ناصر قنديل
طباعة الصفحة طباعة الصفحة
RSS Feed مقالات ضدّ العدوان
RSS Feed
ناصر قنديل
الأمريكي لا يملك خطة
اللعب على حافة الهاوية يرفع احتمال الحرب
فجأة.. اتفاقات.. فما الحكاية؟
اليمن سيد البحار والأجواء
من حزيران 67 إلى حزيران 2024
طلاب أمريكا وغزة يُسقطون نظريّات الفلاسفة
الإبهار الإيراني يقلب معادلات الردع الاستراتيجيّة
السيد عبدالملك الحوثي هو المفاجأة وليس اليمن
السيد عبدالملك الحوثي هو المفاجأة وليس اليمن
اليمن أول تحدٍّ عسكريّ استراتيجيّ للبنتاغون

بحث

  
حرب العقول بين المقاومة والاحتلال
بقلم/ ناصر قنديل
نشر منذ: 4 أشهر و 8 أيام
الثلاثاء 16 يوليو-تموز 2024 06:28 م


لم ينتبه الكثيرون لما حمله طوفان الأقصى من حقائق جديدة في مسيرة تراكمية للنجاحات والإنجازات التي تحققها المقاومة، وقد جاءت حرب الشهور التسعة التي أعقبت الطوفان لتحمل تأكيداً للكثير من معانيه وأبعاده، بعدما نجحت المقاومة في تحويل الحرب إلى استنزاف للاحتلال، تأقلم معها المقاومون، وتدبّروا أمورهم، بحيث حسم أمر فشل الاحتلال في تحقيق أي من أهداف حربه، الى غير رجعة، ويدور القتال حول حجم الهزيمة التي سوف يُمنى بها الاحتلال، وحجم النصر الذي سوف تكتبه المقاومة.
في هذه الحرب الدائرة في غزة ومثلها التي تدور رحاها على حدود لبنان الجنوبية وصولاً الى عمق كيان الاحتلال، تأكيد للأبعاد والمعاني ذاتها، سواء لجهة فشل الاحتلال في إسكات الجبهة، أو في فصلها عن هدفها كجبهة إسناد لغزة خصوصاً في مسار التفاوض، وصار مأزق الاحتلال الذي تسبّبت به المقاومة، سواء عبر تهجير المستوطنين أو تجميد جزء هام وحيوي من جيش الاحتلال لجبهة لبنان بدلاً من إرسال هذه الوحدات للقتال في غزة، وصولاً إلى التحدي اليومي المذلّ والمهين لمهابة القوة التي كان يتباهى بها هذا الجيش، ومثل هذه الجبهة حال الجبهة اليمنية والجبهة العراقية، سواء لجهة فشل محاولات الفصل او الإسكات، أو نجاح المقاومة بخلق تحديات جديدة على كيان الاحتلال لا قدرة على التخلص منها إلا بوقف الحرب على غزة.
في النظر للتفوّق الذي تظهره المقاومة في هذه الحرب، يثبت بما لا يقبل النقاش، أن إنجازات طوفان الأقصى لصالح صورة المقاومة وقوتها ومقدراتها، بعدما كان الانطباع الذي وقع أسره الكثيرون، هو أن إنجازات الطوفان تعود لعنصر المفاجأة من طرف المقاومة، وليس إلى عناصر تتصل بالكفاءة والمهارة والقدرة على التخطيط وإتقان التنفيذ، وقد تمّ تغييب كل هذه العناصر في تقييم الطوفان ولاحقا تقييم الحرب، والاكتفاء بثنائية تلاحق المقاومة منذ نشأتها، وفي كل الميادين، وقوامها أن عنصري المفاجأة والقدرة على التضحية، هما مصدرا قوة المقاومة.
كان مفهوماً في بدايات تجربة المقاومة التركيز على قدرتها على تقديم التضحيات، وقدرة جسمها على تحمل بذل الدماء، وتسليم بيئتها الشعبية الحاضنة والداعمة بتقبل الكلفة المترتبة على المقاومة كخيار. وقد خرج عدد من المنظرين العسكريين يتحدّثون عن قوة المقاومة كثمرة لاستعداد شبابها للموت، وسقف ما يملكه أي جيش هو التهديد بالموت، فكيف تهدّد عشاق الموت به، وربما يكون قد نتج عن هذه النظرية الحديث عن ثقافة الموت، ومناهضة المقاومة بالحديث المعاكس عن ثقافة الحياة؛ بينما تجربة المقاومة تقول إنها في كل مسيرتها لن تسجل رقم المئة من الاستشهاديين، بل إنها في آخر حروبها مع الاحتلال والإرهاب في لبنان وسورية لم تلجأ الى هذه العمليات لانعدام الحاجة لها، والمقاومة تؤمن بالحياة وتحب الحياة، لكنها لا تهاب الموت ولا تخشاه عندما يكون تضحية فردية واجبة لتحيا أمة وينهض وطن، وتُحمى الأرض ويُصان العرض.
أظهر الطوفان وما تلاه على جبهات القتال، أن حركات المقاومة انتصرت في أكثر من حرب على كيان الاحتلال، وهي طبعاً كسبت عليه حرب التضحية، وربحت عليه حرب الروح المعنوية، لكن هاتين لا تختصران المقاومة ولا تفسّران تفوقها، فقد ربحت المقاومة أولاً وأصلاً حرب العقول، ومن ضمنها حرب الرواية، سواء لمفهوم الحق الفلسطيني أو لوقائع الحرب والميدان، رغم عدم امتلاكها إمكانيات إعلامية تتيح التفكير بتحدي الآلات الإعلامية العملاقة المكرسة للترويج لرواية الاحتلال.
في حرب العقول عناوين عديدة تجلى فيها تفوق المقاومة، فقد خططت المقاومة تصوراً معيناً لاجتياح غلاف غزة، ونفذت خطتها بنجاح واضح ومبهر، وخطط الاحتلال لاحتلال غزة وسحق المقاومة فيها، وهو يغرق في وحول حربه ومستنقعات الهزيمة كل يوم أكثر. وفي حرب العقول نجحت المقاومة في تفكيك شيفرات منظومات الحماية حول غلاف غزة واختراقها، بينما فشل الاحتلال في امتلاك خريطة واحدة لأنفاقها، ونجحت المقاومة بكتمان خطتها لغلاف غزة شهوراً طوال بحيث أصيب الاحتلال بالذهول والمفاجأة عند حدوث الطوفان. وفي تقنيات الأسلحة والخطط الحربية ظهرت المقاومة، في جنوب لبنان كقوة تكنولوجية متفوقة، خصوصاً في مجال التلاعب بالقبة الحديدية وتقنياتها، وتأمين المرور الآمن لطائراتها المسيرة وصواريخها، وصارت الحرب بين رجلين يجلس كل منهما أمام شاشة، واحد يتحكّم بالقبة الحديدية وصواريخها، والثاني يتحكم بالطائرات المسيّرة وخط سيرها، وحتى الآن يبدو واضحاً، أن صاحب الطائرات هو مَن يربح.
في حرب العقول تطوير الأسلحة، وها هي قذيفة الـ 105 وعبوة الشواظ تنتصران على أجيال الميركافا الأربعة، بما في ذلك ناقلة الجنود النمر، بينما تخرج المقاومة في لبنان كل يوم من ترسانتها أحد أسلحتها الجديدة التي صنعتها وطوّرتها، فتصيب العدو والصديق بالذهول، وها هي تسجيلات الهدهد الأول والثاني، تقول إذا لم تكن هذه حرب عقول فهي حرب ماذا إذن؟
والإنجاز كله فعل عقلي لا مكان للعضلات ولا التضحيات ولا المعنويات دور في صناعته، إلا من زاوية روح الإنسان الذي يستخدم عقله بطريقة مختلفة عن عدوه.
من حق المقاومة والمقاومين التركيز على هذا التفوق في حرب العقول، لأن الانتصار في الحرب ليس فقط انتصاراً للدم على السيف، بل انتصار لعقل يتقن إحدى التكنولوجيات ويقوم بصناعتها، ويتفوق على عدو تفرّد لعقود بهذه الميزة.
*رئيس تحرير صحيفة البناء اللبنانية

*نقلا عن :الثورة نت

تعليقات:
    قيامك بالتسجيل وحجز اسم مستعار لك سيمكنكم من التالي:
  • الاحتفاظ بشخصيتكم الاعتبارية أو الحقيقية.
  • منع الآخرين من انتحال شخصيتك في داخل الموقع
  • إمكانية إضافة تعليقات طويلة تصل إلى 1,600 حرف
  • إضافة صورتك الشخصية أو التعبيرية
  • إضافة توقيعك الخاص على جميع مشاركاتك
  • العديد من الخصائص والتفضيلات
للتسجيل وحجز الاسم
إضغط هنا
للدخول إلى حسابك
إضغط هنا
الإخوة / متصفحي موقع الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره نحيطكم علماُ ان
  • اي تعليق يحتوي تجريح او إساءة إلى شخص او يدعو إلى الطائفية لن يتم نشره
  • أي تعليق يتجاوز 800 حرف سوف لن يتم إعتماده
  • يجب أن تكتب تعليقك خلال أقل من 60 دقيقة من الآن، مالم فلن يتم إعتماده.
اضف تعليقك
اسمك (مطلوب)
عنوان التعليق
المدينة
بريدك الإلكتروني
اضف تعليقك (مطلوب) الأحرف المتاحة: 800
التعليقات المنشورة في الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر عن رأي الموقع   
عودة إلى مقالات ضدّ العدوان
مقالات ضدّ العدوان
محمد محسن الجوهري
نموذج "القدوة" في الإسلام وعواقب انحرافه
محمد محسن الجوهري
رشيد الحداد
«أنصار الله» تحدّث بنك أهدافها: عتبة انفجار بين صنعاء والرياض
رشيد الحداد
يحيى المحطوري
لماذا نحيي ذكرى عاشوراء؟!
يحيى المحطوري
طاهر محمد الجنيد
رهان تفكيك الوطن العربي أساس لضمان أمن إسرائيل
طاهر محمد الجنيد
محمد صالح حاتم
مسارات التغيير
محمد صالح حاتم
عبدالفتاح علي البنوس
مجزرة المواصي .. ومسرحية ترامب
عبدالفتاح علي البنوس
المزيد