أقوى من جميع الأسلحة العسكرية بما فيها الأسلحة النووية والجرثومية والقنابل العنقودية والصواريخ الذكية، وأقوى من الطائرات العسكرية المختلفة بل اقوى من جميع الأسلحة الأخرى المادية والمعنوية وغيرها، لأنه هو المعنى الحقيقي للقوة وبغيره مهما امتلك هذا أو ذاك من أسلحة فهم لا يزالون في دائرة الضعف، إنه (التوحد) ولمّ الشمل وتوحيد الصفوف والاعتصام بحبل الله جميعا، التوحد هو القوة التي لا تقهر ولا تهزم وهو القوة التي تتغلب على الأعداء وتحبط مخططاتهم وتهزمهم في مختلف ميادين الصراع، وهو القوة الحقيقة التي تصنع الانتصارات والمتغيرات فما بالك عندما يكون التوحد والاعتصام في مواجهة أعداء الله يحظى بتأييد وتدخل إلهي فيمثل اقوى سلاح نفسي ومعنوي وإيماني في ميدان المعركة مع الطواغيت والمعتدين والمفسدين في الأرض.
الدول الغربية التي تتحالف مع أمريكا على الرغم مما بحوزتها من أسلحة عسكرية، وعلى الرغم من حجم ثرواتها الاقتصادية تعرف أن التوحد قوة، وانه هو الذي سيجعلها تحقق أهدافها الاستعمارية وان أسلحتها العسكرية الحديثة عاجزة وضعيفة اذا لم تكن في اطار معركة موحدة تحت قيادة واحدة وأهداف موحدة، ولهذا يعملون بشكل جماعي رغم ما يمتلكون من إمكانيات لأنهم ضعاف بكل ما تعنيه الكلمة وعندما يتوحدون يشعرون بالقوة الحقيقية ويحققون الإنجازات، ولو تمت مواجهتهم والتصدي لهم من قبل هذه الأمة في فلسطين ولبنان والعراق وسوريا واليمن وإيران وغيرها من الدول الإسلامية بشكل جماعي وموحد كما يريد الله لما تمكنوا من فعل أي شيء ولكانت الهزيمة هي التي تنتظرهم في كل مكان وفي كل زمان وفي كل معركة.
مؤامرات الأعداء بمختلف انتماءاتهم ومسمياتهم ومناطقهم ضد هذه الأمة مؤامرات موحدة ومجمع عليها ويتحركون بكلهم لتنفيذها رغم أن واقعهم الداخلي المجتمعي والسياسي والثقافي والفكري ممزق ومشرذم ومنقسم ولكنهم في صف أمريكا وفي خدمة إسرائيل في خندق واحد ضد هذه الأمة، يحشدون ويعملون ويتحركون وفق أهداف ومخططات استعمارية تستهدف هذه الأمة سياسياً وامنياً وعسكرياً واقتصادياً، وفي مختلف المجالات يوحدون صفهم وعملهم ويبذلون قصارى جهدهم بينما أبناء هذه الأمة المستهدفة في مختلف الشعوب والبلدان من قبل الأمريكان والصهاينة وحلفائهم وعملائهم لا يزالون في حيرة من أمرهم، أو بمعنى أدق لم يأخذوا العبر والدروس ولم يعملوا بجد على توحيد صفهم لمواجهة الهجمة الشاملة التي تستهدفهم وكأنهم يمنحون العدو فرصة للنيل منهم.
توجيهات إلهية لهذه الأمة سطرها القران الكريم جميعها تدعو إلى التوحد والاعتصام ونبذ الفرقة والاختلاف (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ) (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ)، هذه الآيات وغيرها تخاطبنا جميعاً كمسلمين في كل دولة من دول العالم والاستجابة لها واجب ديني والإعراض عنها معصية فما بالك عندما يكون الواقع كما هو عليه اليوم، هجمة شاملة على هذه الأمة من اليهود والنصارى والمنافقين ولا يزال التفرق هو السائد في أوساط هذه الأمة ، مع أن الواقع يفرض علينا جميعاً كمسلمين أن نتوحد حتى لو لم يكن هناك دين ولا قرآن، لأن الأعداء يجتمعون لحربنا والهيمنة علينا واحتلال بلداننا بل وقتلنا ونهب ثرواتنا واستعبادنا ونحن أحوج ما نكون إلى الوحدة والاعتصام للتصدي لهم وإفشال مخططاتهم ومؤامراتهم.
من الأشياء التي لا جدال فيها هي أن القوة لله جميعا ومن قوة الله تعالى تُستمد القوة، ولكن السبيل إلى القوة لا بد أن يأتي من مصدره الصحيح فالإيمان الصادق بالله يمنح صاحبه القوة ، والعمل بتوجيهات الله والجهاد في سبيل الله يتطلب القوة المعنوية والمادية، ومن اهم عوامل ومقومات القوة هو التوحد والاعتصام بحبل الله باعتباره اهم عناصر القوة، وحين تتوفر هذه العوامل جميعها يمنح الله الأمة القوة الخارقة والانتصارات الكبيرة ويمكنها في الأرض ويدفع عنها الشر على أيديها بالتأييد من الله ، وكيف لا والله تعالى يقول ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين؟ هكذا بشكل جماعي قرن العزة به تعالى وبرسوله وبالمؤمنين جميعهم، ولم يقل بمذهب أو طائفة من المؤمنين بل قال وللمؤمنين، ولا يمكن أن تكون القوة والعزة للمؤمنين وهم في حالة تفرق وتشرذم ولن يكون الله معهم وما أحوج الأمة الإسلامية في هذا العصر إلى الاعتصام بحبل الله والتوحد الشامل ثقافياً وعسكرياً وسياسياً وامنياً واقتصادياً وفي بقية نواحي الحياة، لكي تستطيع أن تواجه أعداءها وتتصدى لهم وتتغلب عليهم قبل أن يتغلبوا عليها ويكون التفرق سبباً رئيسياً في هزيمتها واستحكام قبضة أعدائها عليها.