم المعرفية حتى يصل الخصم إلى حالة التيه، ولذلك فالانتصار في مثل معارك اليوم يبدأ من خلال ضبط المفاهيم وتحديد أبعادها النفسية والأخلاقية والمعرفية فهي محك القيمة الفردية والمجتمعية، ومحك المواطنة الحقة من غيرها، كما أن السلاح التقليدي لم يعد كافيا وحده في إدارة المعارك، فالفنون كما في الحالة التركية تدير مشروعا استعماريا توسعيا ناعما تستخدم الدراما فيه والسياسة والاقتصاد وها هي تتمكن من تثبيت قدمها في العمق العربي بطرق ناعمة، فهي تتواجد في جزيرة سواكن بالسودان دون أن تثير ضجيجا وتتواجد بقطر بغباء قادة الصحراء العربية، وتتواجد بالبحر الأحمر والعربي برضا المجتمع الدولي، فالصراع اليوم ليس كما في أمسه فهو مختلف جدا، فالصراع والانتصار فيه يعتمد على قدرة الدول في توظيف الانفجار المعرفي بما يخدم مصالحها، ولذلك فبناء الفرد وتفجير قدراته وطاقاته من أهم الاستثمارات في هذا الزمن، وذلك من خلال تحديد مفهوم الوطنية والمواطنة وفق قيم وأسس التطورات الحضارية الحديثة وبما يكفل مواطنا واعيا مستقرا نفسيا واجتماعيا من خلال توفر حاجاته البولوجية الأساسية، ومن خلال شعوره بالعدالة الاجتماعية، وتكافؤ الفرص، وهي عوامل تعزز من الانتماء وتشد من العزائم لتفجير الطاقات بصورة إيجابية وليس سلبية .
لكل مرحلة من تاريخ المجتمعات مفاهيمها الخاصة التي تؤطر طريقة تفكير الأفراد والجماعات، وتحدد هوية وطبيعة العلاقات بينهم، ولا تكاد تقتصر جدلية الفكر واللغة على إنتاج مفاهيم جديدة تستجيب للتحولات التي تطرأ على علاقة الفكر بالأشياء وبالعالم بل تعمل على تحسين المحتوى العام للمفردات وتحسين المفاهيم في اتجاه توسيع المحتوى الدلالي أو تضييقه أو تعديله بشكل من الأشكال.
ولذلك نقول: إن المعركة الثقافية اليوم لا تقل شأنا عن المعركة العسكرية ولا بد لنا من خوض غمارها بقدرة كبيرة حتى نحقق الانتصار الذي نرغب ما لم فنحن ندور في دوائر مفرغة لا قيمة لها في الواقع ولا أثر لها في المستقبل، فدوائر التطور متعددة وتشمل إلى جانب الدين العقل والفن ولا بد من التوازن بين الدوائر حتى لا تطغى دائرة على أخرى فيكون الصراع تعبيرا عن النقص لا استقرارا من توازن الكمال بينهم.
فالإسلام رسالة متجددة وليس قالبا جامدا، وهو فكرة ثورية، والفكرة الثورية التي قادها الرسول الأكرم أحدثت تحولا وتبدلا ما زال يذهل المفكرين إلى اليوم والذين جعلوا الإسلام كهنوتا وحالة تسلط جماعات على أخرى تأثرا بما دخل على الإسلام من ثقافات لم يفلحوا بل ساهموا في تراجع فكرة الثورة وأثرها في واقع البشر بل كانوا سببا جوهريا ومباشرا في حالة التخلف والتراجع الحضاري للعرب والمسلمين وهو حال من الذل والهوان يعانونه اليوم كما هو مقروء في الواقع، وعلينا أن نقف عند هذه الفكرة حتى نعيد ترتيب نسقها بما يتوافق مع القيم الثورية الحقة فنحن في سياق مفهوم ثوري يستمد طاقته من الدين الحنيف ولا بد لنا من فهمه والتفاعل مع المعرفة في مستوياتها المتعددة الحديثة حتى نترك أثرا في الحضارة المعاصرة .

*نقلا عن :الثورة نت

تعليقات:
    قيامك بالتسجيل وحجز اسم مستعار لك سيمكنكم من التالي:
  • الاحتفاظ بشخصيتكم الاعتبارية أو الحقيقية.
  • منع الآخرين من انتحال شخصيتك في داخل الموقع
  • إمكانية إضافة تعليقات طويلة تصل إلى 1,600 حرف
  • إضافة صورتك الشخصية أو التعبيرية
  • إضافة توقيعك الخاص على جميع مشاركاتك
  • العديد من الخصائص والتفضيلات
للتسجيل وحجز الاسم
إضغط هنا
للدخول إلى حسابك
إضغط هنا
الإخوة / متصفحي موقع الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره نحيطكم علماُ ان
  • اي تعليق يحتوي تجريح او إساءة إلى شخص او يدعو إلى الطائفية لن يتم نشره
  • أي تعليق يتجاوز 800 حرف سوف لن يتم إعتماده
  • يجب أن تكتب تعليقك خلال أقل من 60 دقيقة من الآن، مالم فلن يتم إعتماده.
اضف تعليقك
اسمك (مطلوب)
عنوان التعليق
المدينة
بريدك الإلكتروني
اضف تعليقك (مطلوب) الأحرف المتاحة: 800
التعليقات المنشورة في الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر عن رأي الموقع   
عودة إلى مقالات ضدّ العدوان
مقالات ضدّ العدوان
إيهاب زكي
مشاهد من غزة: الهزيمة ليست ثقافة فلسطينية
إيهاب زكي
شارل أبي نادر
هل تكون عملية "الكوش" إحدى صور المواجهة الواسعة؟
شارل أبي نادر
رشيد الحداد
الشراكة اليمنية - العراقية تسري: أولى العمليات المشتركة ضد «حيفا»
رشيد الحداد
محمد محسن الجوهري
المسيرات الشعبية تُحبط مؤامرات "التطبيع" على غزة
محمد محسن الجوهري
طه العامري
صنعاء.. القرار والموقف
طه العامري
رشيد الحداد
انسحاب مدمّرة يونانية من «الأحمر»: صنعاء تستهدف 3 سفن
رشيد الحداد
المزيد