الرسالة التي جاء بها رسول الله محمد صلوات الله عليه وعلى آله هي رسالة إلهية لا مكان فيها للتطبيع مع اليهود والنصارى، والوحي الإلهي والكتاب السماوي الذي أُنزل على رسول الله محمد صلوات الله عليه وعلى آله وهو القرآن الكريم آياته وتوجيهاته جميعها ضد التطبيع مع اليهود والنصارى ومواقف ومعارك رسول الله محمد صلوات الله عليه وعلى آله في مواجهة اليهود في غزوة الأحزاب يوم الخندق وفي غزوة تبوك ومع يهود بني النظير وبني قينقاع وبني قريضه ليست فقط أعمالاً ضد التطبيع مع اليهود بل هي مواقف جهادية عملية إيمانية ومواجهة عسكرية وسياسية وثقافية مباشرة مع اليهود بقيادة رسول الله محمد صلوات الله عليه وعلى آله وبقيادة الإمام علي عليه السلام الذي ولاه رسول الله قيادة المعركة ضد يهود خيبر وخاض غمار المعركة معهم وهدم حصونهم وانتصر بفضل الله عليهم .
هذه الأحداث وهذه المعارك التي كانت في عصر رسول الله وبقيادته كفيلة بأن تصنع وعياً إيمانياً في نفوس أبناء الأمة الإسلامية في كيف يجب أن تكون نظرتنا لليهود والنصارى وكيف يجب أن يكون موقفها منهم اقتداء برسول الله محمد صلوات الله عليه وعلى آله الذي قال الله تعالى عنه “وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى”، وأمرنا بقوله تعالى “لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر” ،
واذا كانت مواقف ونظرة رسول الله إلى اليهود والنصارى قائمة على هذه التوجه بصفته امتداداً لولاية الله وخليفة الله في الأرض وقائد وقدوة المسلمين وينفذ توجيهات الله فهذا يعني أن علينا كمسلمين أن نتأسى برسول الله استجابة لله وعملاً بتوجيهاته في القرآن الكريم ، لأنه لو كان تطبيع العلاقات مع اليهود والنصارى شيئاً عادياً وليس فيه ضرر وخطورة على الإسلام والمسلمين لكان الرسول محمد صلوات الله عليه وعلى آله أول المطبعين معهم ولما خاض ضدهم الكثير من المعارك العسكرية إذا كان الله سبحانه و تعالى يخاطب رسوله محمد صلوات الله عليه وعلى آله قائلاً (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم) فماذا يعني ذلك بالنسبة لنا اليوم كأمة محمد؟
اذا كان الله يقول لرسوله أن اليهود والنصارى لن يرضوا عنه أبداً حتى يتبع ملتهم وهو الكامل في إيمانه وهو رسول للناس جميعاً ورحمة للعالمين فكيف بنا نحن المسلمين؟ كيف سيرضى عنا اليهود والنصارى وهم لم يرضوا عن رسول الله؟ مهما حصل من تطبيع للعلاقات معهم تحت عناوين ومسميات مختلفة فلن يحصل في نفوسهم أي رضى عن هذه الأمة ولا حتى عن المطبعين معهم لأن اليهود اشد الناس عداوة للذين آمنوا كما اخبر الله سبحانه وتعالى في سورة المائدة بقوله (لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود) ومن خلال هذه الآية لوحدها نخلص إلى نتيجة نهائية هي انه لا يمكن على الإطلاق أن يكون هناك علاقات ودية مع اليهود في أي مجال من المجالات لا علاقة سياسية ولا عسكرية ولا اقتصادية ولا غير ذلك لأن الله تعالى وصف عداوتهم للمؤمنين بالعداوة الشديدة وهنا نتساءل كيف يترافق مع العداوة الشديدة علاقات ودية؟ لا يمكن نهائياً.
ليس من المعقول ولا من المنطق أن ننظر إلى توجيهات الله تعالى في القرآن الكريم وننظر إلى مواقف رسول الله محمد صلوات الله عليه وعلى آله تجاه اليهود والنصارى عكس ما أمرنا الله ورسوله به نزولاً عند رغبة اليهود التي تهدف إلى أن تصبح هذه الأمة مخذولة من قبل الله وتصبح تحت رحمة من ضرب الله عليهم الذلة والمسكنة ، عندما يتحدثون عن ما يسمى بمعاداة السامية والعلاقات السياسية والاقتصادية والتعايش السلمي والحوار بين الأديان وغيرها من العناوين التي يتم الترويج لها وتعميمها والدعوة إليها عبر اليهود والنصارى وأوليائهم والتي لا علاقة لها بشريعة الله ولا بقيم الرسالة الإلهية التي جاء بها رسول الإسلام محمد صلوات الله عليه وعلى آله ثم يحصل من جانب البعض من أبناء امتنا استجابة بأي شكل من الأشكال فهذا يعني أن اليهود والنصارى خطيرون جداً إلى درجة انهم يعملون على حرف مسار الأمة عن توجيه الله تعالى الذي يقول (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم) يريدون أن نقع في سخط الله ومقته وأن نخسر الدنيا والآخرة وأن يكون حكمنا حكمهم وفق قول الله تعالى “ومن يتولهم منكم فإنه منهم”.
ولكيلا ينخدع المسلمون ولا ينزلقوا في مربع الخيانة والتطبيع مع اليهود والنصارى كما تفعل بعض الأنظمة الأعرابية عليهم أن يتعرفوا على شخصية رسول الله محمد صلوات الله عليه وعلى آله بالشكل الصحيح والسليم من خلال القرآن الكريم ويأخذوا الدروس والعبر من سيرته الجهادية النبوية وكيف كان موقفه من اليهود والنصارى فهو خاتم المرسلين للناس جميعا لكل زمان ومكان وهو القدوة للجميع وهو القائل صلوات الله عليه وآله (ما وافق القرآن فهو مني وأنا قلته وما لم يوافق القرآن فليس مني ولم أقله) ولا ينطق عن الهوى ولا يحيد شعرة عن توجيهات الله وتعاليم القرآن ولا يمكن أن يفسح المجال أمام أهداف وأطماع اليهود للتغلغل في جسد هذه الأمة وتحريف دينها والهيمنة عليها ولا يمكن أن يشرعن التطبيع مع اليهود باسم الإسلام وهو الذي جاهدهم بسيفه ولسانه وحذر منهم ومن خبثهم وعداوتهم ومكرهم وخداعهم وخطورتهم على الإسلام والمسلمين ولا يمكن أن يكون رسول الله محمد صلى الله عليه وآله في صف المطبعين بل هو ضد التطبيع مع اليهود ولو كان موجوداً بيننا اليوم لأمرنا بجهاد المطبعين ومواجهة اليهود والنصارى.