|
حروب القيامة على سوريا والعراق واليمن فشلت في تغيير مخطط يوم الله الأكبر
بقلم/ أحمد الشرقاوي
نشر منذ: 7 سنوات و 10 أشهر و 14 يوماً السبت 07 يناير-كانون الثاني 2017 09:41 م
الدارس لتاريخ صراع الحضارات منذ بداية البدايات سيخرج لا شك بخلاصة مفادها، أن منطقة الشرق الأوسط مهد الديانات ومهبط الرسالات كانت منذ الأزل ولا تزال، وستظل إلى يوم القيامة مصدر النزاعات وساحة الحروب بين قوى الخير والشر إلى أن ينتصر العدل على الظلم ويحل بالأرض السلام.
قد يقول قائل أن هذه رؤية لاهوتية لطبيعة الصراع الدائر اليوم في المنطقة، وهذا صحيح لأن الوجه السياسي للصراع يمتد من عقيدة إديولوجية راسخة تحكم توجهات القوى المتصارعة، لدرجة يصعب الفصل بين الديني والسياسي مهما حاول الدارس الموضوعي ذلك.
بدليل أن حرب العراق لم تكن من أجل النفط كما زعم المحللون، كما أن حرب الشام في لبنان وفلسطين بالأمس وسورية اليوم لم تكن من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان كما تم الترويج لذلك، أما حرب اليمن فلا علاقة لها بشرعية حكومة منتهية صلاحيتها ما دام هدف الحرب هو سرقة الشرعية من صاحبها الأصلي الذي هو الشعب اليمني المظلوم، ناهيك عن أن النظام الرجعي المجرم في الرياض هو آخر من يحق له الحديث عن الشرعية والديمقراطية وحقوق الإنسان.
لكن السؤال الذي يطرحه مشهد الصراع اليوم في المنطقة هو: – لماذا تم التركيز على تدمير العراق والشام واليمن لدرجة اتخذت الحرب فيهم وعليهم طابع الحرب الكونية؟..
الجواب نجده في رؤية “إسرائيل” لأعدائها الحقيقيين الذين تخشى من قوتهم إذا اجتمعت لأنه في ذلك سيكون نهايتها المحتومة في ما تسميه في أدبياتها اللاهوتية بـ”يوم الله الأكبر”، وهو خوف مستمد مما يبشر به التراث الإسلامي واليهودي والمسيحي حول الحرب الكبرى التي ستخاض في آخر الزمان بين المسلمين واليهود، وللنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم عديد الأحاديث الصحيحة التي تخبر بهذا الموضوع، لعل أخطرها ما يتحدث عن أجناد الشام وأجناد العراق وأجناد اليمن..
وحديث سماحة السيد عن وحدة الساحات بين العراق وسورية كان له وقع الكارثة في نفوس الصهاينة، لكن ما قاله عند انطلاق “عاصفة الإجرام” ضد اليمن من أن هذا الشعب المؤمن العظيم سيكون أول من سيرسل 100 ألف من مجاهديه أو يزيد حين تحين ساعة تحرير فلسطين أسكن الرعب في قلوب اليهود، وفهموا منه أن سماحته ينظر إلى الحرب التي تخاض ضد العراق وبلاد الشام واليمن، في إطار الرؤية الدينية للصراع التي تتبناها قلبا وقالبا “إسرائيل” وداعميها من قوات تحالف الشر في الغرب والمنطقة.
وبالتالي، فكل ما قيل عن “اقتصاد الحروب” لم يكن صحيحا إلا باعتباره هدفا ثانويا جاء بنتائج عكسية تماما، لأن الولايات المتحدة و”السعودية” على وجه الخصوص، وصلوا لدرجة الإفلاس بما أنفقوه من مليارات ومليارات الدولارات من دون أن يجنوا من وراء حروبهم العبثية فوائد سياسية أو اقتصادية تذكر، لأن الهزيمة وفقدان المصداقية ودخول عصر الأفول كان قدرهم المحتوم، ونحن نعيش اليوم العشرية الأخيرة لنفوذ إمبراطورية روما الجديدة، وما قرار دونالد ترامب بالانكفاء نحو الداخل إلا مؤشر قوي على ذلك.
*** / ***
وبالنتيجة، محور المقاومة يبدو اليوم أكثر ارتياحا بهذه التطورات المتسارعة التي يعتبرها نتاجا حتميا لحروبه ضد مشروع الظلام الذي كان يهدف بالأساس إلى إسقاط المحور برمته لما يشكله من خطر وجودي على “إسرائيل”، ولذلك يعتبر محور المقاومة الانتصار الذي سبق وأن بشر به سماحته انطلاقا من وعيه الديني قبل السياسي في لبنان والعراق وسورية وقريبا في اليمن، نصرا إلهيا يبشر بقرب قيام الساعة، ويمهد لمقدم الإمام الغائب وبعده المسيح عيسى عليه السلام..
هذا في ما أمريكا والغرب و”إسرائيل” والأنظمة الأعرابية العميلة تبدو أكثر حزنا وتوترا بسبب مرارة الهزيمة من جهة، وهول ما تبشر به من مخاطر قادمة ستعكس الصورة وتقلب المشهد رأسا على عقب لتنتصر رؤية الله للخلاص التي لم يستطيعوا تغييرها بتغيير وجه المنطقة لإقامة شرق أوسط جديد من كيانات هجينة ضعيفة متصارعة حتى لا تقوم للمسلمين قيامة بعد ذلك، وهذا هو سر معاداة إيران التي تعمل جاهدة من أجل تجسيد ذات الرؤية وتوجه بوصلة الصراع نحو “إسرائيل” والشيطان الأكبر الذي يدعمها.
اليوم، بسقوط حلب وقرب سقوط الموصل، وبالتالي سقوط المشروع الأطلسي المتمثل في”دولة الخليفة البغدادي”، سقطت الأسطورة وفقدت سحرها الاستقطابي لإشعال حروب دينية كما بشر بها القديس بول تمهيدا لمقدم المسيح عليه السلام ليخلص “شعب الله المختار” من المسلمين الأعداء، وهي ذات الرؤية التي روج لها حرفيا ثعلب السياسة الأمريكية هنري كيسنجر وحرض عليها حين اعتبر إشعال الفتنة السنية – الشيعية بين المسلمين هو المدخل لتفجير حرب دينية تدوم لعقود وتقضي عليهم بالكامل، وهذا بالضبط ما ظهر من سياسات أوباما خلال ولايته الأولى والثانية.
وهذا ما سيحاول تجسيده ترامب بطريقته التي لا نعرف عنها شيئا بعد، وقد مهد لذلك بإعلانه الكراهية للمسلمين، وطالب قبل يومين “إسرائيل” بالحفاظ على قوتها في انتظار استلامه السلطة مؤكدا أن أشياء كثيرة ستتغير في عهده لصالحها، ولعل الخطوة الأولى تمثلت في مشروع قانون جديد طرحه الجمهوريون يناقش اليوم في الكونجرس لنقل سفارة واشنطن من تل أبيب إلى القدس.
*** / ***
ومرد الإشكال في السياسة الأمريكية تجاه فلسطين، تكمن في المفارقة التي لا يحبذ الصهاينة من يثيرها حتى في النقاشات المغلقة، والمتمثلة في الخلط القائم بين الصهيونية كنزعة قومية واليهودية كديانة، مما يجعل حل الدولتين أمرا مستحيل المنال.
هذا الإشكال هو نتيجة التحايل الذي تم على وعد بلفور عندما تحدث عن “بيت قومي يهودي” في فلسطين للحفاظ على التقاليد الروحية لأنبياء بني إسرائيل، فاستبدل الوعد بـ”دولة إسرائيل” في عهد إمبراطورية روما الجديدة، ثم تحوّل فجأة إلى مطلب ملح لإقامة “دولة يهودية” لاقت رفضا من اليهود المعارضين أصلا لإقامة كيان سياسي يهودي يرون فيه نهاية لهم لأنه سيسرع بمقدم “يوم الله الأكبر” الذي تتحدث عنه نبوءاتهم.
وللتذكير، كان ألبرت أينشتاين أول من أدرك خطورة هذا التوجه فحذر منه وأعلن سنة 1938 ذلك بالقول: “إنه أكثر عقلانية في نظري التوصل إلى اتفاق مع العرب على أساس حياة سلمية مشتركة بدل إنشار دولة يهودية” وقد جاء هذا التحذير من منطلق شعوره بالنزعة اليهودية التي تصطدم بفكرة دولة يهودية لها سلاح ومشروع سلطوي زمني، الأمر الذي سيؤدي وفق رأيه إلى خسارة اليهود بسبب التعارض القائم بين النزعة الدينية الروحية والنزعة القومية المادية.
لكن بن غوريون مؤسس “إسرائيل” كان له رأي آخر عبّر عنه بالقول: “إني أعتبر يشوع هو بطل التوراة، إنه لم يكن مجرد قائد عسكري، بل كان المرشد، لأنه توصل إلى توحيد قبائل إسرائيل، بل هو الذي قتل الفلسطينيين وأبادهم”.. وقد استند بن غوريون في زعمه هذا إلى عديد النصوص التوراتية التي تقول بذلك، من بينها على سبيل المثال لا الحصر ما ورد في اقتحام أريحا: “وحرَّموا كل ما في المدينة من رجل وامرأة من طفل وشيخ حتى البقر والغنم والحمير بحد السيف.. وأحرقوا المدينة بالنار مع كل ما بها” (يش 6: 21، 24).. وغيرها كثير تقشعر منه الأبدان.
هذا تزوير متعمد للدين والتاريخ معا، إذ كيف يعقل أن يأمر الله الرحمن الرحيم نبيه يشوع بن نون بذبح الأطفال والنساء والشيوخ لإبادة الفلسطينيين وتدمير بيوتهم وحرق مدنهم ومزارعهم وحيواناتهم؟.. وكيف يمكن لليهود أن يحوّلوا رب العالمين إلى طاغوت دمويّ يستبيح من أجلهم جميع الأمم ليلبّي رغباتهم الدموية فيسعدون؟..
إن مثل هذا التزوير لتعاليم السماء وغيره كثير، هو من أعطى الجيش الصهيوني الجبان المبرر الشرعي لإبادة الفلسطينيين دون رحمة لأنهم من الأغيار، وهي ذات المرجعية الدينية التي اعتمدتها الوهابية وجسدتها واقعا على الأرض خلال احتلالها لشبه الجزيرة العربية، وهي ذات ثقافة الزبالة التي تنشرها اليوم في العالم أجمع تحت مسمى العقيدة الوهابية التي أنتجت “القاعدة” و”داعش” وأخواتهما.. لذلك لم يجانب الصواب الإمام الخميني رحمه الله حين قال أن “إسرائيل” و”السعودية” وجهان لعملة واحدة.
*** / ***
قبل أيام، خرج علينا أحد أقلام إعلام الزيت ليتساءل عن السبب الذي يجعل الحوثيين في اليمن يرفعون شعار الموت لـ”إسرائيل” برغم بعد بلدهم عن فلسطين (؟؟؟)، وبعد قراءة تعسفية للأوضاع في اليمن، وصل إلى نتيجة مخيفة تقول أن الحوثيين تحولوا إلى ذراع لإيران التي تحضرهم لحروب القيامة مع “إسرائيل”، ومعظمهم يعترف أن انتصار “السعودية” في اليمن أمر مستحيل، لكنهم ينصحون ‘آل سعود’ بالبحث عن مخرج مشرف ينهي الحرب من دون أن يكون هناك ارتباط بين اليمن وإيران.. وهنا تكمن المعضلة، لماذا؟..
لأنهم اكتشفوا متأخرين، أنه في الوقت الذي كانت “السعودية” وحلفها يحاربون”المتمردين” في اليمن، كانت الحكومة “الانقلابية” في صنعاء تقوم بتغيير مناهج الدراسة والتعليم وتفرضها على عديد المحافظات الخاضعة لها، بحيث يتم استبدال مناهج التعليم الوهابي “الصحيح” وفق زعمهم، بمناهج الإسلام الشيعي “المنحرف” وفق ادعائهم، وذلك من خلال طرد ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب والبخاري وأبو قطيطة وغيرهم، وأن على “السعودية” فعل شيئ قبل أن تتحول المدارس في اليمن إلى ثكنات عسكرية للحرس الإيراني.
لكن ما لا يقوله هؤلاء، هو أن من نشر الفكر الوهابي والسلفي المتطرف في اليمن بمساعدة حزب الإصلاح المنتمي لتنظيم الإخونج هي “السعودية” منذ سبعينيات القرن الماضي كما فعلت في مختلف أصقاع الأرض عبر بناء المساجد وتمويل الدعاة وطباعة زبالة الثقافة الوهابية، وكان عملائها يجندون أطفالا في عمر الزهور ليضللوهم بأفكارهم المسمومة وفي نفس الوقت يدربونهم على القتال تحت زعم “الجهاد”، واستقطبوا عديد الطلبة من تونس والجوائر وغيرها وصرفوا لهم المنح والمساعدات لعوائلهم كي يتحولوا إلى جند في خدمة ‘آل سعود’ والصهاينة اليهود، ومؤخرا نشر موقع العهد معلومات خطيرة عن الموضوع من مصادر يمنية عليمة.
وهذا يقودنا لخلاصة غاية في الخطورة مفادها، أن عاصفة الإجرام على اليمن لم يكن الهدف منها لا النفط ولا باب المندب ولا من يحزنون، بل الهدف الأساس هو تحويل اليمن إلى أكبر قاعدة لتفريخ الإرهاب الدولي العابر للحدود والقارات في إطار المشروع الأمريكي للهيمنة على العالم بسلاح الإرهاب، وبالتالي، كان يفترض أن يصبح اليمن بعد تحريره من جيشه وقواته الشعبية المقاومة أكبر مفرخة لصناعة الإرهاب في الأرض، من خلال إقامة مدارس عبارة عن ثكنات عسكرية كما كان الحال في عهد النازية، لتدريس اليمنيين صغارا العقيدة الوهابية وتدريبهم على فنون الذبح وكل ألوان التوحش، وتعليمهم كيف يصنعون المتفجرات وكيف يخوضون حروب العصابات، بحيث يقوم كهنة آل سعود بتولي الجانب النظري فيما تقوم بلاك ووتر بتولي الجانب العسكري.
*** / ***
هذا المشروع الإجرامي الكبير الذي يتهدد البشرية جمعاء وليس اليمن فحسب، هو الذي تروج له “السعودية” تحت عنوان “مكافحة النفوذ الإيراني” وتدعمه واشنطن بذريعة أن “إيران تهدد الأمن والاستقرار في المنطقة”.
لكن هل إيران هي من تهدد الأمن والاستقرار وتنشر الطائفية في المنطقة وتفرخ الإرهاب الذي يهدد العالم اليوم؟..
الجواب نجده واضحا جليا في الوقائع التالية التي نطرحها بالمناسبة من باب التذكير لمن تهمه معرفة الحقيقة:
بعد توقيع الاتفاق النووي مع إيران صيف 2015 ، بعث 200 جنرال أمريكي متقاعد برسالة إلى الكونجرس يحثون خلالها المشرعين على رفض المصادقة على الاتفاق معتبرين أنه يهدد الأمن القومي الأمريكي، وكان من أبرزهم الجنرال “توماس ماكينزي” النائب السابق لقائد القوات الأمريكية في أوروبا والذي يكنّ عداءا كبيرا للثورة الإيرانية ويعتبرها تهديدا استراتيجيا لمصالح أمريكا ووجوديا لـ”إسرائيل” في المنطقة، وبالمناسبة، هذا الجنرال الصهيوني هو من طرح مشروع قانون نقل سفارة واشنطن من تل أبيب إلى القدس الذي يناقشه الكونجرس اليوم.
وقد برر الجنرال ‘ماكينزي’ حينها احتجاجه على الاتفاق النووي بالقول: “ما لا أحبه في الاتفاقية أننا نساعد من خلالها الإيرانيين، القادة الكبار للراديكالية الإسلامية في الشرق الأوسط وفي كل أنحاء العالم، على امتلاك الأسلحة النووية”.
وعلى إثر هذا الجدل المفتعل، كتب المعلق الأمريكي الشهير “توماس فريدمان’ في “نيويورك تايمز” مقالا ناريا هاجم فيه الجنرال ‘ماكينزي’ قائلا “آسف يا جنرال، إن لقب (تجار الراديكالية الإسلامية) لا يمت للإيرانيين بصلة، لأنه صفة السعودية بامتياز، وهي حليفتنا المعتبرة”، مذكرا إياه بأيادي ‘آل سعود’ الملطخة بدماء الأبرياء في أحداث 11 شتنبر/أيلول 2011 .
لكن وهذا هو بيت القصيد، فقد ذهب فريدمان بعيدا في كشف المستور حين قال: “ليس هناك شيئا كان مدمرا لاستقرار واعتدال العالم العربي والإسلامي بشكل عام أكثر من مليارات ومليارات الدولارات التي استثمرتها السعودية منذ سبعينات القرن الماضي من أجل محو التعددية في الإسلام – نسخ الصوفية والشيعة والسنة المعتدلين – وفرض نسخة سلفية وهابية معادية للحداثة والمرأة والغرب نشرتها المؤسسة الدينية السعودية”، مضيفا، إن “هذه الجماعات السنية الجهادية خرجت من رحم الوهابية، وهي التي تقوم السعودية بحقنها في المساجد والمدارس من المغرب إلى باكستان وأندونيسيا”.
واختتم الكاتب مقالته باتهام الولايات المتحدة بـ”الإدمان على بترودولار السعودية، والمدمنون لا يقولون الحقيقة عن من يبيعهم المواد المخدرة”، فيما قال عن إيران، أن “لها طموحات حقيقية لكنها عقلانية، وأنها لا تشتري الكلام التافه الذي يقول أنها مصدر عدم الاستقرار في المنطقة”.
ومن مفارقات التاريخ، أن الرئيس أوباما المعجب بكتابات فريدمان، اضطر أخيرا في مقابلته المطولة مع مجلة “أتلانتيك” من تبرئة إيران من الإرهاب واتهام “السعودية” بنشر التطرف والإرهاب في المنطقة والعالم وصولا إلى أندونيسيا، محملا “السعودية” مسؤولية الحروب بالوكالة التي عصفت بالمنطقة نتيجة الصراع الإيراني – السعودي على النفوذ في العراق وسورية واليمن، وواضح أنه وبسبب فشل ‘أل سعود’ في المهمات التي أوكلت لهم في العراق وسورية واليمن، لم يجد أوباما من مخرج لمعضلته غير اتهام المهلكة لتبرئة نفسه حتى لا يتهمه التاريخ بالإجرام..
*** / ***
وفي الختام، لا يسعني أن أقول إلا.. إن أخطر ما يتهدد الأمة اليوم ليس “إسرائيل” أو “السعودية” أو أمريكا وحلفها الأطلسي أو هم جميعا، خصوصا بعد أن أثبت محور المقاومة قدرته الجبارة على مواجهة الأعداء مهما بلغت قوتهم بالحروب المباشرة والناعمة سواء وانتصر فيها بفضل من الله وعونه..
بل إن أخطر ما يتهدد الأمة هو ثقافة الزبالة التي أنتجت هذا الطاعون المركب المسمى اليوم “إسرائيل” و”السعودية” والذي أعطى ما أصبح يعرف بالصهيونية اليهودية والمسيحية والعربية وأدى إلى كل ما نشهده من نزاعات وحروب وويلات ومآسي.
وهو نتيجة طبيعية لمحاولة قوى الشر استغلال الدين في السياسة لتوليد حقائق مزيفة يصبغون عليها نوع من القداسة حتى تظل خارج مشرط النقد من خلال التفكيك والتحليل والمراجعة، سواء بالنسبة للعقيدة اليهودية أو العقيدة الوهابية..
وهذا ما يعرف في الإسلام بإنتاج “البدع” لتضليل الناس وتدجينهم وإخفاء الحقائق عنهم، ولا سبيل للخروج من هذا الواقع الرديء الذي تعيشه الأمة اليوم إلا من خلال إعادة قراءة القرآن بعيدا عن التراث كما كنت أطالب دائما، لأنه الطريق الوحيد المؤدي إلى إعادة إنتاج المفاهيم الصحيحة التي على أساسها نستطيع وضع مناهج تعليمية جديدة في المجال الديني لبناء أجيال المستقبل..
دون ذلك.. على الأمة السلام، لأن المراجعات التي تتم اليوم في مجال التعليم الديني بضغط من “إسرائيل” وأمريكا والبنك الدولي لتلغي آيات الجهاد والقتال والعدل والميراث وعديد تعاليم القرآن ستؤدي حتما إلى خراب الأجيال وتحويلها إلى كائنات هلامية بلا روح ولا معنى. |
|
|