1 عادة عن تحليل أي خطاب من الخطابات لابد من منهجية علمية تعتمد على منهجية تسمى "تحليل الخطاب، وتحليل المضمون" والتي لديها عناصر هامة في فهم آلية التحليل منها:
1 – القواعد والأعراف الثقافية المستخدمة في الخطاب
2 – أغراض وتأثيرات اللغة داخل الخطاب
3 – كيف يتم توصيل القيم والمعتقدات والافتراضات عبر الخطاب
4 – كيف يتم استخدام اللغة بسياقها الاجتماعي والسياسي والتاريخي ضمن الخطاب
والسيد القائد دائما ما تكون خطابته ململة بكل هذه الجوانب وخاصة أن لها ميزات هامة منها:
1 – اللغة دائما السيد القائد يستخدم لغة قرآنية مشبعة بالقواعد القرآنية مليئة بالدين والقيم الإيمانية مستخدما أيات قرأنية في خطابه بشكل مستمر ومتكرر
2 – ربط هذه اللغة بالسياق السياسي والاجتماعي والتاريخي نرى السيد القائد حفظه الله يتناول قضايا محلية ثم أقليمية ثم دولية وهذا أصبح من السمات الأساسية لأي خطاب للسيد القائد منذ طوفان الأقصى وحتى اليوم.
3 – الغرض من الخطاب بشكل مستمر في أحد أوجهه السيد القائد حفظه الله يسعى إلى دفع الناس إلى تحمل المسئولية الملقاة على عاتقهم على المستوى الوطني والأقليمي والدولي
4 – التأكيد على مبدأ الوحدة الإيمانية بين كل مكونات الشعوب الإسلامية فهو يتحدث عن فلسطين القضية الجمعة إلى جنب (لبنان، والعراق، وإيران، وغيرها من الدول) تأكيد على هذا المبدأ تنفيذا لتوجيهات القرآن الكريم (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا)
ولو عدنا إلى خطاب يوم أمس لوجدنا كثير من القضايا التي تناولها السيد القائد حفظه الله، مثل جبهة جزب الله، جبهة المقاومة العراقية، جبهة الصمود الفلسطيني في غزة، الجبهة اليمنية وغيرها، إلا أني اجد نفسي مضطرا لتنوع الخطاب أن أركز على قضية واحدة من هذه القضايا ضمن هذا المقال البسيط وهي قضية التأثيرات الاقتصادية على الكيان الإسرائيلي والأمريكية والبريطانية (ثلاثي الشر) فلو نظرنا إلى هذا الجانب سنجد الكثير من التحليلات عند حجم هذا التأثير كأحد أوجه تأثيرات الجبهة اليمنية (عسكرية، استراتيجية، اقتصادية وهو ما سيتم تناوله في هذا المقال)
في مقال مهم عن مسئولون في المخابرات الإمريكية يقولون بأن" هجمات – الحوثيين- على السفن التجارية في البحر الأحمر أدت إلى انفخاض بنسبة 90% في شحن الحاويات عبر المنطقة – البحر الأحمر – بين شهري ديسمبر وفبراير"
هذا التقييم قام به وكالة الاستخبارات الدفاعية الأمريكية التابعة للبنتاجون.
لماذا هذا التأثير:
1 – ثلاثي الشر كلها دول بحرية تعتمد على البحر في الاستيراد أو في نقل البضائع منها وإليها فالكيان الإسرائيلي دولة مستورة هي وبريطانيا لكل احتياجاتها في دول شرق أسيا (الصين، اندونيسيا، ماليزيا، الهند، كوريا الجنوبية، هونج كونج، اليابان، سنغافورا، وغيرها) وهي محل التصنيع في القرن الحديث والبضائع لديها رخيصة ومحل للاستثمارات الدولية من كل دول العالم ورجال الأعمال، اضف إلى ذلك بأن أمريكا تعتمد على البحر في نقل البضائع إلى أوروبا أو دول الخليج العربي والعالم الإسلامي وكذلك نقل النفط من أمريكا وإليها فمن الممكن القول بأن البحر يشكل العصب الحيوي بالنسبة لثلاثي الشر.
2 – الإنكماش الأقتصادي بسبب العدوان على قطاع غزة فقد بلغ هذا الانكماش نسبة عالية في إقتصاد الكيان الإسرائيلي يحث بلغ 22% حيث هناك أثار عدة لذلك منها:
- انخفاض الطلب الإجمالي بسبب تراجع الاستهلاك والاستمثار فقد هرب أغلب المستثمرين من الكيان وخفضت أغلب الشركات من الاستثمار فيه.
- أرتفاع أعداد الشركات التي تكون في حالة افلاس بسبب انخفاض الطلب لبضائعها.
- أرتفاع معدلات البطالة بسبب تسريح العمال كما حدث في ميناء أم الرشراش (إيلات)
- انخفاض قيمة الأسهم (الأصول) بسبب انحسار نشاط المضاربة
- أنخفاض معدلات الإيرادات الضريبية بسبب تراجع الأرباح للشركات في الكيان وبريطانيا.
3 – التضخم على مستوى الأسعار فالبضائع المستورة عبر البحر بلغ التضخم فيها أعلى مستوياته سواء للشاي في بريطانيا أو الفواكه والخضار في الكيان الإسرائيلي حيث بلغ مستوى التضخم بحدود 40% لأسباب منها والوقت الطويل التي تقضيه السفن للوصول إلى بريطانيا والكيان الإسرائيلي وتأخير تسليم البضائع ، أرتفاع مستوى تكاليف التأمين البحري على السفن، أرتفاع مستويات النقل حيث أرتفع إلى 300% فقط بلغ متوسط الحاويات المستورة إلى مبلغ (4615 دولار أمريكي)(
[1]) بينما كان قبل العدوان بحدود (900 دولار) كحد أقصى، وأيضا أرتفاع أسعار النفط العالمي بسبب عدم مرور سفن الوقود عبر البحر الأحمر، كل هذه العوامل أدت إلى مستوى تضخم حقيقي وتبلع أي زيادات في المرتبات التي يقوم بها الكيان الإسرائيلي بالنسبة للمستوطنين الصهانية.
خلاصة الأمر بأن أمريكا تأثرت من حيث (أسعار النفظ، التجارة الدولية) تأثير متوسط، وبريطانيا (تكاليف الشحن والتأمين، والأمن الأقتصادي) تأثير واضح على التضخم، والكيان الإسرائيلي (التجارة، والملاحة، والسياحة، والاستثمار) تأثير كبير جدا على كل المستويات.
عبدالملك محمد عيسى
أستاذ علم الاجتماع السياسي المشارك – جامعة صنعاء