عُرّفت اليمن قديما ًبالعربية السعيدة، وذكرها الله في كتابه الحكيم بالبلدة الطيبة، وأرض الجنتين، وقامت الحضارات اليمنية القديمة معتمدة على الزراعة، فشيدت السدود والحواجز المائية، وبنت المدرجات الزراعية فحولت الصحراء إلى جنة ٍخضراء، والجبال إلى بساط ٍأخضر .
وتمتاز اليمن بموقعها الفريد، ومناخها المتنوع وتضاريسها المتنوعة، فهناك المناطق الجبلية والهضاب الداخلية، والسهول والوديان، والمناطق الساحلية، فهذا التنوع جعلها تجود بأنواع الثمار والمنتجات والمحاصيل الزراعية على مدى العام.
ولكن وللأسف الشديد، فخلال العقود الماضية لم تحظ الزراعة بالاهتمام من قبل دولة والحكومات المتعاقبة، بل لقد تعمدت الحكومات السابقة في تحويل اليمن من بلد زراعي مكتفي ذاتيا ً وخاصة ًالحبوب والقمح إلى بلد مستورد لكل أنواع الحبوب والقمح، فقد تم إهمال الزراعة، رغم انها مصدر أساسي ورئيسي من مصادر الاقتصاد لأي بلد.
وما يتعرض له شعبنا اليمني اليوم من حرب وعدوان وحصار اقتصادي يجعلنا نتوجه توجهاً جاداً نحو زراعة الأراض وخاصة زراعة الحبوب والقمح، بهدف كسر الحصار والوصول نحو الاكتفاء الذاتي ،وهذا ما تطرق اليه قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي خلال محاضراته الرمضانية وركز على الزراعة تركيزا ًرئيسيا ًداعيا ً المزارعين التوجه نحو زراعة الأرض، ومحذرا ًلهم من الاستخدام المفرط والمغلوط للمبيدات والسموم والأسمدة الزراعية المستوردة، والتي تقضي على النباتات والأشجار والمنتجات الزراعية ،وتقضي مع الزمن على خصوبة الأرض، وان نعتمد على الأسمدة الطبيعية المنتجة من مخلفات الحيوانات والتي كان يستخدمها آباؤنا والأجداد.
ونظرا ًلأهمية الزراعة ودورها في بناء الاقتصاد الوطني، والأمن الغذائي، وكسراً للحصار الذي يفرضه علينا تحالف العدوان، فقد أولت القيادة الثورية والقيادة السياسية الجانب الزراعي جُل ّاهتمامها، وذلك من خلال إنشاء المؤسسة العامة لتنمية وإنتاج الحبوب، وتخصيص جائزة الشهيد الصماد للإنتاج الزراعي، ومنع استيراد بعض المحاصيل والمنتجات الزراعية والتي تزرع في اليمن بكميات كثيرة ومنها التفاح والبن وغيرها من المنتجات الزراعية.
واليمن ولله الحمد تمتلك العديد من مقومات الزراعية، فهناك العديد من الوديان والقيعان التي تصلح لزراعة الحبوب ،لو تم زراعتها لاكتفينا ذاتيا ًوأصبح شعبنا يأكل من حبوب وقمح اليمن ،فلدينا محافظة الجوف والتي يوجد فيها وديان كبيرة مثل وادي خب ،ووادي الخارد ، واليتمة، وفي الغيل والزاهر وغيرها من الوديان الزراعية ذات المساحات الشاسعة، والتي يوجد فيها كميات هائلة من المياه الجوفية وتصلح لزراعة أجود أنواع الحبوب، ومحافظة حضرموت بوديانها وسهولها الواسعة، ومحافظة شبوة، ولدينا قيعان فسيحة تصلح لزراعة الحبوب مثل قاع الحقل في ذمار، وقاع البون في عمران والسحول في إب والتي للأسف هذه القعيان الزراعية غزاها البناء العمراني وشجرة القات، ولدينا دلتا تبن وأبين، والمناطق التهامية كلها أراضٍ زراعية.
فعلينا جميعا ًالتوجه للزراعة والاستفادة من مياه الأمطار وكمية السيول التي من ّالله بها خلال شهر رمضان المبارك والتي سقت البلاد وارتوت منها الوديان والسهول والقيعان، وعلى الدولة ترجمة خطابات وتوجيهات السيد القائد إلى أفعال والعمل على توعية المزارعين بأهمية الزراعة وخاصة ًالحبوب والقمح، وخطورة وأضرار المبيدات والأسمدة الزراعية، وعدم جني المحصول إلا ّبعد تمام نضوجه، وان يتم تنظيف وتعبئة المنتجات والمحاصيل الزراعية بطريقة صحيحة وسليمة تعمل على حفظ المنتج.
وان تقوم الحكومة بدعم المزارعين بالبذور المحسنة ،وتوفير الطاقات الشمسية للمزارعين بالتقسيط المريح، وأنظمة الري الحديثة ،وبناء السدود والحواجز المائية، وتوفير مهندسين وخبراء زراعيين لإرشاد وتوجيه المزارعين للزراعة بالطريقة الصحيحة والسليمة.
وأن يتم إيجاد بيئة استثمارية مهيئة في الجانب الزراعي ، مع الزام رأس المال المحلي ورجال المال والأعمال للتوجه للاستثمار في الزراعة وخاصة ًزراعة الحبوب ،وأن تكون الأولوية للتجار الذين يستوردون الحبوب والقمح من الخارج،
فالمهمة صعبة وكبيرة وتتطلب تضافر الجهود من الجميع قيادة وحكومة وشعباً، فبالزراعة نكسر الحصار ونتحرر من الاستعمار الاقتصادي، ونستقل بقرارنا السياسي.
وترجع اليمن سعيدة ًوخضراء ًوبلدة طيبة وجنة ٍخضراء كما عرفت بها قديما ً.