حاوره/ أحمد عطاء / لا ميديا -
أن تتشبع بالروح الإيمانية الجهادية معناه أنك بلغت المقام الأعلى في جوهرك. وأن تمتلك القلب الرافض للذل والقهر فمعناه أنك حر. وأن تكون شاعرا أيضاً فمعناه أنك حويت مجامع القوة والبأس.
شاعرنا هو أحد الشعراء اليمنيين الكبار، فعمره الشعري يتجاوز الـ20عاماً.
وحينما يصل الشاعر إلى هذه المرحلة فاعلم أنه قد بلغ الذروة.
شاعر مؤسس لمدرسة شعرية جديدة تسمى «مدرسة التعميدة». وناقد مقتدر مجيد للغة الفارسية. سخر شعره لمواجهة أعداء الأمة فكان نداً حقيقياً ومختلفاً. لن أنصفه مهما قلت وكتبت، فهو غني عن الوصف والتقديم. إنه الشاعر الكبير حسن المرتضى.
3 دواوين وكتاب
أنت من أوائل الشعراء على الساحة الثقافية، ترى متى كانت بدايتك مع القصيدة؟
- كانت في العام 2000، ولكن أول ديوان صدر لي كان في أواخر العام 2008 بعنوان «فهارس الفراغ»، ثم ديوان «في مجموعة سماوات» في 2010، فيه بدأت مدرسة شعرية اسمها «التعميدة»، ثم توسعت فيها مع 3 من الزملاء في أواخر 2011 بمجموعة شعرية لنا الـ4 اسمها «أناجيل»، وكلها تعتبر تأسيساً لمدرسة التعميدة الشعرية. ثم كتاب نقدي شعري قانوني فلسفي اسمه «فكرة العدالة ما بين أهم فلاسفة الغرب القدماء وشعراء الجاهلية»، وهو يعتبر مرجعا في أكثر من عشرين مكتبة عربية ويعرض في أهم معارض الكتاب العربية ويباع إلكترونيا للمكتبات الكبيرة، طبع عام 2013 عن دار الوراق المصرية الأردنية.
اتجاه إجباري
لماذا يغلب الشعر الانشادي كثيرا على نصوصك؟
- في الأصل لم أتخصص في كتابة الأناشيد، فلدي كما قلت 3 دواوين وكتاب نقدي منشورة قبل العدوان منذ 2008، ولجوئي للقتال بالقصيدة الإنشادية اقتضته المرحلة، فإصدار دواوين نخبوية في هذه المرحلة لن يصل إلى أكبر شريحة مجتمعية، فكان سلاحي مؤقتاً هو الأنشودة، والسلاح الدائم هو القصيدة التي أسجلها بصوتي، وكذلك الدواوين التي أتمنى طباعتها، وليس فيها القصائد الإنشادية بل القصائد الكبيرة. الفراغ الكبير من شعراء الفصحى وتكبُّرهم تجاه الإنشاد دفعني لأملأ هذا الفراغ.
من هو الشاعر الذي يشبهك؟
- حسن المرتضى.
حماس القصيدة
ما الذي أضافه العدوان إلى القصيدة في داخلك؟
- الأحلام التي كنا نحلم بها في أول الألفية الثانية بدأت تتحقق بعد ثورة 21 أيلول وما قبلها، وإن كان العدوان جاء محاولا القضاء عليها، إلا أنه مثل أكبر دافع للاستماتة والحماس في الدفاع عن ثورة وسيادة أمتنا.
العدوان أضاف الحماس للقصيدة والابتعاد عن الرمزية التي كانت قصائدنا تمتلئ بها قبل الثورة وقبل العدوان، وأصبحنا في مرحلة إيقاظ الجماهير، لا مخاطبتهم بلغة رمزية ونخبوية لا يفقهونها.
بوصلة الشاعر
التشبع الإيماني ومعرفة ماهية القضية واتجاهاتها، ما مدى قيمتها لدى الشاعر؟
- تعد بوصلة أساسية، وبدونها سيضل الشاعر الطريق أو تتخطفه الإغراءات أو يتسبب في إيصال رسالة مشوهة ومنقوصة.
من هو الشاعر الذي تؤمن به؟
- من السابقين المعري، ثم البردوني ودرويش. ومن المعاصرين هناك الكثير من خارج اليمن، هناك شاعر عراقي عملاق اسمه أجود مجبل، وفي اليمن معاذ الجنيد وعبدالقوي محب الدين وإسماعيل مخاوي وأنت بالطبع. ومن الجيل القادم هناك أسماء واعدة أنتظر نضوج تجاربهم.
كيف كانت أول قصيدة كتبتها في حياتك؟
- كانت قصيدة دينية عن الإمام الحسين عليه السلام.
كثرة شعراء الزامل
لماذا لم نشهد لك زاملا رغم أن أناشيدك تتجاوز المائة؟
- في عام 2011 كتبت 3 زوامل عن الغدير، وزاملين عن جمعة رجب. حينها كان شعراء الزامل قليلين جداً، أما الآن فقد ظهر الكثير من ذوي الطراز الرفيع الذين يحملون القضية، ولهذا لم أدخل مجال الزامل، مع أن لدي ديواناً شعبياً من مدرسة التعميدة يجمع بين العمود والتفعيلة والنثر وأوزان جديدة، كله باللهجة الشعبية المحلية الدارجة، وكتبته عامي 2011 و2012، ولم أستطع نشره، ولم يكن المجتمع مهيئاً لسماع التفعيلة والنثر و... و... و... في الشعر الشعبي.
مشرط النقد
بعد زيارتك لطهران، ما الذي كتبته من شعر آنذاك؟
- زرت طهران مراراً، والتقيت مرتين بالسيد علي الخامنئي، واكتفيت بإهدائه ديوان «أناجيل»، أما ما كتبته هناك فكانت أول أنشودة فصحى ضد العدوان: «تهتز الأرض ولا نهتز». كان هذا قبل عودتي إلى اليمن. وكذلك سجلت عدة قصائد للإذاعات لم أستطع إيصالها للمعنيين في بداية العدوان، لذا لم تبث، وليس كما الآن أسجل قصائدي بصوتي وأرسلها وتبث في بعض الإذاعات. كما أن هناك قصيدة لي ترجمت إلى الفارسية ونشرت في صحيفة «كيهان عربي». وكذلك أنشودة بالعربية والفارسية عن العدوان على اليمن كتبت كلماتها بالعربي، والنص الفارسي للشاعر محسن رضواني، لحن وأداء ميثم مطيعي، أشهر رواديد إيران الشباب.
ما رأيك في مستوى الشعراء في هذه المرحلة؟
- هناك الكثير من فرضوا أسماءهم، وبعضهم أسس مدرسة خاصة به. والكثير غيرهم بحاجة لمشرط النقد لتقوية وتحسين مستويات ما يكتبونه. ولكن النقد الشعري غائب غياباً كلياً، وهذا يؤثر بشكل كبير.
العمري الرائع
من هو المنشد الذي تتمنى لو أنشد لك؟
- الحمد لله يمنيا سمعت كلماتي بجميع أصواتهم، بمن فيهم عيسى الليث في أنشودة «وقل اعملوا»، وغيره من كبار المنشدين. عربياً كنت أتمنى لو بقي مارسيل خليفة على خط المقاومة أو ماجدة الرومي، اللذان تخليا عن النضال، الخط الذي بقيت عليه جوليا بطرس. كذلك أتمنى أن أسمع قصائدي بصوت لطفي بوشناق وحسين الأكرف وباسم الكربلائي. كما أتمنى عودة المنشد الكبير والرائع عبدالرحمن العمري.
تكوين صوفي
أنت أحد رواد الشعر الصوفي النبوي. كيف استطعت أن ترتوي من نهر التجربة الصوفية؟! وبمن تأثرت؟
- قرأت كثيراً للحلاج وابن الفارض وابن شهاب الحضرمي والبراعي وشوقي والبوصيري وإسماعيل مخاوي وغيرهم. لكن التصوف النبوي الممزوج بالثورة والمرتبط بالأحداث تفرد به البردوني وتميم البرغوثي ومعاذ الجنيد. وأحبذ هذه المدرسة الأخيرة، فقطع الصلات عن الحاضر خطأ كبير. وكنت أنوي إكمال سلسلة البردة اليمانية، حيث كتبت 4 نصوص وأتمنى إكمالها.
يتكسبون من دماء أهلهم
ما هي رسالتك للشعراء المؤيدين والمنضوين تحت راية العدوان؟
- يحزنني كثيراً أن أرى بعض شعراء اليمن يتكسبون بدماء أطفال ونساء اليمن. كان شعراء العصور السابقة يتكسبون الدينار والدرهم، لكن مرتزقة شعراء اليمن يتكسبون جماجم وجثث أهلهم ويحرضون على سفك دماء أهلهم، وهذا والله وصمة عار لا يمحوها الدهر، وأقول لهم: راجعوا ضمائركم.
غياب اختياري
لماذا لا نراك في منصات الفعاليات والأنشطة التي تقام في الساحة الثقافية اليوم؟
- أشارك في الكثير من الفعاليات، وأعتذر عن بعضها بسبب دوامي في الصباح، فلا أستطيع الحضور، وبعضها لأسباب خارجة عني، تحديداً مع الذين يقترحون أسماء المشاركين.
هل هناك سؤال نسيت أن أطرحه عليك؟
- نعم، ما جديدك؟ وجديدي بإذن الله ديوان جاهز أنتظر صدوره.
كلمة أخيرة تريد قولها؟
- لست شاعر إنشاد، بل شاعر تعبت في تأسيس مدرسة التعميدة الشعرية، ولكن خلو الساحة من شعراء يكتبون الفصحى إنشادا جعلني أملأ الفراغ وأسرب جزءا من التعميدة من الشعر النخبوي إلى الشعر المجتمعي، كتجديد أوزان الشعر الإنشادي وتعدد أوزانه. وأتمنى من صحيفتكم، كونها رائدة ومنتشرة لدى معظم فئات المجتمع، أن تخصص مساحة أسبوعية للنقد الأدبي والشعري، فزمان لا يوجد فيه نقاد هو خطأ كبير. وفي الأخير تحياتي لك ولأسرة تحرير الصحيفة ولكل القراء الكرام.
- حسن شرف الدين المرتضى.
- من مواليد مدينة إب، 28/6/1983.
- ليسانس شريعة وقانون 2008م، ودرس في كلية الآداب جامعة صنعاء لمدة عامين.
- عضو اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، عضو مؤسس في منتدى وحي الأدبي ومؤسسة دمون الثقافية، عضو الجبهة الثقافية لمواجهة العدوان، عضو اتحاد الشعراء والمنشدين.
- له 3 دواوين مطبوعة: «فهارس الفراغ»، «فتاك الشقي»، «رواق جلجلة المجيء»، وكتاب بعنوان «فكرة العدالة ما بين أهم فلاسفة الغرب وشعراء الجاهلية».