عبدالرحمن مراد
طباعة الصفحة طباعة الصفحة
RSS Feed مقالات ضدّ العدوان
RSS Feed
عبدالرحمن مراد
التحكم في مقاليد الثورة والمستقبل
البنية الثقافية اليمنية.. “رؤية تحليلية”
عالم اليوم من منظور عقلاني
حواراتُ السلام في المنطقة
ملامح المرحلة وطبيعة المعركة
معيارُ القوة في الوجود الإسرائيلي
عن العدو وتفكيك خطابه
مبدأ الخيانة في معيار التاريخ
المعرفة القوة الحقيقية في المستقبل
معادلةُ البنك بالبنك والمطار بالمطار

بحث

  
نحو تدقيق مفهوم الوطنية والمواطنة
بقلم/ عبدالرحمن مراد
نشر منذ: 5 سنوات و 7 أشهر و 14 يوماً
السبت 20 إبريل-نيسان 2019 06:45 م



لكل مرحلة من تاريخ المجتمعات مفاهيمها الخاصة التي تؤطر طريقة تفكير الأفراد والجماعات , وتحدد هوية وطبيعة العلاقات بينهم , ولا تكاد تقتصر جدلية الفكر واللغة على إنتاج مفاهيم جديدة تستجيب للتحولات التي تطرأ على علاقة الفكر بالأشياء وبالعالم بل تعمل على تحسين المحتوى العام للمفردات وتحسين المفاهيم في اتجاه توسيع المحتوى الدلالي أو تضييقه أو تعديله بشكل من الأشكال .

وغالبا ما تلجأ المعاجم في عصرنا إلى التمييز بين الدلالات المتعددة لمفهوم واحد حسب المجالات والسياقات التي يوظف ضمنها , وتشمل حركة المفهوم كل مجالات الحياة وأفقها المعرفي في تعدد نشاطه وعلى رأس كل ذلك.. النشاط السياسي باعتباره أكثرها نشاطا وحركية وتحولا وصراعا , حيث يشكل المفهوم أداة أساسية وفعالة لترسيخ فكرة طرف او فصيل معين أو حزب بعينه وصل الى الحكم, ومثل ذلك يكون مؤقتا بحكم الصراع السياسي الذي في الغالب يكون مسلحا ولا يقوم على حركة تدافع الفكر بالفكر من أجل الحياة والبناء .

في اليمن ومنذ بداية تسعينات القرن الماضي بدأت حركة الانفتاح السياسي الذي تضافرت في تعزيز حركته ووجوده عدة عوامل دولية كانهيار المنظومة الاشتراكية , واقليمية حرب الخليج , ووطنية وتتمثل في تحقيق الوحدة الوطنية والسياسية بين شطري اليمن , دخلت عدة مفاهيم جديدة في القاموس السياسي اليمني كالوحدة , والتوافق , والتناوب , والشراكة الوطنية, والعدالة الانتقالية ,كما لوحظ الإقبال المكثف على توظيف بعض المفاهيم الجديدة كالحداثة , والتحديث , والديمقراطية , المجتمع , المواطنة , الحريات , حقوق الانسان ...الخ ومن اللافت للنظر أن توظيف تلك المصطلحات كان يتم دون نظر أو تدقيق أو حرص من أرباب السياسة أو جماعة صناعة الخطاب السياسي أو المؤسسات ومراكز الدراسات التابعة للمنظومة السياسية وقد ترك ذلك الإهمال ظلالا قاتمة على المفاهيم بعد الصراع الذي عاشته وتعيشه اليمن منذ عام 2007م الى اليوم الذي تشهد فيه انعقاد جلسات بعض نواب البرلمان في سيؤون والذي انعقد بالتزامن مع اجراء انتخابات تكميلية في الدوائر التي شهدت وفيات نوابها وكان ذلك في يوم السبت 13ابريل 2019م فالصراع يترك ظلالا قاتمة على المصطلح وقد يحدث التباسا بغية الوصول الى انهيار النظام العام والطبيعي وقد حدث ذلك من حيث يدري أرباب السياسة ومن حيث لا يدرون إذ أن الفجور في الخصومة السياسية يحدث انهيارا قيميا وبالتالي تهديدا واضحا للنظام العام والطبيعي دون مراعاة لأي اعتبارات إما عن جهل أو غباء سياسي مفرط أو التباس في مفهوم المواطنة .

ومفهوم المواطنة من المفاهيم الأكثر حيوية في حاضرنا ومفهومه اليوم غيره بالأمس فهو اليوم على غير المفهوم الذي كان في اعلان 1789م عند الثوار الفرنسيين وهو - أي مفهوم المواطنة - في كل محطة من المحطات التاريخية المهمة يتضمن بعدا دلاليا بعينه يعكس من خلاله حالة التطور في الفكر وفي صراع المصالح , أو يشير اليهما كما في الحالة الراهنة التي نعيشها في اليمن اليوم , فالنواب الذين تداعوا الى سيؤون مثلا يشعرون أنهم يمثلون أحزابهم وبالتالي يصبح الولاء الحزبي تحيزا يلغي مساحات واسعة من حرية الآخر وحقوق مواطنته , وقد تتسع تلك المساحات إذا كان ولاء النواب للدولة التي تمثل الكل وفق قيم وثوابت تم التوافق عليها من قبل الكل , فالمصلحة الحزبية غلبت مبدأ كلياً وهو السيادة الوطنية في الشأن اليمني مثلا , ولذلك فالنواب الذين اجتمعوا في سيؤون كانوا أقرب تمثيلا لصراع المصالح الذاتية والحزبية في ظل محك تأريخي يستدعي نضال البعض من أجل الكل .

لقد وصلنا الى مرحلة تاريخية فاصلة في اليمن لابد لنا من الوقوف أمامها بقدر واعٍ من المسؤولية الاخلاقية والمعرفية , فالصراع اليوم لم يعد صراعا عاديا بل يستخدم سيل المعلومات للوصول إلى أهدافه , وقد تكون أهدافه هدم المفاهيم وتغيير المصطلحات وتفكيك النظم المعرفية حتى يصل الخصم إلى حالة التيه , ولذلك فالانتصار في مثل معارك اليوم يبدأ من خلال ضبط المفاهيم وتحديد أبعادها النفسية والاخلاقية والمعرفية فهي محك القيمة الفردية والمجتمعية ومحك المواطنة الحقة من غيرها , كما أن السلاح التقليدي لم يعد كافيا وحده في إدارة المعارك فالفنون كما في الحالة التركية تدير مشروعا استعماريا توسعيا ناعما تستخدم الدراما فيه والسياسة والاقتصاد وها هي تتمكن من تثبيت قدمها في العمق العربي بطرق ناعمة فهي تتواجد في جزيرة سواكن بالسودان دون أن تثير ضجيجا وتتواجد بقطر بغباء قادة الصحراء العربية وتتواجد بالبحرين الاحمر والعربي برضى المجتمع الدولي , فالصراع اليوم ليس كما في أمسه فهو مختلف جدا , فالصراع والانتصار فيه يعتمد على قدرة الدول في توظيف الانفجار المعرفي بما يخدم مصالحها , ولذلك فبناء الفرد وتفجير قدراته وطاقاته من أهم الاستثمارات في هذا الزمن وذلك من خلال تحديد مفهوم الوطنية والمواطنة وفق قيم وأسس التطورات الحضارية الحديثة وبما يكفل مواطنا واعيا مستقرا نفسيا واجتماعيا من خلال توفر حاجاته البولوجية الاساسية ومن خلال شعوره بالعدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص وهي عوامل تعزز من الانتماء وتشد من العزائم لتفجير الطاقات بصورة ايجابية وليس سلبية . 
تعليقات:
    قيامك بالتسجيل وحجز اسم مستعار لك سيمكنكم من التالي:
  • الاحتفاظ بشخصيتكم الاعتبارية أو الحقيقية.
  • منع الآخرين من انتحال شخصيتك في داخل الموقع
  • إمكانية إضافة تعليقات طويلة تصل إلى 1,600 حرف
  • إضافة صورتك الشخصية أو التعبيرية
  • إضافة توقيعك الخاص على جميع مشاركاتك
  • العديد من الخصائص والتفضيلات
للتسجيل وحجز الاسم
إضغط هنا
للدخول إلى حسابك
إضغط هنا
الإخوة / متصفحي موقع الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان وآثاره نحيطكم علماُ ان
  • اي تعليق يحتوي تجريح او إساءة إلى شخص او يدعو إلى الطائفية لن يتم نشره
  • أي تعليق يتجاوز 800 حرف سوف لن يتم إعتماده
  • يجب أن تكتب تعليقك خلال أقل من 60 دقيقة من الآن، مالم فلن يتم إعتماده.
اضف تعليقك
اسمك (مطلوب)
عنوان التعليق
المدينة
بريدك الإلكتروني
اضف تعليقك (مطلوب) الأحرف المتاحة: 800
التعليقات المنشورة في الموقع تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر عن رأي الموقع   
عودة إلى مقالات ضدّ العدوان
مقالات ضدّ العدوان
د.عبدالعزيز بن حبتور
الرؤية الوطنية رد عملي على الافتراءات الإعلامية والأوهام السياسية
د.عبدالعزيز بن حبتور
عبدالله علي صبري
انقسام تكتيكي !
عبدالله علي صبري
شارل أبي نادر
هل بدأت عملية تحرير اليمن ودحر تحالف العدوان؟
شارل أبي نادر
ضيف الله الشامي
الصماد… شعب بل أمة
ضيف الله الشامي
أنس القاضي
المبادرات الوطنية للرئيس الشهيد صالح الصماد
أنس القاضي
عبدالفتاح علي البنوس
الشهيد الصماد.. فلتة عصره
عبدالفتاح علي البنوس
المزيد