كنت يوماً خارجاً من باب المسجد، وكان ذلك اليوم جمعة، والحشد كبير من المصلين. تفاجأنا أنا والمصلون بطقم أتى مسرعاً، وكانت زحمة، وإذا بشخص من على الطقم يصيح على صاحب الباص الذي كان يقف أمامه من شدة الزحمة، ويقول: «يا باص اطلع يا ابن كذا وكذا، اطلع»، والناس كلهم تنظر إليه. قال له صاحب الباص: «أين أسير شوف، قبلي كم سيارات»، تراجع صاحب الطقم للخلف ثم عاد وصدم الباص من الخلف، ثم عاد للوراء وصدمه مرة أخرى، ونزل صاحب الباص يقول له: قبلي سيارات انظر، هيا صلح الباص، هو حق الناس، فقفز الطقم من فوق الرصيف وذهب أمام حشد المصلين. لم أستطع التصوير إلَّا لمحة. لو كان شافني كان بايقتلني صاحب الطقم حينها.
أخذت صاحب الباص على جنب، وقلت له: أخي اذهب بالباص إلى الورشة، وأنا أدفع، لا تقلق.
رفض وقال: أمرهم إلى الله، كنا ننتظر منهم عدالة، وكان يقصد أنصار الله.
أخذت الهاتف وكلمت الرئيس الشهيد الصماد بما حدث وأرسلت له جزءاً من الفيديو. قال: إن شاء الله نجيبه الجمعة القادمة، نخلي صاحب الباص يلطمه أمام المصلين ليكون عبرة. هولا بيعيثوا على دماء الشهداء. قسماً إني سمعت حشرجة صوته وهو بيصيح ويقول اسمع والدعوة بيدعي ذا المسكين علينا.
وأضاف أبو الفضل: «قسماً ما تروح لهم». المهم أرسل أهم شخص يعتمد عليه ومقرب له، ونزلنا من الساعة الثامنة بعد المغرب حتى الواحدة ونحن ننتظر صاحب الباص في الخط عل وعسى نلقاه، وفعلاً دلنا واحد عليه، ووصل فجأة قلنا له يا أخي نحن مرسلين لك من الرئيس الصماد ومستعدين لإنصافك بما تريد، ثم أوقفناه وأتينا بجميع أطقم الأمنيين في المديرية ليتعرف على الطقم واحد تلو الآخر، حتى تعب، وقال خلاص اتركوني وبس. وتواصل أبو الفضل بأمنيي العاصمة أيضاً وقوم القيامة تلك الليلة، ولم يغمض له جفن. المهم أرضينا صاحب الباص وصلحنا الباص.
وبعد أسبوع كان الشهيد يتلفت يميناً وشمالاً أثناء ذهابه إلى العمل وأثناء عودته عله يرى ذلك الطقم، ورحمة من الله به، كان عائداً من العمل وفي جولة الساعة، رأى ذلك الطقم وعرفه لأن فيه مثل الماسورة السوداء قدام قبل الباب ممتدة إلى عند السقف قد رآها أبو الفضل في المقطع الفيديو.
رتبك فجأة ونزع وفتح الجفري يريد يطلق النار على الطقم، لولا المرافقين قالوا له إهدأ، بنجيبه لا تقلق. ثم اتصل بي، وقال: أبشرك مسكناه، قلت: من؟ قال: الطقم. ضحكت وفرحت من فرحه ورحمة به من التفكير في ذلك السائق الوغد. المهم نزلهم ورجع المنزل بدون مرافقين وتم اللحاق بالطقم حتى منزل أحد المشائخ، وتم أخذ الطقم ومن عليه من البلاطجة وإيداعهم السجن، وذلك الشيخ لم يكن من أنصار الله واسمه معروف، ولم يفرج عنه رغم الوساطات، وبعد أشهر قيل للشهيد الرئيس خلاص افرج عنه قال: عاد دمي بيحرق .
سلام ربي عليه، وآه يا حزناً يتجدد يا أبو الفضل، يا ضيف السنين العسيرة على اليمنيين، لم أرَ أصدق وأنصف وأعدل منك أخلاقاً وتواضعاً وشجاعة.